نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعدته كل من آن غيران وسعاد مخنيت ولافدي موريس، تحت عنوان "كان من المفترض أن يجمع مؤتمر كوشنر الإسرائيليين والفلسطينيين، ومن المحتمل ألا يحضره كلاهما"، تقول فيه إن مؤتمرا استثماريا يهدف لتقوية الاقتصاد الفلسطيني ستغيب عنه الحكومة الفلسطينية، كما يبدو أن إسرائيل لن تحضره، ما يثير شكوكا حول الاجتماع وقدرته على جمع الأموال الكافية لتطبيق خطة ترامب للمنطقة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن مؤتمر الاستثمار والتنمية سيفتتح يوم الثلاثاء في العاصمة البحرينية المنامة، وسيحضره عدد من الرموز الدولية في مجال المال والأعمال، وبعضهم لديه صلات بصهر الرئيس جارد كوشنر الذي نظم الاجتماع.
وتستدرك الكاتبات بأن المشاركة الإقليمية قليلة، رغم أن الهدف الرئيسي لرسالة كوشنر هم رجال الأعمال في المنطقة، ويرى أن التنمية الاقتصادية مهمة للمنطقة، بدلا من الأفكار القديمة التي تركز عليها القيادة السياسية، بالإضافة إلى المطالب غير العملية.
وتكشف الصحيفة عن أن اجتماع السلام والازدهار لن يتطرق إلى العناصر الرئيسية للتسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، مثل الحدود ووضع القدس والأراضي، مشيرة إلى أنه سيركز على مقترحات اقتصادية تم الكشف عنها يوم السبت، وتقوم على استثمارات بقيمة 50 مليون دولار في مشاريع بنية تحتية وسياحة في الضفة الغربية وغزة ودول الجوار، لبنان والأردن ومصر.
ويفيد التقرير بأن من بين المشاريع الطموحة ممر يمر عبر إسرائيل، يربط بين الضفة وغزة، وهو مقترح سترفضه الحكومة المتطرفة في إسرائيل، مشيرا إلى أن كوشنر قال في بيان صدر عن البيت الأبيض: "عاش الفلسطينيون ولفترة طويلة في مصيدة الماضي.. تعد خطة السلام والازدهار إطارا لمستقبل أكثر إشراقا وازدهارا للشعب الفلسطيني والمنطقة ورؤية لما هو ممكن لو تحقق السلام".
وتستدرك الكاتبات بأن غياب الفلسطينيين والإسرائيليين عن المؤتمر هي دليل على آخر للمصاعب التي تواجه كوشنر والإدارة لبناء زخم لخطة السلام التي تواجه شكوكا في المنطقة والولايات المتحدة.
وتنقل الصحيفة عن الملياردير منيب المصري (85 عاما)، قوله إنه رفض الدعوة التي تلقاها مباشرة، وأضاف: "مشكلتنا هي سياسية وليست اقتصادية.. لدينا كرامة، ولدينا قيادة، ولا يريدون المشاركة لاعتقادهم أن أمريكا ليست عرابا نزيها" للسلام، مشيرا إلى أنه دون المشاركة الفلسطينية فإن المبادرة ستفشل، "إنها مثل الذهاب إلى حفلة زفاف لا عروس فيها ولا عريس".
ويلفت التقرير إلى أن الخطة ستظل سرية حتى الخريف، وتتحدث عن منطقة حكم ذاتي في المناطق ذات الغالبية الفلسطينية، فيما يرفض كوشنر الالتزام بالموقف الأمريكي التقليدي الداعي لدولة فلسطينية ذات سيادة كاملة، مشيرا إلى أنه في الوقت ذاته فإن المفاوضين الأمريكيين يحاولون منح الفلسطينيين رؤية بديلة من خلال تدفق رأسمال دولي وشراكة تجارية مع رجال الأعمال الفلسطينيين والعرب.
وتفيد الكاتبات بأن الخطة تتحدث عن 175 مشروعا، كلها بحاجة لموافقة من القيادة الفلسطينية التي رفضت مقابلة فريق كوشنر، وفي الوقت ذاته عرقلت إسرائيل المشاريع الحساسة التي تقول إنها تؤثر على أمنها، فيما رفضت القيادة الفلسطينية النهج الأمريكي.
وتنقل الصحيفة عن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، قولها في مقابلة أجريت معها الأسبوع الماضي: "الأمر لا علاقة له بحاجة الفلسطينيين إلى الاستثمار أو الدعم.. المشكلة هي أننا لا نسيطر على أرضنا ومصادرنا وحدودنا ومجالنا الجوي ومياهنا الإقليمية وحرية حركتنا أو أي شيء".
