أعلن مسؤول مصري انسحاب شركة "إعمار" الإماراتية من تنفيذ مشروع بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر، للمرة الثانية في أقل من أربع سنوات، لكن الشركة الإماراتية أصدرت بيانا نفت فيه ذلك وقالت إنها لا تزال مهتمة بالمشروع، وسط تساؤلات عن طبيعة المشروعات التي تنفذها "إعمار"، وحقيقة الخلاف بينها وبين الحكومة المصرية، وتأثيره على العلاقة بين القاهرة وأبو ظبي.
وكان رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة، أحمد زكي عابدين، قال في تصريحات لوكالة بلومبرغ الأمريكية الأسبوع الماضي، إن المفاوضات مع إعمار لتطوير قطعة أرض مساحتها 1500 فدان قد توقفت.
وكشف عابدين، بحسب الوكالة الأمريكية، أن "الشركة الإماراتية تريد شراء الأرض بسعر أقل من 3500 جنيه إلى 4 آلاف جنيه للمتر المربع".
نفي الانسحاب
وفي المقابل، أصدرت فرع الشركة الإماراتية في مصر، بيانا نشرته صحيفة "الإمارات اليوم" أمس قالت فيه، إنها لا تزال مهتمة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر والأراضي الأخرى التي تطرحها الحكومة المصرية.
وأوضحت الشركة أن الحصول على أراضٍ يتطلب مفاوضات طويلة الأجل وتقييمات مالية من قبل كل الأطراف ذات الصلة، مؤكدة استمرار مفاوضاتها للحصول على أراضٍ في العاصمة الإدارية الجديدة.
وأضافت: "سنعلن المزيد من التفاصيل عندما تنتهي المفاوضات، لكن في الوقت نفسه، سنواصل تركيزنا على تقوية محفظتنا العقارية، وإيجاد قيمة مستدامة لأصحاب المصلحة".
وهذه ليست المرة الأولى التي تتعثر فيها المفاوضات بين إعمار والحكومة المصرية بشأن صفقات مشروع العاصمة الجديدة التي تبناها رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي وتم الإعلان عنها في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي يوم 13 آذار/ مارس 2015.
اقرأ أيضا: ما تأثير انسحاب الصين من مشاريع عاصمة السيسي.. ودلالته؟
تعثر المفاوضات
ويأتي الخلاف بين الحكومة المصرية وشركة "إعمار" الإماراتية، بعد أيام من خلاف مصري صيني على تنفيذ مشروع تطوير في العاصمة الإدارية الجديدة، انتهى بإعلان الشركة الصينية "تشاينا فورتشن" انسحابها من المشروع، الذي كانت تبلغ قيمته 20 مليار دولار.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كشف رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة، عن سبب انسحاب الشركة الإماراتية للمرة الأولى، من تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، منذ أقل من 4 سنوات.
وقال عابدين، في ندوة بالجهاز المركزي للتنظيم والادارة، إن "إعمار الإماراتية عندما عرضت على مصر تنفيذ هذا المشروع كان بشروط صعبة جدا، حيث كانت ستحصل على تنمية 180 ألف فدان، وتأخذ 76% من عوائد هذا المشروع، مقابل 14% للدولة" مؤكدا أن هذه النسبة كانت ستمثل خسارة كبيرة لمصر.
وتزعم الشركة الإماراتية أن مشروعاتها السكنية تلقى إقبالا كبيرا من قبل المستثمرين المحليين والدوليين، لافتة إلى أن مشروعاتها تقدم فرصا استثمارية ذات قيمة عالية للمستثمرين الذين يطمحون إلى تحقيق عوائد قوية.
لكن الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، أكد في تصريحات لـ "عربي21"، أن شركة إعمار الإماراتية تكرر تجربة كثير من المستثمرين الخليجيين والأجانب في مصر مثل الخرافي ومستثمري مول العرب ومول مصر.. الخ.
طبيعة الاستثمارات
وأوضح الصاوي أن الاستثمارات الخليجية في مصر تعتمد في غالبيتها على أرقام ومبالغ كبيرة ظاهريا، لكن في حقيقة الأمر أن هذه المبالغ ليست أمولا خليجية جاءت إلى مصر للاستثمار، بل هي عبارة عن قروض من البنوك المصرية، يتم الحصول عليها بضمان هذه المشروعات.
