من السذاجة الاعتقاد ان هناك تقبلا من الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان لما يدور في ساحات لبنان .
ففي اليوم الثاني والعشرين للثورة فإن الصمت والاحتجاب عن الاعلام مرده حالة من الارباك يعيشها هؤولاء.
إن الساحات في لبنان أثبتت بما لا يدع مجالاَ للشك أن كل الاتهامات للثورة بتلقي الدعم من سفارات او ما شابه سقطت حتى الآن وأدت بمن حاول اشاعة اجواء وافكار معارضة للثورة الشعبية ضد الفساد في لبنان الى خسارته لثقة شرائح واسعة من المجتمع اللبناني كانت في مراحل عدة مؤيده له ولو بنسب متفاوتة ومتفقة معه على ثوابت وطنية اخل هو بها ولم تخل الجماهير بها .
في بلد مثل لبنان متعدد الطوائف متشابك الافكار والتوجهات والمصالح والارتباطات الى هذا الحد لا يمكنك ان تتهم ثورة شعبية بالتعاوون مع الخارج فيما تعاونك ظاهر وواضح ومعلن فكيف تشرع لنفسك ما تحرم منه الآخرين هذا اذا كانت الثورة تتلقى اي من انواع الدعم من الخارج بالاصل. في قراءة سريعة لما يدور في شوارع لبنان يظهر جليا ان مخاوف الناس تلاشت وان شبح الطائفية تبخر وان الذين يحاولون تشويه ثورة الناس البسطاء باتوا مشوهين في نظر الناس وهذا ما عملوا على تجنبه.
على مدى عقود في ساحات لبنان تسحب الذرائع من النافخين في كير الفساد المعلَنين والمتلطين بستائر مختلفة الاشكال والالوان ووعي الشارع ربما ما احدث المفاجأة الكبرى في عيون من تربعوا علنًا على عروش المصالح ومن تربعوا في الظلال,إلا أن مطية الطائفية في لبنان لم تعد توصل مستخدميها الى اي مكان .
عندما يكون الشباب في الشارع وهم يفهمون ويعلمون بالشكل وبالمفرات ومن العبارات المستخدمة
ويكشفون من يحاول دس السم في العسل في الساحات ويلفظونه ويغلقون عليه الطريق
ويحرمونه مما كان يمارسه لسنوات من كذب وخداع ولعب على وتر الطائفية في بلد انهكته حيتان المال والفساد واستغلال السلطة دون اي مراعاة لحقوق او خدمات حتى لناخبيهم.
ولو ان جزءا من المسؤولية يقع على عاتق الناخبين لكن يمكن ان تفهُم لعبة الانتخابات وهذا بحث آخر وما يحتاجه البلد فعليًا كشرط لنجاح التغير.
إن مشاركة المناطق المختلفة في لبنان في ثورة تمناها اللبنانييون دائما يُظهر حجم الحنق من الناس على الطبقة السياسية الى ان تحركت مناطق كانت محسوبة على تيارات سياسية تدعي السيطرة على شارعها وهو بالمناسبة اعتقاد خاطيء,
فالاحوال فإن الشارع اثبتت اليوم انه ليس ملكية خاصة لأحد وأن لديه من الوعي والادراك وامتلاك زمام المبادرة ما يخوله الاختيار والطلب وكشف عورات أصنام السياسية في لبنان والى الابد.
الوضع في لبنان اليوم اشبه بولادة وطن جديد ولكل اللبنانيين لكن حتى تحقيق ذلك على اللبنانيين
تحقيق اقصى درجات الوعي والانتباه الى ما يحاك لهذا الحراك الشعبي في الغرف السوداء التي يتهم فيها البعض الثورة والثوار بالانتماء اليها.
لم تتأخر الجهات المتوجسة من الثورة وكأنها قامت ضدها,في محاولات تشويه الحراك وبأساليب قذرة فما لا يعرفه كثيرون ان هذه الجهات تطلق يوميا كم هائلا من الشائعات وحتى الاخلاقية على المشاركين في هذا الحراك الشعبي في محاولة لفض الناس من حوله.
إن ابتعاد الثائرين في لبنان عن الشحن الطائفي وتقبلهم لمن يتحدث اليهم ولو كان ضد رؤيتهم للبنان المستقبل من اهم شروط نجاح هذه الثورة , وقد حاولت شخصيات سياسية فتح قنوات مع الثوار وتقديم وعود بمشاركة ممثلين عنهم في حوارات مع الدولة اللبنانية الا ان هذه الحاولات باءت بالفشل
بفضل وعي الشبان للأساليب التي خبروها جيدا من طبقة حاكمة استغلتهم ابشع استغلال على مدى سنوات
اليوم ليس هناك ما يدل على ان هذا الحراك سيتوقف دون تحقيق اهدافه المتمثلة بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين وتشكيل حكومة تكنوقراط او تكنو سياسية في احسن الاحوال وهو الامر الذي لم يعلن الحراك قبلوه بها بوضوح حتى الان خلال نقاشات تدور في الساحات مع الصادقين من الشخصيات ومع من يحاول الالفتاف على الحراك من خلال النقاش في الساحات على حد سواء.
ان المرحلة المقبلة اقتربت من التشكل وحتى ولو لم تدخل صفوف من لم يشارك في الحراك بعد من القواعد الشعبية المستغلة بدورها من الطبقة السياسية فالاصوات ترتفع من هنا وهناك لرفض بعض الشخصيات التي يفرضها قادة تيارات معينة على جماهيره.
لبنان من الشمال الى الجنوب في الشارع , نعم وهنا تكمن خطورة المرحلة بالنسبة للوراثة السياسية في لبنان من الشمال الى الجنوب كلمة تقض مضاجع كثيرين في لبنان من الذين ظنوا ان لبنان ساحتهم الخلفية ومزرعهتم السعيدة.
في هذه العجالة تستحيل الاشارة الى كل تشابكات وتعرجات الوضع اللبناني ومن مستحيل المستحيلات نقل صورة واقعية مكتملة لحالة الرقي التي تتشكل يوميا في الساحات.
إن محاولات اختراق الثورة والثوار في الساحات وليس القصد العددي وانما بالافكار حينا والشائعات احيانا مستمرة وعليه فإن الاكثر الحاحا في مرحلة كهذه التصدي لكل اشكال الالتفاف على الحراك من اي جهة كانت فهذا شرط اساسي لاستمرار نجاحها وتحقيق اهدافها لما فيه خير الوطن للجميع اما اذا حدث اي تراخ في خط الدفاع الاول لهذه الثورة المتمثل بنبذ الطائفية فسيشكل الامر خطرا على حلم التغيير في لبنان,إن لم نقل يقضي عليه.