يكتنف الغموض مصير حركات الإسلام السياسي بمختلف أفرعها في السودان، بعد الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير، على خلفية أنهم كانوا جزءا من الحكم.
اليوم يتحدث الدكتور أحمد المصطفى دالى، وهو أحد أبرز نقاد فكر الحركات الاسلامية في السودان، وهو كذلك من كبار "الاخوان الجمهوريين"، ومن الشخصيات النادرة التي لازمت مؤسس حركة الجمهوريين في السودان، محمود محمد طه قبل إدانته بالردة وإعدامه في أواخر حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري عام 1985م، عن تجربة الإسلاميين ومستقبلهم في السودان.
والفكر الجمهوري هو مجموعة من الأفكار الدينية والسياسية التي يؤمن بها كثير من الاخوان الجمهوريين داخل وخارج السودان، ويعتبر الدكتور دالي أحد هؤلاء، إذ يقول في هذا الحوار أن مستقبل الاسلام السياسي بالرجوع إلى الإسلام ببعث سنة النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وأن الفكر الجمهوري لديه حلولا للمشكلة.
وتاليا الجزء الأول من المقابلة:
س ـ ما الذي يجري في السودان، أهو نهاية لمشروع الإسلام السياسي، أم صراع سلطوي وفكري داخل المشروع نفسه، أم أنت ترى أن السلطة السياسية لقرابة 30 عاما لم تكن تعبيرا لما اصطلح عليه "الاسلام السياسي"؟
ـ الإسلام السياسي كما ورد تعريفه في بعض الأوساط هو توصيف حركات تغيير سياسية تؤمن بالإسلام كنظام سياسي للحكم. وهو مصطلح قد ظهر حديثا كرد فعل لموقف الفهم الصوفي الذي يتبنى بعضه أن "الدنيا جيفه يجب تركها لكلابها". وهو انعزال صوفي نشأ بعد هزيمة الدولة الدينية، دولة سيدنا على بن أبي طالب، رضي الله عنه، أمام دولة معاوية. والتوصيف الأقرب في نظري لمصطلح الإسلام السياسي هو استغلال الدين لاغراض السياسة.
سلطة البشير أدخلت المفاهيم الوهابية وأشعلت الفتنة بين أبناء البلد الواحد
ـ نعم لقد واجهت تصورات الإسلام السياسي، إقرأ الفهم السلفي بكل مدارسه، تحديات مرجعية. ونعم لقد عجز الفهم السلفي أو قل العقل الإسلامي السلفي عن مقاربة التصورات مع الواقع. وهذا ما لخصه وعبر عنه الرئيس المخلوع البشير "بالدغمسة" (أي الضبابية وعدم الوضوح والارتجال دون تصور مفاهيمي بائن).
ولقد برز عجز العقل السلفي عن مواجهة الواقع في أوضح تجلياته في تعامل دولة المشروع الحضاري، على سبيل المثال لا الحصر، مع حقوق أهل الأديان الأخرى غير الإسلام مما أدى لتلك الحروب المدمرة في جنوب وغرب وشرق السودان، ومما نتج عنه قتل عشرات آلاف الأبرياء، وتشريد الملايين، وأدى في خاتمة المطاف إلى فصل جنوب السودان من شماله.
سيهتدي السودانيون إلى التفريق بين الدين ورجال الدين ممن عاشوا عليه اولم يعيشوا به ولا له
ـ سؤال الدين والسياسة سؤال مهم وهو يطرح هذه الأيام بقوة أمام جموع الثوار في هذه الثورة المباركة. فهم لا يودون تكرار تجربة الإخوان المسلمين التي أهلكت الزرع والضرع فهم قد كرهوا هذه التجربة وأخشى أن يكرهوا معها كلما هو إسلامي فيصبحون كمن صح فيهم المثل القائل: "ذاقت حنظلة وخافت من البطيخة". ولكننا نقول أنهم سيهتدوا إن شاء الله إلى التفريق بين الدين ورجال الدين ممن عاشوا على الدين ولم يعيشوا به ولا له. وسيتم ذلك إن شاء الله بإشاعة المنابر الحرة وطرح الفهم الصحيح للإسلام الذي يساوي بين الناس من حيث هم بلا تفريق بينهم بناء على العقيدة أو الجنس أو اللون أو اللغة أو العنصر.
عجز العقل الإسلامي السلفي عن مقاربة التصورات مع الواقع وعبر عنه الرئيس المخلوع بـ"الدغمسة"
الإسلام السياسي في السودان.. التقهقر وجنادل الإصلاح
الإسلام السياسي بالسودان.. المرجعية وأزمة المشروعية
باحث عراقي: المهدي خرافة وأئمة أهل البيت يرفضون الإمامة