توافق الجمعة الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الهجمة الأولى التي استهدفت اعتقال عدد كبير
من الناشطين الحقوقيين والمحامين المهتمين بالدفاع عن المعتقلين في مصر، وتعليق
إحدى أهم المنظمات الحقوقية عملها بعد اعتقال عدد من رموزها، فيما مثل ضربة للعمل
الحقوقي بالبلاد.
وشهد فجر الخميس الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2018، قيام الأمن الوطني بأكبر
حملة اعتقالات استهدفت نشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان طالت أكثر من 31 شخصا من
القاهرة والمحافظات.
وبين من تم اعتقالهم المحامي والمتحدث الإعلامي السابق للتنسيقية المصرية
للحقوق والحريات محمد أبو هريرة، وزوجته عائشة خيرت الشاطر، والمحامية وعضو المجلس
القومي السابق لحقوق الإنسان هدى عبدالمنعم.
وفي ذلك التاريخ قامت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات بتجميد نشاطها بعد
اعتقال رموز العمل بها، واعتقال المدير التنفيذي السابق لها المحامي عزت غنيم.
وطوال العام تلقى الحقوقيون المصريون والمحامون ضربات متتالية عبر الاعتقال
والإخفاء القسري والسجن على خلفية قضايا مسيسة.
اقرأ أيضا: منظمة مصرية: لن نسكت عن انتهاكات الأمن رغم ما نتعرض له
والخميس، أكدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن جهازا أمنيا قام
بتحطيم سيارة محامية تعمل لديها، وذلك بعد أيام من الاعتداء على مديرها جمال عيد،
وكسر أضلاعه وسرقة سيارته، واعتقال المحامي بالشبكة عمرو إمام.
وقبل أيام انتقد البرلمان الأوروبي الملف الحقوقي لمصر، وطالب الدول
الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي بالتصدي لتدهور الوضع الحقوقي بمصر، وتنفيذ
الضوابط الأوروبية الخاصة بصادرات السلع للقاهرة والمستخدمة بعمليات القمع
والتعذيب والإعدام.
وتقوم الأمم المتحدة بمراجعة ملف القاهرة الحقوقي أيام 11 و12 تشرين
الثاني/ نوفمبر، في جنيف.
عملية
ممنهجة
وفي تعليقه قال الإعلامي والحقوقي المصري هيثم أبوخليل، إن "ضرب
منظمات المجتمع المدني عملية ممنهجة بدأت بإصدار البرلمان قانون (الجمعيات
الأهلية)، ثم استهداف رموز العمل الحقوقي".
وخلال حديثه لـ"عربي21"، أشار أبوخليل، للتنكيل بنشطاء مثل
"علاء عبدالفتاح، والمناضلة عايدة سيف الدولة، ومركز النديم، وما يحدث مع
جمال عيد ومركزه والعاملين معه الآن".
وقال إنه "لم يتخيل أن تظل أسماء حقوقية مثل عزت غنيم، ومحمد أبو
هريرة، وهدى عبدالمنعم، سنة كاملة يتخللها اختطاف وإخفاء قسري".
وأوضح أن "هدف النظام هو توصيل رسالة مفادها أننا أسياد البلد ولا
يوجد شيء اسمه حقوق الإنسان ومن يتحدث مهما كان سيتم التنكيل به".
ويرى الحقوقي المصري، أن "استهداف الحقوقيين حالة عامة أدت إلى الوفاة
الكاملة ليس للمنظمات الحقوقية ورموزها
والمحامين فقط، بل طالت النقابات المهنية التي تم تأميمها وتدجينها، وأيضا الأحزاب
السياسية ونوادي أعضاء هيئة التدريس والأهلية".
وأكد أنه "بات الظهير المجتمعي للمواطن المصري مكشوفا، وغابت ضغوط
المجتمع المدني حيث لا منظمات حقوقية ولا نقابات ولا جمعيات أهلية ولا أحزاب ولا
السلطة الرابعة المتمثلة بالإعلام الذي تم استهدافه، وبالمقابل هناك تغول لدى السلطة".
وأشار أبو خليل، إلى أن "السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية صارت
بقبضة العسكر الذي اعتقل رموزا من كل سلطة، ففي القضاء نرى حبس وزير العدل الأسبق
المستشار أحمد سليمان رغم إخلاء سبيله، وحبس المستشار محمود الخضيري وهشام
جنينة".
