نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على أسباب إلغاء الأردن لملحقيْن من معاهدة السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، وعن الدوافع التي أدت إلى توتر العلاقات بين البلدين في الفترة الأخيرة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إنه "من خلال قرار بلاده القاضي بإلغاء العمل بملحقيْن
من معاهدة السلام مع إسرائيل، يتمسك الملك عبد الله الثاني بموقفه تجاه القضية
الفلسطينية ويعرب عن رفضه لعدم ثقة الإسرائيليين والأمريكيين في حل الدولتين".
وأشارت الصحيفة إلى أن "هذه القضية تتجاوز نطاق
رقعتيْن جغرافيتين زراعيتين بشكل كبير، فعلى خلفية إعلانه رفض تجديد ملحقين من
معاهدة السلام التي تربط بين هاتين الدولتين المتجاورتين، تسبب العاهل الأردني،
الملك عبد الله الثاني، في إثارة ضجة داخل أوساط السلطة الإسرائيلية يوم الأحد 21
تشرين الأول/ أكتوبر".
فمنذ توقيعها في سنة 1994، تنص هذه المعاهدة على أن
الأراضي الحدودية، على غرار منطقتي الباقورة (أو نهاريم) والغمر (تسوفار)
الخاضعتين للسيادة الأردنية، تقع تحت تصرف المزارعين الإسرائيليين، دون دفع أي
مقابل مالي، لمدة 25 سنة، وقبل سنة واحدة من تاريخ انتهاء هذه المعاهدة، أعلن
الملك عبد الله الثاني عن عدم رغبته في تجديد هذا الاتفاق، وهو ما يخوله له
القانون.
اقرأ أيضا: هل تعاقب تل أبيب الأردن بتقليص المياه؟.. وزير إسرائيلي يجيب
وأردفت الصحيفة أنه على غير عادته، برر العاهل
الأردني موقفه على حسابه الخاص على موقع تويتر، حيث شدد على رغبته في "اتخاذ
كل القرارات التي تخدم مصالح الأردن والأردنيين"، ويفسر الجانب الإسرائيلي
هذا القرار بأنه طريقة لترسيخ التغير المفاجئ في الموقف الأردني في السياسة
الداخلية للبلاد.
في الواقع، دعا حوالي 80 نائبا أردنيا إلى عدم تجديد
هذا النظام الخاص الذي يطبق على هاتين الرقعتيْن الجغرافيتيْن، وتنبع دعوتهم هذه
من منطلق كرامة وسيادة المملكة الهاشمية، وقد خاض العديد من الخبراء وأطراف أخرى
من المجتمع المدني، بشكل مكثف، في هذا الموضوع خلال الأشهر الأخيرة.
وبينت الصحيفة أن المحلل في مجموعة الأزمات الدولية،
عوفر زالزبرغ، قد أفاد أن "الملك اضطر في مناسبات عديدة سابقة لتجاهل التصويت
على هذا القرار في البرلمان، ما جعله يظهر كمدافع عن إسرائيل، وتسمح الخطوة
الأخيرة بإرسال إشارة إلى إسرائيل مفادها أنه على مواطنيها دفع ثمن التغاضي عن حل
الدولتين والتعامل بطريقة أحادية الجانب في ملف المسجد الأقصى، كما بات ملك الأردن
يتمتع بهامش من حرية التصرف على هذا النحو، منذ أن أصبح غير مجبر على التنسيق عن
كثب مع الإسرائيليين لدعم المعارضة في جنوب سوريا، بعد أن استعادت دمشق السيطرة
على هذه المنطقة".
