نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمحررة البارزة فيها رولا خلف، تحت عنوان "ترامب يجد رجلا قويا جديدا في ليبيا".
وتبدأ خلف مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "تخيل لو كنا نعيش في عصر آخر، قائد مليشيا مسلحة في الشرق الأوسط يهاجم عاصمة دولة غنية بالنفط، في وقت كان في تقوم فيه الأمم المتحدة بالتفاوض على السلام، ماذا كانت ستفعل الولايات المتحدة؟".
وتجيب الكاتبة قائلة إنه "في ظل هذا الوضع كانت وزارة الخارجية الأمريكية ستصدر شجبا، ويتبعه تحذير من البيت الأبيض، ويقوم الدبلوماسيون الأمريكيون باحتواء العنف".
وتستدرك خلف قائلة: "لكن هذا هو عام 2019، والرئيس الأمريكي هو دونالد ترامب، وتقوم السياسة الخارجية على النزوات، ويظهر سجل ترامب في الشرق الأوسط في الشرق الأوسط أنه يفضل ذلك النوع من الديكتاتورية، التي لا يستطيع ممارستها في بلاده حتى لو كانت متناقضة مع السياسة التي تبناها الدبلوماسيون العاملون بإمرته".
وتردف الكاتبة قائلة إن "ترامب قام في الأسبوع الماضي بالاتصال مع خليفة حفتر، الرجل القوي الذي يسيطر على شرق ليبيا، والذي شن هجوما على العاصمة طرابلس للإطاحة بالحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة، وصادق الرئيس على هجوم حفتر بهذه الطريقة، مع أن الولايات المتحدة تفضل الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل عقد مؤتمر وطني يتم من خلاله تجاوز الانقسامات التي تلاحق ليبيا منذ الإطاحة بالديكتاتور معمر القذافي عام 2011، أو أن الرئيس ترامب وضع الولايات المتحدة إلى جانب روسيا عندما انضما معا لوقف مشروع تقدمت به بريطانيا لمجلس الأمن يدعو لوقف إطلاق النار، وأن وزارة الخارجية التزمت بالخط الرسمي للولايات المتحدة وشجبت الهجوم".
وتقول الكاتبة إن "ترامب أصبح على ما يبدو أسير قوتين/ دولتين تقومان بإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط على صورتها بعدما أطاحت ثورات الربيع العربي في عام 2011 بعدد من أصدقائها من الحكومات المستبدة، وأصبح تأثيرها أكثر تأثيرا في البيت الأبيض أكثر من صناع السياسة الخارجية".
وتشير خلف إلى أن "النظام الشرق الأوسطي الجديد تقوده كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة (الدولة الخليجية الصغيرة التي تتعدى حجمها)، ويتم تعريف القوتين من خلال العداء ضد إيران، والخصومة ضد قطر والإسلاميين الذين تتعاطف معهم، ومحاولة إعادة الحكومات المستبدة بالقوة إن اقتضى الأمر".
وتجد الكاتبة أن "هذا كله رغم أن ميل الدولتين الخليجيتين نحو الحرب كانت له آثار كارثية، صحيح أن حكومة طرابلس تعتمد على المليشيات، ومنظور نجاح العملية السلمية ضعيف جدا، لكن لا حل عسكريا للأزمة في ليبيا، ومن المحتمل أن تكون نتائج هجوم الجنرال حفتر مصحوبة بالفواجع".
وتقول خلف: "أنظر للتدخل الخليجي الأول في مصر عندما قادت الإمارات الجهود للإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين، ودعمت عودة الجيش إلى الحكم، فمن العدل القول إن مصر لم تكن استبدادية كما هي اليوم، أما المغامرة المضللة الثانية فهي اليمن، الذي قادت فيه السعودية في عام 2015 حملة عسكرية ضد المتمردين الحوثيين، الذين تدعمهم إيران، فقتلت الحرب 10 آلاف شخص، وتسببت بكارثة إنسانية، ولا تزال أمام مأزق".
وترى الكاتبة أن "دعم الجنرال حفتر في ليبيا يهدف لتنصيب مستبد على رأس دولة عربية، وتقويض العملية السياسية التي تفضلها قطر وحليفتها تركيا، التي يرى معظم المجتمع الدولي أنها أفضل طريقة للمضي قدما، وكما قالت الأمم المتحدة، وهي محقة، فإن الهجوم على طرابلس سيشعل حربا أهلية واسعة".
وتلفت خلف إلى أنه "على خلاف اليمن، فإن ليبيا لديها وعد الازدهار، بصفتها دولة غنية بالنفط، وعدد سكانها صغير لا يتجاوز 6 ملايين نسمة، لكن البلد انقسم منذ الإطاحة بالقذافي إلى الحكومة التي يعترف بها المجتمع الدولي في طرابلس ومنافستها في الغرب".
وتعلق الكاتبة قائلة إن "جاذبية حفتر لحلفائه العرب ولقادة مثل ترامب واضحة، فهو رصيد سابق لـ(سي آي إيه)، ويقود مليشيات شكلها من مقاتلي القذافي السابقين، ويزعم أنه قادر على توحيد ليبيا، ويقدم نفسه على أنه علماني يعارض الإسلاميين، رغم أن الإسلاميين الذين تدعمهم السعودية من بين حلفائه، وقدمت له الإمارات ومصر الدعم العسكري".
وتنوه خلف إلى أن "التحول في موقف ترامب من الجنرال بدأ على ما يبدو مع زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لواشنطن هذا الشهر، فيما استضافه الملك سلمان الشهر الماضي".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إنه "بحسب الأمم المتحدة، فإن الأطراف المتنازعة كلها ترسل أسلحة، ولا يستبعد التصعيد في القتال، فكون ليبيا ساحة غير محتملة لتصفية الحسابات الإقليمية والتنافس بين القوى الكبرى، فإنها تحضر نفسها لدماء جديدة، والخاسر في هذا كله هو شعبها".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
إندبندنت: تحقيق أممي بشحنات أسلحة إماراتية لحفتر
الغارديان: ما تداعيات عملية حفتر العسكرية في طرابلس؟
وول ستريت: السعودية وعدت حفتر بتمويل حملته على طرابلس