... ومن قال إن صبر البهلوان قد نفد؟!
فها هو منذ انطلاق الثورة على الفساد في لبنان يسحب الأرانب من قبعته السوداء اللامعة الواحد تلو الآخر.
فمن جنوب لبنان إلى شماله تتنقل مسرحيات الكوميديا السوداء ومن تقاطع طرق لآخر يتقاذف اللبنانيون الاتهامات في العلن ويكذبون ثم يكذبون في الخفاء.
المشهد السريالي الذي ينام عليه لبنان في كل ليلة يبرز نقاطاً غاية في الأهمية والخطورة ويدحض مزاعم كثيرين عن سيطرتهم على الشوارع وشارعهم بالتحديد!
إذا كان حدث مصور منذ أيام استطاع تحريك ما كان يعرف إبان الحرب الأهلية بخطوط التماس بين منطقتي الشياح وعين الرمانة وكادت الأمور تنفلت من عقالها فعلى ماذا وعلى أي وعي يراهن اللبنانيون اليوم؟
المشهد العام في لبنان أمس وفي دقائقه رسائل وُجهت من طرف لآخر ومن فريق لفريق حليف وآخر معاكس كادت تودي بالسلم الأهلي في لبنان لو كان لدى ما يعرف بالطابور الخامس أوامر أو أدنى رغبة في إشعال صراع مسلح في أي درجة كان وفي أي منطقة , أما البهلوان ... فمازال يتربص بلبنان الدوائر ويقحم نفسه في ما لا يعنيه ويتلطى بجهد الثوار في الساحات لتحقيق مكاسبه الضيقة ولا ترى من وعي يذكر إلا من قبل أولاءك المواظبين في الساحات على تصحيح المفاهيم لدى المعظم اللبناني ومحاولة إخراجه من العباءة الطائفية البغيضة الضيقة التي دفع لبنان ما دفع على مدى سنوات لصيانتها والمحافظة عليها وللأسف لمصلحة زعماء الزواريب الذين يتكرر ظهورهم في الشوارع بين يوم وآخر منذ انطلاق ثورة لا تستهدف احدا منهم الا إصلاح البلاد فينطبق عليهم قول الله وقوله الحق ويحسبون كل صيحة عليهم.
الشياح- عين الرمانة، أسماء مخيفة بالنسبة للبنانيين فماذا أراد من من استجاب دون أدنى وعي لمشهد مصور قبل فترة يتم فيه التعرض لأمين عام حزب الله حسن نصر الله؟
هل أراد أن يقول المقولة التي دمرت لبنان لخمسة عشر عاما في الماضي فلتكن الحرب ولينتصر الأقوى؟
وماذا أراد من حمل العصي في عين الرمانة ورمى الحجارة باتجاه الشياح أن يقول؟ نفس العبارة؟
أنتم على آخركم تلعبون بالنار!
بعد الشويفات وخلدة والشياح وعين الرمانة تأتي بكفيا لتظهر انعدام الوعي وادنى حدود المنطق لدى شريحة من اللبنانيين تدعي الحرص على الوطن وتدعى الإدراك الواسع والتاريخ العريق في مواجهة الظلم بالتوجه بسذاجة مطلقة نحو منطقة نفوذ رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل فهل من المنطق في شيء تنظيم عراضات في منطقة تدين بالولاء للرجل وعائلته منذ عقود؟!!ولو كان قراراً نهائياً بالمواجهة حتى النهاية لفهمنا الفكرة من خلف التصرف!وهذا مثال فقط.
من يحرك الشارع؟
إن خارطة تنقل الأحداث من منطقة الى أخرى لا يدع مجالا للشك بحرفية البهلوان صاحب تلك القبعة اللامعة السوداء والتي تتسع للكثير من الأرانب، لكنها سوداء.
والدليل أن الانتباه فجأة لوجود مكتب للتيار الوطني الحر في طرابلس وعلى أمتار من ساحة النور ساحة الاعتصام الدائم هناك، الانتباه إلى وجود مكتب للتيار الذي يعتبره اللبنانيون من سادة الفساد والفشل منذ بداية تسلط التيار على الحكم في لبنان كما يعتقد كثير من اللبنانيين.
ومحاولة إحراقه أو إحراق العلم المرفوع للتيار على شرفة مقر مهجور يوضح بشكل جلي قدرات ذلك البهلوان فالطرابلسيون في الشارع منذ بداية الثورة والمقر المذكور في مكانه منذ سنوات فلماذا الآن تشتعل المواجهات عندما منع الجيش المتظاهرين من احراق المقر؟!الطرابلسيون الذين أكدوا أثناء المواجهات أن من يواجهون الجيش ليسوا ممن كانوا في ساحات الاعتصام فمن هم إذاً؟!
إنهم ببساطة شديدة أرانب البلهوان، أكثر من 17 جريحاً في طرابلس في أقل من ساعتين هذا رقم كبير جدا لم نشهده حتى في أحرج الظروف على جسر الرينغ في بيروت في تلك الليلة التي يجمع اللبنانيون على خطورتها وأنها "قطوع ومر".
هكذا يتقن صاحب القبعة السوداء ألعاب الخفية .
من منطقة إلى أخرى، من تقاطع الى آخر,الغام صاحب الوجه الضاحك مزروعة وتستهدف الجميع إذا ما تمادى اللبنانيون في الانجرار إلى الهاوية فلن يكون أحد منهم بمعزل عن التكاليف واولهم من يدعي قدرته على عزل نفسه ومناطقه عن ما يسميها مؤامرة.
الكل في لبنان عليه أن يفهم، أنه لا يوجد من ينقذه إذا تكررت مشاهد العنف في الشوارع وأنه أمام تحدٍ اقتصادي لا تنفع معه العراضات والتراشق بالحجارة والهتافات الطائفية البغيضة التي لا أرى لها مكانا في ما يدور في لبنان ولا أفهم معنى استخدامها إلا كمؤشر على خوف البعض اللبناني من الآخر.
لبنان على مفترق فإما موقف من العقلاء لاستحداث سبل للنجاة وإما الانجراف عرائزياً نحو الهاوية.