وأكد أنه حتى "المؤسسة العسكرية يتم التنكيل بشرفاء فيها مثل العقيد
أحمد قنصوة، والفريق سامي عنان، وغيرهما".
وختم الإعلامي والحقوقي بالقول: "بعد تصحر الحالة الحقوقية المصرية
هناك سبب رئيسي وهو دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وآل سعود، وآل زايد، للنظام،
ما جعل المناشدات الحقوقية والتحرك الأممي غير ذي جدوى".
عام من
الحزن
وفي وصفه لما وقع من انتهاكات خلال عام كامل بحق الحقوقيين المصريين، قال
الحقوقي أحمد العطار، إنه "عام من الحزن، شهد مزيدا من الاعتقالات والتنكيل
من قبل السلطات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان، من المنظمات والمحامين
والنشطاء".
وأكد الباحث في التنسيقية المصرية للحقوق والحريات لـ"عربي21"،
أن "السلطات المصرية مارست خلال عام واحد أكبر الحملات القمعية في محاولة
منها لإسكات وترهيب العاملين بمحال حقوق الإنسان".
ولفت إلى إن السلطات "استخدمت كافة الأساليب والأدوات والقوانين من
أجل زيادة وتيرة القمع والتنكيل"، مشيرا إلى أنها "مارست الاختفاء
القسري لمدة 5 شهور ونصف بحق المدير التنفيذي السابق للتنسيقية المصرية عزت
غنيم".
وخلال رصده للانتهاكات بحق الحقوقيين، أوضح العطار بأن السلطات مارست كذلك
الإخفاء القسري بحق المتحدث الإعلامي السابق للتنسيقية محمد أبو هريرة، وزوجته عائشة
الشاطر، وكذلك الحقوقية والمحامية المعروفة والعضو السابق لمجلس حقوق الإنسان
المصري هدى عبد المنعم".
اقرأ أيضا: تقرير حقوقي عن التعذيب قبل مناقشة ملف مصر بالأمم المتحدة
وقال إن السلطات المصرية "مارست ضدهم عمليات الاختفاء القسري والتعذيب
البدني والنفسي ومنعت ولازالت تمنع عنهم حقهم القانوني في الزيارة، بالإضافة إلى
أسماء أخرى كثيرة من الحقوقيين والمحامين".
وأشار إلى أن حملة السلطات الأمنية ضد الحقوقيين طالت أيضا "الحقوقية
والمحامية ماهينور المصري، والمحامي محمد الباقر"، مضيفا أنه "لازال
اختفاء الباحث بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات إبراهيم عز الدين، يمثل لغزا
وحيرة وخوفا من المجهول، وذلك بعد اعتقاله من أمام منزله منذ شهور مضت".
وذكر العطار أن "النظام كما فعل مع الأفراد لم يستثن المؤسسات؛ فكانت
الهجمة الشرسة على منظمات المجتمع المدني من حيث الاقتحامات والإغلاق كما حدث مع
التنسيقية المصرية للحقوق والحريات".
وأوضح الباحث في التنسيقية أنهم قاموا بتعليق العمل الحقوقي بالبلاد،
"في محاولة لدق ناقوس الخطر لما يحدث بالحياة الحقوقية المصرية، بعد الحالة
المزرية التي وصلت إليها والتضييق الأمني الذي تسبب في وأد حرية الرأي
والتعبير".
وأعرب العطار عن أسفه لاستمرار السلطات المصرية بكافة أجهزتها في
"ممارسة القمع والتنكيل بالحقوقيين والمؤسسات والعمل الحقوقي وترهيبهم بكافة
الوسائل غير المشروعة وغير القانونية"، مؤكدا أن "لديها إصرار على
ارتكاب الانتهاكات مع سبق الإصرار والترصد".
وطالب الحقوقي المصري السلطات بـ"الكف عن ملاحقة الحقوقيين والمدافعين
عن حقوق الإنسان وبالإفراج الفوري غير المشروط على المعتقلين عنهم"، داعيا
"المجتمع الدولي بالضغط على السلطات المصرية لأجل حماية الحقوقيين والمنظمات
الحقوقية من بطش السلطات والعمل على
احترام الدستور والقانون".
إسراء عبد الفتاح تواجه تهمة "الانضمام لجماعة محظورة" بمصر
مطالب بالإفراج عن صحفيين مصريين اعتقلتهما السلطات مؤخرا
لماذا تجاوز السيسي الخطوط الحمراء بحبس وإخفاء 164 طفلا؟