وتابع: "بمعنى أن المستثمر الخليجي يأتي لعمل مشروعات وتعاقدات استثمارية في مصر من ودائع المصريين بالبنوك"، لافتا إلى أن الانسحاب الإماراتي الأول من تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة كان بسبب نقص السيولة بالقطاع المصرفي المصري في ذلك الحين، وعدم قدرة البنوك العاملة في مصر على منح الشركة الإماراتية قروضا لتنفيذ المشروع.
اقرأ أيضا: هكذا تخدع الحكومة المصريين في تمويل العاصمة الجديدة
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن مصر كانت تعاني في ذلك الوقت (منذ نحو أربع سنوات) من أزمة سيولة خانقة بسبب تراجع المعروض النقدي للبلاد، وقيام الحكومة المصرية باقتراض جزء كبير من تلك السيولة لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة.
وأكد الصاوي أن مصر لا تزال تعاني من أزمة سيولة، وإن خفت حدتها بعض الشيء، وهو ما قد يفسر سبب تعثر المفاوضات بين الشركة الإماراتية والحكومة المصرية على تنفيذ المشروع المستهدف، مضيفا: "وقد يكون هناك سبب آخر يتعلق بما أعلنه زكي عابدين حول تقدير نسبة الأرباح والشروط المجحفة التي تحاول الشركة الإماراتية فرضها على الحكومة المصرية".
موقف ضعيف
وأردف: "الاتفاقيات دائما تصاغ لصالح الطرف الأقوى، ومصر في موقف ضعيف، لا تملك فيه سوى الأرض، والأرض ليس لها قيمة في حد ذاتها إلا بطبيعة المشروع المقام عليها".
واستطرد: "وأيضا، قد يكون هناك سبب ثالث لتعثر المفاوضات بين الشركة الإماراتية والحكومة المصرية يتعلق بحسابات الشركة حول الجدوى من المشروع، خاصة أن هذه الشركات تقوم على تمويل مشروعاتها بالقروض من بنوك أجنبية وبالتالي قد تواجه تحديات في سداد ما عليها من التزامات".
وحول تأثير الخلاف بين الشركة الإماراتية والحكومة المصرية على العلاقة بين مصر والإمارات، قال الصاوي إن "الجزء الأكبر من القطاع الخاص الإماراتي هو استثمار حكومي، والإمارات حصلت على مزايا غير عادية في مصر خلال الفترة الماضية في عدة مجالات مختلفة، وبالتالي لن يؤثر ذلك الخلاف حول مشروع على العلاقة بين البلدين".
شروط حازمة
ومن ناحيته، قال الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، في تصريحات لـ "عربي21"، إن "جدول التنفيذ في العاصمة الإدارية حازم إلى درجة كبيرة".
وأضاف: "وفي اعتقادي أنه لا الشركات الصينية ولا الشركات الإماراتية تمكنت من الوفاء بمجموعة من الالتزامات التي وضعتها التي وضعتها الجهة المسؤولة عن تنفيذ مشروع العاصمة الإدارية، وربما يوجد في بنود الاتفاق أن من يخل بشروط التعاقد فسيطبق عليه بعض العقوبات".
وأكد أن الشروط التي وضعتها مصر قاسية وصعبة وهذا قد يكون السبب في انسحاب الشركات من المشروع، أو تعثر مفاوضات التعاقد أو التنفيذ.
يشار إلى أن سهم إعمار العقارية في البوصة الإماراتية واجه الكثير من التحديات منذ مطلع عام 2018، وتراجع إلى أدنى مستوياته السعرية بعد أن تم تداوله ما دون مستويات الأربع دراهم مقابل 6 دراهم في بداية العام 2018، وهذا ربما يشكل تهديدا فيما يتعلق بالقيمة السوقية للشركة التي تقدر حاليا بنحو 28.5 مليار درهم.
وخسر سهم الشركة الإماراتية طيلة العام 2018 ما قيمته 21 مليار درهم (ضعف قيمته السوقية) وتراجع نحو 42.36%، وسط توقعات بمزيد من الخسائر.
رغم موجة الغلاء.. مصر تحرر جميع أنواع البنزين في 2019
هذه حقيقة تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري في 2018
هذا ما جناه السيسي من صندوق النقد.. ماذا عن المصريين؟