نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا للصحافية فيليسيا شوارتز، تقول فيه إن من أبرز ملامح مؤتمر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي استعرض الجانب الاقتصادي لخطة سلام الشرق الأوسط، هو ما كان غائبا عنه بشكل كبير، وهو: انتقاد السياسة الإسرائيلية تجاه الأراضي الفلسطينية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المسؤولين العرب تجنبوا الحديث عن الدولة الفلسطينية أو السياسات الإسرائيلية خلال الاجتماع الذي استمر يومين، وانتهى يوم الأربعاء في البحرين، لافتا إلى أن هذا الأمر مغاير لتعليقاتهم في المؤتمرات الدولية عادة.
وتفيد شوارتز بأن المؤتمر كان بترتيب من المسؤولين الأمريكيين، الذين سعوا إلى تجنب القضايا السياسية التي عرقلت المفاوضات حول الصراع لسنوات، والتركيز بدلا من ذلك على القابلية الاقتصادية إن تم التوصل لسلام.
وتذكر الصحيفة أنه لم تتم دعوة الحكومة الإسرائيلية للمؤتمر، إلا أنه تم توجيه الدعوة لرجال الأعمال الإسرائيليين، مشيرا إلى أنه لم يحضر المؤتمر وزراء عرب من ذوي حقائب سياسية، وأرسلت معظم الحكومات العربية إما مسؤولين من المستوى المتوسط، أو وزراء مسؤولين عن الشؤون المالية.
ويلفت التقرير إلى أن إدارة ترامب كانت تأمل في جمع دعم من الدول العربية والمستثمرين لبرنامج قيمته 50 مليار دولار للاستثمار في الأراضي الفلسطينية والبلدان المجاورة على مدى 10 سنوات، قبل الكشف عن النصف السياسي الشائك من خطة السلام.
وتقول الكاتبة إن "الصور التي بثت من المؤتمر أظهرت عرب الخليج في زيهم الوطني كاملا، يتحدثون بطريقة عفوية مع مجموعة من رجال الأعمال الإسرائيليين الذين سمحت لهم البحرين بالسفر إلى هناك، وإجراء لقاءات لم يكن بالإمكان مجرد تخيلها قبل عدة سنوات".
وتنوه الصحيفة إلى أن زوج ابنة الرئيس ترامب وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، الذي يقود هذا الجهد، أشار إلى العلاقات الحميمة بين دول الخليج وإسرائيل، التي ترى أن إيران هي التهديد المشترك، وتتعاون في القضايا الأمنية، وقال كوشنر: "سيكون من الصعب على الناس أن يعودوا للنظر إلى الصراع من خلال المنظار التقليدي".
ويجد التقرير أن تحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني -أو ما أسماه ترامب "الصفقة النهائية"- يبقى هدفا بعيدا، مشيرا إلى أنه لم يتحدث أحد في المؤتمر حول كيف يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين تجاوز خلافاتهم السياسية، ولم يحضر المؤتمر أي مسؤول فلسطيني أو إسرائيلي.
وتقول شوارتز إن القيادة الفلسطينية رفضت خطة السلام دون نقاش، ورفضت الحديث مع إدارة ترامب منذ أن اعترفت أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل عام 2017، واتهمتها بالانحياز إلى إسرائيل، مشيرة إلى أن السياسيين الإسرائيليين الذين يتحضرون لانتخابات أخرى في شهر أيلول/ سبتمبر، بالكاد يتحدثون عن السلام مع الفلسطينيين، وهو الموضوع الذي أصبح أقل شعبية بين الإسرائيليين.
وتشير الصحيفة إلى أن كوشنر لم يكشف بعد كيف يخطط لجسر الهوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قضايا الحدود والأمن واللاجئين والقدس، التي استعصت على عدة إدارات أمريكية، لافتة إلى أنه ليس هناك تاريخ محدد لنشر الشق السياسي من الخطة، الذي تم تأخير الإعلان عنه بشكل متكرر، آخرها بسبب الانتخابات الإسرائيلية غير المتوقعة في أيلول/ سبتمبر.
ويورد التقرير نقلا عن المسؤول البارز في إدارة ترامب المشارك في هذا الجهد، جيسون غرينبلات، قوله لمجموعة صغيرة من الصحافيين يوم الأربعاء، بأن الإدارة تتجنب عبارة حل الدولتين، وعبر غرينبلات عن ثقته بأن الدول العربية والمستثمرين سيعرضون المليارات وعدا بالاستثمار إن هم اقتنعوا بأن الشق السياسي من الخطة يمكن أن ينجح، وقال: "نجد أن هذه العبارة شعار من الماضي.. وهذا لا يعني أنها غير قابلة للتطبيق، لكنها تعني أمورا مختلفة للأشخاص المختلفين، وخطتنا السياسية ستحاول الوصول إلى ما نعتقد أنه سيلائم الطرفين".
وأضاف غرينبلات: "إن لم نحصل على قوة دفع سياسي في الشق السياسي من الصفقة، فلست متأكدا من أننا سننفق وقتا في محاولة الحصول على الوعود (بالاستثمارات)".
وتنقل الكاتبة عن زعماء الخليج، قولهم إنهم لا يزالون قلقين بشأن القضية الفلسطينية، مشيرة إلى أن السعودية أرسلت وزير ماليتها، محمد الجدعان، ومستشارا مقربا من ولي العهد محمد بن سلمان، لحضور المؤتمر، في بادرة لدعم خطة سلام الإدارة، لكنها أصدرت بيانا قبل الاجتماع تكرر فيه دعمها لإقامة دولة فلسطينية على حدود ما قبل حرب 1967، وعاصمتها القدس، وهي شروط لم توافق عليها إسرائيل، وقال الجدعان إن السعودية ستؤيد ما يريده الفلسطينيون.
وتورد الصحيفة نقلا عن أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبدالله، قوله قبل المؤتمر، بأن هناك مبالغة في الحديث عن دفء العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، وهي في غالبيتها محاولات لإقامة علاقات عامة، وأضاف: "هناك الكثير من الآمال الحالمة.. تبقى إسرائيل العدو الدائم حتى يحل السلام، لكن العدو الدائم تم استبداله بالعدو الآني، وهو إيران".
ويلفت التقرير إلى أن هناك من أشار إلى صعوبة تطبيق خطة سلام بالطريقة التي طرحها كوشنر: خطة اقتصادية أولا، تتبعها الخيارات الأصعب لتسوية سياسية.
وتنوه شوارتز إلى أن المستشار المقرب من الأمير محمد بن سلمان، محمد آل الشيخ، أعاد إلى الذاكرة الجهود التي بذلت للاستثمار في غزة والضفة الغربية بعد اتفاقية أوسلو، التي تم توقيعها في تسعينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أن تلك الجهود الاقتصادية قادت إلى الحماس حول رؤية للسلام السياسي، التي روجت للمليارات على شكل استثمارات، لكنها في المحصلة فشلت في خلق اقتصاد مستدام في غزة والضفة الغربية في غياب اتفاقية أوسع.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى قول آل الشيخ: "السلام ضروري، في وقتها جعل مجرد الأمل السلام الناس تتحمس وتتحرك.. لقد شهدت مباشرة ما يمكن فعله وما لا يمكن فعله".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: لماذا فشلت ورشة كوشنر في البحرين؟
التايمز: ورشة البحرين تأكيد للتطبيع الخليجي مع إسرائيل
الغارديان: ورشة المنامة تجسد الفجوة بين وهم كوشنر والواقع