انحصرت الأزمة الليبية والصراع السياسي بين شخصية رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، الذي يحظى بدعم دولي، وبين اللواء المنشق خليفة حفتر الذي يحظى بدعم إقليمي ودولي غير معلن، ومؤخرا أعلن الطرفان قطع التواصل بينهما تحت أي ظروف.
وتكررت اللقاءات بين "السراج
وحفتر" دوليا وإقليميا، سواء في فرنسا أو إيطاليا أو الإمارات دون الوصول إلى
اتفاقيات حقيقة لها نتائج ملموسة على الواقع، لكن هجوم قوات "حفتر" على
العاصمة الليبية أفسد العلاقة وقطعها للأبد.
وفي تصريح جديد، وصف
"السراج" وثوقه في "حفتر" بأنه "خطأ كبير"، مضيفا:
"لقد وثقت في حفتر، وربما كان هذا خطأ كبيرا بالنسبة لي، بعدما كنا على وشك
عقد مؤتمر (غدامس) الوطني والتحضير للانتخابات، وبدلا عن ذلك شن هجوما على
طرابلس".
"مقاطعة دولية"
كما دعا "السراج"
المجتمع الدولي إلى دعمه وحكومته والتوقف عن تقديم الدعم السياسي
لـ"حفتر" وإمداده بالسلاح، دون ذكر دول بعينها أو تفاصيل عن هذا الدعم،
محذرا من عواقب الصراع الحالي على ليبيا وعلى أوروبا كون الحرب تفتح الطريق إلى
تمدد الإرهاب، بحسب مقابلة له مع هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسري "آر تي
إس".
كما رفض رئيس "الوفاق
الليبية"، اتهامه من قبل "حفتر" بالفشل في التخلص من
"الميليشيات" المسلحة، مؤكدا أنه "عندما تقلد منصبه، كان هناك أكثر
من 100 مجموعة مسلحة في طرابلس، واليوم لا يوجد سوى 4 أو 5 بعدما تم دمج معظمها في
قواتنا"، بحسب كلامه.
"ندم" السراج وتنصله
التام من حفتر، طرح تساؤلات لدى كثيرين، ومنها: هل يبدأ "السراج" في
الكشف عن مزيد من الأسرار عن شخصية حفتر وعلاقته به؟ أم هي مجرد تصفية حسابات
سياسية؟
اقرأ أيضا: طائرات "الوفاق" تكثف قصفها لقوات حفتر جنوبي طرابلس
من جهته، رأى المدون من الشرق
الليبي فرج فركاش أن "موضوع الثقة لم يكن موجود أصلا منذ البداية إلا من طرف
واحد، وهو في الحقيقة سذاجة وليست ثقة، فلم يلتزم حفتر بأي اتفاقات مع السراج
(..)، لا مخرجات أبو ظبي الأولى ولا مخرجات باريس ولا مخرجات باليرمو، وأخيرا
اتفاق أبوظبي2".
وأضاف فركاش لـ"عربي21"
أن "إعلام حفتر أو مستشاريه لم يتوقف يوما عن الطعن في المجلس الرئاسي وفي
شخص السراج، الذي وصفوه بالخيانة والعمالة"، معتبرا أن "خطأ السراج
وحكومته يتمثل في عدم استغلال الدعم الدولي لإنهاء سطوة المليشيات تماما، وتشكيل نواة
جيش في المنطقة الغربية تكون موازية لما نجح فيه حفتر في الشرق"، وفق رأيه.
وتابع: "الآن من الصعب إيجاد
بديل لحفتر كممثل رئيسي على الأقل للمنطقة الشرقية، ولكنه ليس الوحيد وهناك أصوات
أخرى بدأت تعلو في الشرق، كما لا يمكن تجاهل القوى الفاعلة الأخرى في الغرب الليبي
والجنوب، ويقع على عاتق البعثة الأممية محاولة بناء الثقة وتعزيزها من جديد".
"نكوص وسيطرة"
من جانبه، قال البرلماني الليبي
المؤيد لحفتر ومشروعه جبريل أوحيدة، إن "السراج هو الذي تنصل من كل اتفاقاته
ووعوده، وأثبت أنه لا يملك قراره منذ وصوله إلى العاصمة، وأنه تحت سيطرة المليشيات
هناك، والتي اعتبرت حكومته بقرة حلوب"، على حد وصفه.
وأوضح أوحيدة في حديث
لـ"عربي21" أنه "بعد اتفاق أبوظبي الأخير توجه السراج مباشرة إلى
قطر وتركيا، وهما دولتان داعمتان للمليشيات التي تسيطر على قرار السراج، وكالعادة نكص
الأخير عن وعوده، لذا فالأمور كانت واضحة أمام المؤسسة العسكرية (قوات حفتر) التي
اتخذت خطوة استباقية ضد هذه المليشيات، وإن كنت أفضل أن كانت المعركة بعد حوار غدامس"،
وفق تقديره.
اقرأ أيضا: وصول طائرة مخابرات إيطالية إلى العاصمة طرابلس (شاهد)
وأشار المحلل السياسي الليبي أسامة كعبار إلى أن "السراج ومنذ توليه رئاسة الحكومة، انتهج سياسة الانفتاح والنفس الطويل مع الأطراف المخالفة في محاولة منه تجنب أي صدام، وعليه فلم يكن يملك إلا التجاوب مع حفتر، خاصة في وجود الضغط الإقليمي والدولي لصالح الأخير"، وفق كلامه.
واستدرك كعبار قائلا
لـ"عربي21": "بعد ثلاث سنوات من المماطلة من جانب حفتر وداعميه،
اتضح أنهم كانوا يشترون الوقت فقط للاستعداد للعمل العسكري ضد العاصمة، وحسن الظن
أو حتى الطيبة ليست بالأمر المعيب، ولكن الخبث من جانب حفتر وداعميه هو ما يجب أن
يُدان بكل الأساليب".
شجاعة "السراج"
من جهته، وصف الناشط السياسي
الليبي محمد خليل "السراج" بأنه "شخص مدني توافقي غير مخضرم في
السياسة وأنه حاول توحيد المؤسسات والتواصل مع الجميع، لكنه خدع من قبل حفتر، الذي
كان يشتري الوقت لمحاولة السيطرة على البلاد".
وأكد لـ"عربي21" أن
"الوضع الآن اختلف وأن السراج وعى الدرس جيدا وعرف حقيقة حفتر السوداء"،
معتقدا أن "اعتراف السراج بخطئه في الوثوق بحفتر هو شجاعة تحسب له، ولكن عليه
اتباع خطوات جريئة أيضا معاكسة لسياساته الفاشلة، التي أوصلت قوات الأخير إلى
أسوار طرابلس"، بحسب رأيه.
برلمان طرابلس يسعى لـ"شرعنة" وجوده.. هل ينجح؟
"حفتر" في القاهرة وباريس.. بحث عن دعم أم طمأنة للحلفاء؟
"السراج" في جولات أوروبية للحشد ضد "حفتر".. هل ينجح؟