وفي احتفال نظم بمناسبة ذكرى موت رئيس الوزراء
السابق، إسحاق رابين، يوم الأحد، رد بنيامين نتنياهو بحذر شديد على الموقف الأردني
قائلا إن "هذا الاتفاق (أي اتفاق السلام) يعتبر في مجمله مكسبا هاما
للدولتين". ويُعول المسؤولون الإسرائيليون الآن على السنة القادمة، التي ستظل
فيها هذه المعاهدة سارية المفعول، من أجل التوصل إلى حل مع عمان.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله
إن "الإسرائيليين يتفهمون حيرة الملك على الصعيد الداخلي، ونحن لا نريد وضع
عواقب في طريقه"، الجدير بالذكر أن المظاهرات الجماهيرية، التي تم تنظيمها في
شهر حزيران/ يونيو، ضد إجراءات التقشف المالي أدت إلى الإطاحة برئيس الوزراء
الأردني.
وفي السنوات الأخيرة، كان لدى عمان العديد من
الدوافع لتشعر بالاستياء إزاء حكومة نتنياهو، ويتعلق الدافع الأول بغياب أي
مفاوضات سياسية جادة مع الفلسطينيين، وتواصل الاحتلال، فضلا عن استخفاف الحكومة
الإسرائيلية بمسألة ضم "المنطقة ج"، التي تشكل 60 بالمئة من مساحة الضفة
الغربية، لصالحها.
اقرأ أيضا: هكذا نظر الإسرائيليون لإلغاء الأردن أحد ملاحق اتفاق السلام
وذكرت الصحيفة أنه بسبب تضامنه مع الفلسطينيين وخوفه
من تزعزع الاستقرار الداخلي على أراضيه، ظل هذا البلد شديد الإيمان بحل الدولتين،
الذي يقوم على حدود 1967 ويجعل من القدس عاصمة مشتركة بين الطرفين، وكان الاعتراف
أحادي الجانب للولايات المتحدة بهذه المدينة المقدسة كعاصمة لإسرائيل في كانون
الأول/ ديسمبر 2017 بمثابة الصاعقة التي اهتزت على وقعها الساحة السياسية الأردنية.
وأضافت الصحيفة أن الدافع الثاني للغضب الأردني
يتعلق بإدارة الأماكن المقدسة في القدس الشرقية، التي يتحمل الأردن مسؤولية
الإشراف عليها عن طريق مؤسسة الوقف. لكن، تعتقد المملكة الهاشمية أن اليمين
الإسرائيلي يشكك في الوضع القائم الذي يتم تطبيقه في هذا المكان، والمتمثل في
السماح لغير المسلمين بالدخول إلى المسجد الأقصى.
ومن حيث المبدأ، يمكن لليهود، كغيرهم من السياح الأجانب،
زيارة هذا المكان في أوقات معينة دون الصلاة فيه. لكن، ازداد عدد المتطرفين، خاصة
خلال الأعياد اليهودية، الذين يتنقلون إلى هناك، تحت إشراف الشرطة وحمايتها. وباتت
مؤسسة الوقف عاجزة عن التدخل.
وتطرقت الصحيفة إلى أن السبب الأخير لتوتر هذه
العلاقات الثنائية يرتبط بجريمة تم ارتكابها في شهر تموز/ يوليو سنة 2017، حين قتل
حارس في السفارة الإسرائيلية في عمان أردنيا حاول طعنه، كما أصيب أحد المارة بجروح
قاتلة، على إثر ذلك، وسحبت إسرائيل جميع موظفيها من البلاد، ووفقا للأردن، لم تعرب
الحكومة الإسرائيلية عن أسفها إزاء هذا الحادث سوى بحلول شهر كانون الثاني/ يناير
من سنة 2018، وهكذا، عادت العلاقات الدبلوماسية إلى ما كانت عليه في السابق،
ومؤخرا، استلم سفير جديد للمملكة الهاشمية مهامه في إسرائيل.
تقدير إسرائيلي في كيفية التعامل مع غزة.. حسم أم احتواء
واشنطن بوست: كيف استغل ابن سلمان ونتنياهو ترامب؟
فورين بوليسي: خطة كوشنير للسلام ستقلب الأردن رأسا على عقب