قال
اقتصاديون إن تأجيل الحكومة المصرية طرح حصة من شركة الشرقية للدخان أحد أكبر وأهم
شركات القطاع العام، يعكس عدم ثقة الحكومة في البورصة التي هوى مؤشرها الرئيسي
بنحو 25% منذ نيسان/ أبريل الماضي.
واستكملت
البورصة المصرية مسلسل الهبوط، الأحد، بعد قرار اللجنة العليا لإدارة برنامج
الطروحات، الجمعة، تأجيل طرح 4.5% من أسهم شركة الشرقية للدخان في البورصة، التي
كان من المقرر أن تكون بداية تنفيذ البرنامج.
كانت
وزارة المالية المصرية قالت الشهر الماضي إن الحكومة ستبدأ برنامج الطروحات، الذي
يشمل أكثر من 20 شركة، ببيع أسهم الشرقية للدخان بالبورصة بمقدار 4.5 بالمئة لجمع
نحو ملياري جنيه (112 مليون دولار).
طرح
إلزامي
وأكد
خبيران في تصريحات لـ"عربي21" أن تأجيل الطرح لا يعفي مصر من تنفيذه،
وأنها لا تزال ملتزمة بطرح حصص في نحو أربع شركات من شركات القطاع العام
الكبرى مقيدة بالسوق قبل نهاية العام الحالي 2018 تنفيذا لقرارات صندوق النقد.
تحديات
الطرح وأزمة إلغائه
وفيما
يتعلق بالتحديات التي تواجه الطروحات، يقول وكيل وزارة الصناعة للبحوث
الاقتصادية السابق، عبد النبي عبدالمطلب، لـ"عربي21" إن "هذه
التحديات تتمثل في تراجع أسعار أسهم الشركات المقيدة، نتيجة الأزمة التي عانت منها
البورصة المصرية متأثرة بأزمة الأسواق الناشئة، وخروج الاستثمارات منها، وارتفاع
الفائدة في أدوات الدين الحكومية".
وأضاف:
"الحكومة المصرية وعدت بطرح حصص بعض الشركات في البورصة على أمل تنشيط
البورصة من جهة، وتوسيع قاعدة ملكية الناس لها، وتوفير تمويل يساهم في زيادة
الاستثمار في مشروعات الشركة، من جهة أخرى، لكن البورصة منيت بخسائر، وكل الدلائل
تشير إلى استمرار الاتجاه الهبوطي حتى نهاية العام، ومن هنا أي حكومة وطنية تفكر
في مستقبل أموال الشعب لن تجازف بطرح أسهم شركات هي بالفعل رابحة".
وبشأن
ما يتردد من فقدان المصداقية في السوق المصري، أكد أن "الحرص على أموال الشعب
يدل على الواقعية والوطنية، ولكن المطلوب أيضا هو الكثير من الشفافية حتى توضح
الأمور، إذ إن عدم وفاء الحكومة بالوعود أدى بالفعل إلى اضطرابات".
وكشف
عبد المطلب أن الحكومة المصرية لا ترغب في الاستمرار في برنامج الطروحات، قائلا:
"أعتقد أنها مدفوعة من قبل صندوق النقد الدولي، ولكن المأساة أنها وقعت اتفاقا
معه يتضمن التزامات، من بينها برنامج الطروحات، وعدم التزامها يعرضها إلى انتقادات
كثيرة من إدارة الصندوق، وربما يعطل تسليم الدفعة القادمة من القرض، بل ويذهب إلى
أبعد من ذلك بإعلان فشل برنامج الحكومة الاقتصادي، ما يشكل ضربة قاسية
للاقتصاد".
علامات
استفهام
خبير
أسواق المال، وائل النحاس، طالب بفتح تحقيق في ملابسات صفقة طرح حصة 4.5% بالمئة
من أسهم الشرقية للدخان في البورصة، قائلا: "توجد علامات استفهام حول تلك
الصفقة، فسعر الطرح هو متوسط سعر السهم في 3 شهور، وعليه فإن المضاربين قاموا
بالمضاربة على السهم هبوطا حتى خسر نحو 25% من قيمته، ما يعني تحقيق خسائر كبيرة
إذا تم البيع".
ووصف
في تصريحات لـ"عربي21" "ما يدور في الأروقة بشأن أن الأهم هو
التزام الحكومة نحو المستثمر الأجنبي بغض النظر عن السعر الحالي للسهم هو هراء؛ لأنها
أموال الشعب، وشيء آخر فالمشتري لسهم الشرقية للدخان هو الشريك الأجنبي الذي يريد
أن يجبر الحكومة على البيع بسعر رخيص، ويمول عمليات شرائه من خلال رفع أسعار
السجائر مرة تلو الأخرى ما يوزاي قيمة الصفقة".
وأضاف:
"أرفض الطرح جملة وتفصيلا؛ إذا كنا نقول إن أسلوب طرح أسهم الشركات في عهد
مبارك شابه علامة استفهام، فإن هذه الأيام هناك علامات استفهام أكبر من تلك التي
كانت أيام مبارك".
وطالب
النحاس الحكومة "عدم التسرع في برنامج الطرح؛ لأن هذه آخر ورقة توت تملكها
الحكومة المصرية من أصولها، ولا داعي لبيع الشركات بتراب الفلوس حتى ترضي صندوق
النقد، وعليها طرح الشركات الجديدة وليست الشركات القديمة، وأن تتخلى عن فكرة
الطرح نهائيا".
بيع عشوائي يعصف بالأسهم المصرية والخسائر "كارثية"
لماذا لا يجني المصريون ثمار نمو حكومة السيسي؟
ارتفاع جديد بأسعار الإسمنت في مصر.. أين ذهب مصنع الجيش؟