وينوه التقرير إلى أن السلطة الوطنية، التي تسيطر على الضفة الغربية، قاطعت وإن بشكل محدود ورشة البحرين، فيما جرى استبعاد حركة حماس التي تسيطر على غزة، وقال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يوم الأحد في تصريحات للصحافيين، إنه يشك في تحقيق نتائج ملموسة من المبادرة الأمريكية في المنامة، وقال إنها لم تقدم أي أفكار جديدة.
وأضاف عباس: "تقوم أمريكا باختراع العجلة مرة أخرى.. لماذا أنا بحاحة لأمريكا لتطلب من الدول العربية المال؟ يمكنني الذهاب بنفسي والطلب من الدول العربية تمويلا كهذا"، وعندما سئل إن كان قد اطلع على الخطة فإن جوابه كان غامضا، مؤكدا أن خطة كوشنر لا جديد فيها.
وتنقل الكاتبات عن سفير ترامب في إسرائيل ديفيد فريدمان، قوله في مقابلة مع موقع "الجزيرة"، إن لقاء المنامة سينجح دون الفلسطينيين، وأضاف: "سيكون هناك حضور جيد من المجتمع المالي الفلسطيني، وسنعمل معهم بأفضل طريقة ممكنة.. لا أعتقد أن الكلمة الأخيرة هي للسلطة الوطنية بشأن خلق حياة أفضل للفلسطينيين. ويجب أن يكون للفلسطينيين رأي في هذا الأمر".
وتذكر الصحيفة أن عباس قد قطع الاتصالات كلها مع إدارة ترامب بعد قرار الأخيرة نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس عام 2017، وتبعت ذلك خطوات للضغط على السلطة، مثل إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن والقنصلية الأمريكية في القدس، وقطع المعونات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، التي ستجتمع في اليوم ذاته الذي يعقد فيه ترامب اجتماعه.
ويورد التقرير نقلا عن إدارة ترامب، قولها إنها تريد إعادة تشكيل النقاش حول مستقبل فلسطين، بعيدا عما يسميه كوشنر العمل الخيري، فيما وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمراجعة الخطة عندما يعلن عنها بالكامل، وهذا لن يحدث إلا بعد الانتخابات الإسرائيلية في الخريف المقبل.
وتنقل الكاتبات عن نتنياهو قوله يوم الأحد، إن إسرائيل ستظل منفتحة على الخطة، وأضاف: "سنسمع للخطة الأمريكية بطريقة عادلة، ولا أفهم كيف يرفض الفلسطينيون خطة لم يروها"، حيث كان نتنياهو يتحدث من وادي الأردن، من المناطق المحتلة في جولة مع مستشار الأمن القومي الزائر جون بولتون، وكان نتنياهو من الداعين لتعاون اقتصادي قوي بين إسرائيل ودول الخليج، وهي فكرة تدعم خطة كوشنر.
وتورد الصحيفة نقلا عن سفير إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون، قوله إنه يشعر بالراحة من النقاش العام حول الطريقة التي يفيد فيها التعاون التجاري العربي الإسرائيلي الجميع، وكيف يقف الفلسطينيون عقبة في الطريق، وقال دانون عن القادة العرب: "أخبروا شعوبكم حقيقة أن القادة الفلسطينيين غير مستعدين للتعاون.. أخبروهم أننا مستعدون لعمل الكثير من أجل الفلسطينيين، وللتعاون ضد إيران من أجل الأمن العالمي، وأعتقد أن على القادة أن يكونوا أقوياء ويخبروا شعوبهم بما يفكرون".
وبحسب التقرير، فإن مشاركة إسرائيل في الاجتماع كانت قائمة حتى الأسبوع الماضي، لكن لم تؤكد من الخارجية أو من وزارة المالية، وقال نتنياهو إن إسرائيل ستشارك في اللقاء، لكن من غير المعلوم إن كان يقصد مشاركة رجال أعمال إسرائيليين.
وتنقل الكاتبات عن رئيس جمعية المراسلين الدبلوماسيين الإسرائيلية إيتمار إينشر، قوله إن الارتباك كبير، وكانت الجمعية تضغط على وزير المالية لإعداد وفد للمشاركة قبل أن يكتشف أن الوزارة لا تعرف إن كانت ستشارك أم لا، مشيرات إلى أن هناك توقعات قليلة من المشاركة العربية والفلسطينية والإسرائيلية.
وتورد الصحيفة نقلا عن رجل أعمال فلسطيني رفض المشاركة، قوله إن الاجتماع هو إهانة، "ومحاولة عقد مؤتمر للاستثمار في فلسطين هي محاولة أخرى من إسرائيل وأمريكا للتلويح بالجزرة للشعب الفلسطيني، وتقديم الوعود بالاستثمار، التي هي شكل آخر للرشوة".
