سياسة عربية

ماذا يعني مشاركة الجيش المصري في إطفاء حرائق إسرائيل؟

خبراء: مشاركة طائرتين عسكريتين مصريتين في إطفاء حرائق إسرائيل تعكس تطورا خطيرا في التنسيق المشترك- أ ف ب/ أرشيفية

شكلت مشاركة الجيش المصري في إطفاء الحرائق التي شبت بالمستوطنات الإسرائيلية، صدمة لعدد من المصريين ، فيما آثارت غضب آخرين، وسط تساؤلات عن الصمت المصري عن تلك المشاركة مقابل التباهي الإسرائيلي بذلك.

 

وأكد سياسيون وبرلمانيون مصريون، في تصريحات لـ"عربي21"، أن مشاركة طائرتين عسكريتين مصريتين في إطفاء حرائق إسرائيل، تعكس تطورا خطيرا في شكل التنسيق العسكري والسياسي بين رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي وإسرائيل.

 

وقالوا، لا يجب التعامل معه باعتباره إنسانيا، كما يحدث بين الدول في الكوارث والحوادث المختلفة، خاصة وأن الإعلان عنها جاء من الجانب الإسرائيلي وعلى لسان رئيس الوزراء نتنياهو، الذي لم يقدم الشكر لرؤساء دول أخرى شاركت بالإضافة لمصر.


وكان نتنياهو وجه في كلمة متلفزة بثتها وسائل الإعلام الإسرائيلية مساء الجمعة 24 من آيار/ مايو الجاري، شكر فيها السيسي، لإرساله مروحيتين عسكريتين للمساعدة في إخماد الحرائق التي نشبت بإسرائيل.


ثم نشر نتنياهو عبر حسابه بتويتر رسالة للسيسي قال فيها: "أشكر صديقي الرئيس المصري السيسي على قيامه بإرسال مروحتين للمشاركة في عمليات إخماد الحرائق التي نشبت في أنحاء متفرقة من إسرائيل".

 

وأضاف في تدوينة تالية: "طائرات من إيطاليا واليونان وقبرص وكرواتيا تشارك أيضا في عمليات الإطفاء، كما طلبت السلطة الفلسطينية الانضمام إلى تلك الجهود".

 

اقرأ أيضا: نتنياهو يشكر السيسي.. والإعلام المصري يتجاهل (فيديو)

وفي ظل الصمت المصري الكامل على المستوى الرئاسي والعسكري، قام المتحدث باسم نتنياهو للإعلام العربي، أوفير جندلمان، بنشر تغريدتين بالعربية والانجليزية، مرفقا بها صورة للمروحية المصرية وهي تقوم بعمليات الدعم والإطفاء، وعلق عليها قائلا: "سيارة إطفاء إسرائيلية ومروحية مصرية تعملان معا على إخماد حريق نشب في قرية بين عزرا جنوب إسرائيل، يوم أمس، حيث تمكن رجال الإطفاء الإسرائيليون والطيارون المصريون من إخماد الحريق نتيجة التعاون بينهم"، وتابع: "هذا هو معنى السلام".


رسائل السيسي


وفي تعليقه لـ"عربي21"، يؤكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى المصري السابق رضا فهمي، أن العلاقات بين السيسي وإسرائيل، شهدت تطورا على أصعدة مختلفة، ولكنها كانت تتسم بشيء من الكتمان، باستثناء التصريحات المتبادلة بين الطرفين عن أهمية العلاقات المشتركة، إلا أن مشاركة طائرات عسكرية مصرية بإطفاء حرائق المستعمرات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قد فاق كل ما سبق.


ويضيف فهمي قائلا:" مشاركة طائرات الجيش، تعد رسالة واضحة من السيسي بأنه لا حرب مع إسرائيل، وأنه لا دفاع عن فلسطين، وأنه لا مجال لعودة الأرض المغتصبة، وأن أمن إسرائيل وأمان المواطن الإسرائيلي في مقدمة اهتمامات النظام المصري، وفي النهاية لا عزاء للقضية الفلسطينية".


ويؤكد فهمي أنه لا يجب اعتبار الموضوع مشاركة إنسانية معتادة بين الدول، لأن العلاقة مع إسرائيل ظلت منذ معاهدة السلام المشئومة تسير وفق نهج محدود، ولكن إجراءات السيسي منذ توليه السلطة بانقلاب عسكري، تريد تغيير هذا النهج المحدود، لفرض إسرائيل على الشعب المصري باعتبارها دولة صديقة وليست عدوة، كما يعتبرها المصريون.


وحسب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشوري السابق، فإن مشاركة طائرات الجيش، تحمل رسائل، منها أن الحاجز النفسي والعقيدة القتالية المصرية، التي استمرت لسنوات طويلة قائمة على أن العدو الأوحد لمصر هي إسرائيل، حتى في ظل معاهدة السلام بين الطرفين، هذه العقيدة قد تغيرت، وانكسر معها الحاجز النفسي للجيش المصري تجاه إسرائيل، ليخرج معها التعاون القائم بين الطرفين في السر، إلى العلن والوضوح، وهذا هو مكمن الخطر.

 

اقرأ أيضا: حرائق تلتهم الغابات الاسرائيلية.. ونتنياهو يطلب نجدة العالم

"لمن جهود الجيش؟"


ويتوقف المختص بشؤون الأمن القومي عبد المعز الشرقاوي في حديثه لـ "عربي21" أمام الصمت المصري على المشاركة من بدايتها حتى نهايتها، على عكس سياسة السيسي المحبة للظهور وأنه شخصية إقليمية لها وجود، وهو ما يشير إلى أن القيادة المصرية لم تكن تريد وصول الموضوع للإعلام، كما جرى في العديد من الأحداث الأخري التي دعمت فيها إسرائيل بشكل غير علني.


ووفق رأي الشرقاوي فإن الصمت المصري عن المشاركة بعمليات الإطفاء، يتزامن مع التصفيات الجسدية التي قام بها نظام السيسي مؤخرا في العريش والتي طالت 18 سيناويا، تحت زعم انتمائهم لتنظيم ولاية سيناء، وهو ما يعني أن جهود الجيش أصبحت موجهة ضد المصريين، وليس ضد من كانوا في السابق أعداءهم.


ويؤكد المختص بالأمن القومي أن خطورة تطوير العلاقات المصرية الإسرائيلية على الصعيد العسكري، هو خلق جيل من العسكريين المصريين الذين لا يرون في وجود إسرائيل مانعا وطنيا أو قوميا أو إسلاميا، وهو ما يعني أن الدفاع عن إسرائيل يمكن أن يتطور من مجرد مشاركة في عمليات إطفاء، أو عمليات مشتركة في سيناء بحجة مواجهة الإرهاب، إلى علاقات مباشرة، تشمل مناورات عسكرية صريحة، ودعما مباشرا في القضاء على أي مقاومة سياسية كانت أو عسكرية ضد إسرائيل.