نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا لمراسله في مصر، يقول فيه إنه بعد أن بدأت الاحتجاجات التي تمت الدعوة فيها لإسقاط الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي، انشغل محامو حقوق الإنسان، فمن محطات الشرطة إلى المحاكم إلى لقاءات بأهالي المعتقلين.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن ناشطي حقوق الإنسان، قولهم إن هناك أكثر من 2200 شخص تم اعتقالهم بعد سلسلة من الاحتجاجات الصغيرة، لكن المهمة، ضد الحكومة، التي بدأت في 20 أيلول/ سبتمبر، متحدية منعا على التظاهر تم فرضه منذ سنوات.
ويشير الموقع إلى أنه بعد اعتقال عدة محامين مشهورين، فإن المحامين المشغولين يقولون بأنهم عرضة للاعتقال أكثر من أي وقت مضى، في الوقت الذي يحاولون فيه حماية حقوق المتظاهرين.
وقال محام في القاهرة لـ"ميدل إيست آي" على الهاتف يوم الاثنين: "نحن نكشف كذب الدولة، وندعم حقوق المواطنين بالتظاهر السلمي، ونحاول تحقيق العدل القانوني لهم، لهذه الأسباب ولغيرها أصبحنا ملاحقين"، وأضاف المحامي، الذي طلب عدم ذكر اسمه؛ خشية انتقام الحكومة، والذي يمثل مئات السجناء السياسيين، بأنه لم يعد ينام في بيته تجنبا للاعتقال.
وقال المحامي للموقع: "لا أريد أن أضع عائلتي في هذا الموقف.. وأنا أعلم أن اعتقالي هو مجرد وقت"، وأضاف أن الوضع "لم يكن أبدا مرعبا لهذه الدرجة".
ويلفت التقرير إلى أن محمد الباقر، وهو محامي حقوق إنسان مشهور، اعتقل يوم الأحد في الوقت الذي كان ينتظر فيه لحضور استجواب موكله، المدون البارز علاء عبد الفتاح، آخر المعتقلين، مشيرا إلى أنه قيل للباقر، الذي يدير مركز عدالة للحقوق والحريات في القاهرة، بأنه متهم في قضية عبد الفتاح، بحسب ما قال زميل له للموقع.
ويذكر الموقع أنه تم اختطاف محامية حقوق الإنسان الفائزة بجوائز، ماهينور المصري، في 24 أيلول/ سبتمبر، خارج مكتب المدعي العام، حيث كانت تمثل معتقلين متهمين بالمشاركة في احتجاجات، مشيرا إلى أنه بحسب زملائها، فإن رجال أمن بلباس مدني قاموا باختطاف المصري وأخذها في حافلة صغيرة، واتضح لاحقا أنها اعتقلت.
وينوه التقرير إلى أنه تم اعتقال المحامي محمد يونس، الذي قال إنه يخطط للمطالبة بتحقيق رسمي في التهم ضد السيسي، التي نشرها المقاول السابق محمد علي، في 11 أيلول/ سبتمبر، وغيب قسريا لأيام، بحسب المنظمة العربية لحقوق الأنسان في المملكة المتحدة.
ويقول الموقع إنه في الوقت الذي كان يتم اعتقال المحامين، فإن صحيفة "الدستور"، الموالية للحكومة، نشرت مقالا يقول إن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، التي اتهمتها الدولة بالوقوف وراء الاحتجاجات الأخيرة هي أيضا من يقف خلف المنظمات والمراكز القانونية التي "تختبئ خلف ذريعة العمل في حقول حماية حقوق الإنسان".
ويفيد التقرير بأن الصحيفة سمت عددا من المنظمات، بينها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (ECESR)، الذي يرأسه المحامي خالد علي، وكذلك مركز بلادي للحقوق الحريات، الذي يتابع قضايا الأطفال المعتقلين، ومركز عدالة، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان وغيرها.
ويورد الموقع أن المحامي في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، محمد زارع، كتب على فيسبوك: "باقر واجه مشكلات في نيابة أمن الدولة من حوالي أسبوع، وتقريبا كان في محاولة للقبض عليه، إلا أن ده مخلهوش يتوقف عن الحضور مع الناس، علشان يحاول يقدم مساعدة قانونية لدولة أصلا مش ماشية بالقانون".
وقال زارع: "من يومين جريدة الدستور كانت ناشرة تقرير عن (دكاكين) حقوق الإنسان، كان اسم باقر فيها، كلمني وضحكنا سوا على التقرير ومدى تفاهته، وقلت له متقلقش يا باقر، مش حيبقى في حاجة، قال لي أنا مش قلقان طبعا، وهو يعني أنا أحسن من الناس اللي اتحبست".
ويبين التقرير أنه بالنسبة لآلاف المعتقلين السياسيين في السجون المصرية، وعائلاتهم المسجونة خارجها، فإن محامي حقوق الإنسان يعدون شريان حياة لا غنى عنه، لافتا إلى أنه كان هناك نشاط محموم لهم في الأسابيع الأخيرة، من زيارات لمحطات الشرطة والمحاكم والادعاء والاجتماعات مع عائلات السجناء، وهو عبء أصبح أكثر صعوبة إن لم يكن مستحيلا، نظرا لخطر الاعتقال.
ويورد الموقع نقلا عن محام في القاهرة، كان في طريقه إلى مكتبه لمتابعة قضايا معتقلين، قوله: "مضايقتنا بهذا الشكل تعني شل حركتنا وحرمان آلاف السجناء من حقهم في إجراءات عادلة"، وأضاف: "ليس هناك أي طريق آخر، لن أحضر إلى المحكمة أو التحقيق لأن ذلك خطير، لكن سأفعل ما بوسعي حتى يأتوا ويعتقلوني".
ويشير التقرير إلى أن عمر إمام من الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في القاهرة، الذي كان حاضرا لاعتقال كل من المصري والباقر، عبر عن مخاوف شبيهة، وقال لـ"ميدل إيست آي": "في السنوات الماضية، كان العمل محامي حقوق إنسان يشبه كون الشخص خارج عن القانون، وكان علي أن أقوم بما يشبه العمل تحت الأرض، واليوم تضاعف الرعب".
ويلفت الموقع إلى أن إمام أوضح كيف لم يذهب إلى بيته لأيام، ووجد مكانا آخر لأمه وابنه للبقاء فيه، وقال: "يتم آخذنا الواحد تلو الآخر، في الوقت الذي نقف فيه عاجزين، لكن ليس أمامنا إلا أن نقاوم من خلال القانون.. وليس لدينا إلا القانون والدستور، اللذان لا تعترف بهما (الدولة)".
وينقل التقرير عن مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باتشيليت، قولها بأن لديها مخاوف جادة حول الاعتقالات الأخيرة في مصر، وأضافت: "أذكر الحكومة المصرية بأنه بحسب القانون الدولي فإن من حق الناس أن يحتجوا سلميا.. ويجب إطلاق سراح كل أولئك الذين اعتقلوا فقط بسبب ممارسة هذا الحق مباشرة".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن وزارة الخارجية المصرية رفضت بيان الأمم المتحدة، قائلة إنه "غير مقبول"، وإنه يجب على الأمم المتحدة "ألا تبني تقديراتها على افتراضات لأجل الترويج لانطباعات تتعارض مع الواقع وحقيقة الأمور".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
واشنطن بوست: ما سر فزع ديكتاتور ترامب "المفضل"؟
كاتب: قبضة السيسي غير كافية ولم يعد عصيا على القهر
إندبندنت: هكذا قرأ قادة الغرب التظاهرات ضد نظام السيسي