ويشير التقرير إلى أن رجل الأعمال، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لمشاركة تفاصيل الجلسة التي لم يتم نشرها علنا، تلقى دعوة ثانية بعد تجاهل الأولى، وكتب منظمو المؤتمر: "تتلقى هذه الرسالة بعد دعوة وزير المالية ستيفن منوشين لحضور ورشة السلام والازدهار.. نتطلع للقائكم في المنامة".
وتكشف الكاتبات عن أنه بحسب القائمة الأولية، فإنه سيشارك في الورشة مديرو شركات الطاقة الأمريكية وشركات الإنشاءات ومديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، والرئيس التنفيذي لشركة بلاكستون ستيفن شوارزمان، مشيرات إلى أن صديق ترامب، توم باراك، سيدير جلسة من جلسات الورشة، حول "تعزيز ثقافة الإبداع والتجارة".
وتلفت الصحيفة إلى أن كوشنر أطلق على اللقاء ورشة وليس مؤتمرا؛ لأن الهدف هو الحصول على دعم مستثمرين لمشاريع في الضفة وغزة، مشيرة إلى أن السعودية والإمارات العربية تعدان من الداعمين الرئيسيين للورشة، لكنهما لم تحددا بعد ما ستقدمانه لدعم خطط كوشنر، الذي تضم خططه مشاريع تنمية واستثمارات أوروبية وشراكات في أفريقيا وآسيا.
ويذكر التقرير أن دول الخليج سترسل وفودا وممثلين استثماريين، أما مصر والأردن فقد انتظرتا حتى السبت للإعلان عن أنهما سترسلان نائب وزير المالية، وقال الأردن إنه سيوجه رسالة للمجتمعين.
وتنقل الكاتبات عن مسؤول بحريني، قوله إن عقد الاجتماع في المنامة لا يعني مصادقة حكومته على نهج كوشنر، وأضاف: "هذا أمر متعلق بالتجارة لا السياسة، وحقيقة عقد الورشة في البحرين لا تغير مواقفنا وسياستنا تجاه الموضوع.. لا نزال ندعم خطة الملك عبد الله وفكرة القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية"، في إشارة إلى مبادرة عام 2002 التي طرحت اعترافا عربيا بإسرائيل مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة.
وتقول الصحيفة إن مدير مركز شيبا الطبي البروفيسور يتسحاق كريس، سيشارك من المشاركين الذين يمثلون القطاع الخاص في إسرائيل، كما ضمت قائمة المشاركين مستثمرين من السعودية والبحرين وتركيا، ورجل أعمال ورد اسمه في تحقيق روبرت مولر، وهو الروسي كيرل ديمترييف، الذي ربط بمحاولات بناء علاقات مع روسيا في الأيام الأولى من إدارة ترامب، وخصص له مولر 12 صفحة، وجهوده مع رجل الأعمال اللبناني الأمريكي المستشار لولي عهد أبو ظبي جورج نادر، مشيرة إلى أن ديمترييف عمل مع صديق لكوشنر في نيويورك اسمه ريك غيرسون، وطلب منه كتابة خطة يقترح فيها إصلاحا بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث ألمح ديمترييف إلى أن لديه دعم المؤسسة الروسية الحاكمة.
ويفيد التقرير بأنه بعد تنصيب ترامب قدم غيرسون الخطة لكوشنر، الذي قدمها بدوره إلى مستشار ترامب ستيفن بانون وريكس تيلرسون الذي أصبح وزيرا للخارجية، وكتب ديمترييف عدة رسائل إلكترونية لغيرسون، يقول فيها إن "الرئيس" فلاديمير بوتين يسأل إن كان هناك أي معلومات، ووصف مولر ديمترييف بالرجل المقرب من بوتين.
وتورد الكاتبات نقلا عن مسؤول، قوله إن بولندا، التي تعد حكومتها اليمينية المفضلة لدى ترامب، ربما ستكون الدولة الأوروبية الوحيدة التي سترسل وفدا على مستوى عال.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول شرق أوسطي، الذي تحدث عن شكوك حول خطة ترامب، قوله إن كوشنر لم يبد ميلا للاستماع في زياراته إلى المنطقة للآراء المخالفة، وما قيل له إن نهجه لا يهتم بالحقائق التاريخية والمشاعر الفلسطينية والعربية.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول هذا المسؤول: "تخيل لو قمنا نحن العرب بتنظيم مؤتمر وقلنا للأمريكيين والإسرائيليين إننا سنجمع 3 تريليونات دولار مقابل منحنا القدس، فماذا سيكون الرد؟".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
المونيتور: لهذه الأسباب سيفشل اجتماع المنامة
بمقابلة مع NYT: رئيس وزراء السلطة يحذر من "صيف حار جدا"
بومبيو: صفقة القرن قد لا تكون قابلة للتنفيذ