يعاني مئات المعتقلين في
السجون المصرية من الحرمان من حقهم في رؤية ذويهم عبر الزيارات التي يكفلها القانون والدستور لكل السجناء.
ويقول حقوقيون وأهالي معتقلين إن المنع من الزيارة لأشهر طويلة أصبح أحد أساليب
التعذيب وإساءة المعاملة التي يتعرض لها كثير من سجناء الرأي.
شهادات مفجعة
وفي هذا الإطار، قالت ليلى سويف، والدة الناشط السياسي المعتقل علاء عبد الفتاح، عبر صفحتها على "فيسبوك"، إن العديد من الأسر التي بحوزتها تصاريح زيارة تفشل في رؤية أبنائهم، ولا يتم السماح لأغلبهم بالدخول إلى السجون.
كما أكدت أسرة الصحفي معتز ودنان، المعتقل منذ ستة أشهر، إنهم ممنوعون من زيارته منذ إلقاء القبض عليه في شباط/ فبراير الماضي، ولم يتمكنوا من رؤيته سوى مرة واحدة ولمدة 5 دقائق فقط، في أثناء عرضه على نيابة أمن الدولة لتجديد حبسه على ذمة القضية.
وأضاف شقيقه أحمد، عبر "فيسبوك"، أنه على الرغم من قرار محكمة القضاء الإداري السماح لأسرته برؤيته وحصولهم على تصريح من النيابة بالزيارة، فإنه كلما توجهت الأسرة لزيارته، تقوم إدارة سجن العقرب بمنعهم من الدخول، مؤكدا أن ودنان محبوس انفراديا وممنوع من العلاج والتريض.
وفي السياق ذاته، قال نور الدين فهمي، محامي الصحفي المعتقل بدر محمد بدر، إنه ممنوع من الزيارة والعلاج منذ اعتقاله في آذار/ مارس 2017 بقرار من رئيس قطاع مصلحة السجون، مؤكدا، في تصريحات صحفية، أن بدر يعاني من مرض السكري، ومشاكل في القلب، وارتفاع ضغط الدم، وترفض إدارة السجن عرضه على المستشفى تنفيذا لقرار النيابة في هذا الشأن.
من جانبها، قالت منار طنطاوي، زوجة الصحفي هشام جعفر، المعتقل منذ أكثر من ثلاث سنوات، إنها لم تر زوجها منذ ثمانية أشهر، حيث تم منع الزيارة عنه طوال هذه المدة.
وأضافت طنطاوي أن قرار المنع من الزيارة جاء عقابا لزوجها بعد مشادة كلامية بينه وبين رئيس مباحث سجن العقرب في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حينما طالب ببعض حقوقه باعتباره محبوسا احتياطيا، ومنذ ذلك التاريخ يتعرض لانتهاكات عديدة مثل الحبس الانفرادي والمنع من العلاج والتريض.
إجراءات مرهقة
وبحسب شهادات أهالي معتقلين تحدثوا لـ "
عربي21"، فإن إجراءات استخراج طلب الزيارة تكون مرهقة لأقارب المعتقل، حيث يتقدمون بطلب للنيابة، وينتظرون أسبوعا كاملا لمعرفة الرد على الطلب، سواء بالموافقة أو الرفض، وفي حالة الموافقة على الطلب تتوجه الأسرة للسجن لزيارة الشخص المعتقل، وهناك غالبا ما ترفض إدارة السجن السماح لها بالدخول بحجج متعددة.
وقال الناشط الحقوقي عادل عبد اللطيف إن كثيرا من المعتقلين، خاصة قيادات المعارضة والناشطين المعروفين والإعلاميين، يتم منعهم من الحقوق الأساسية للسجين، ومن بينها الزيارة، مؤكدا أن هذه الطريقة في المعاملة تعد أحد أساليب التعذيب والضغط التي تمارسها السلطات بحق المعتقلين.
وأضاف عبد اللطيف، في تصريحات لـ "
عربي21"، أن أهالي المعتقلين يتم استنزاف طاقاتهم في دائرة مفرغة، حيث يتوجهون إلى النيابة لاستصدار إذن بالزيارة، وبعد أسبوعين أو ثلاثة يحصلون على الإذن، وحينما يتوجهوا إلى السجن يتم أخذ تصريح الزيارة منهم، ثم يمنعون من رؤية أبنائهم، ليبدأوا هذه الرحلة الشاقة من جديد!.
وقال إن المنع من الزيارة يعد أحد أشكال التعذيب المعنوي للسجين، حيث يعرض صحته النفسية للخطر، وفقا لاتفاقيات الأمم المتحدة، موضحا أن قرارات المنع نادرا ما تصدر من النيابة، لكن الغالبية العظمى منها يكون بتعليمات غير مكتوبة من إدارة السجون؛ بغرض التضييق على المعتقلين.
وأشار إلى أن منع الزيارة عن آلاف المعتقلين لهذه المدة الطويلة تفتح الباب واسعا لاتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة، وتعذيب ضد المحبوسين والسجناء داخل السجون المصرية، بدليل قطع اتصالهم بالعالم الخارجي.
ثماني قضايا
وتعليقا على هذه المعاناة، يقول المحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أحمد عبد اللطيف، إن مئات المعتقلين المدرجين في ثماني قضايا كبرى ما تزال قيد التحقيقات ممنوعون من الزيارة، بقرارات غير مكتوبة من مصلحة السجون، لافتا إلى أن جميع الزيارات بسجن العقرب ممنوعة منذ أيلول/ سبتمبر الماضي.
وأوضح عبد اللطيف، في تصريحات صحفية، أن الدستور المصري والمواثيق الدولية تنص على حق المسجون في لقاء ذويه، مشيرا إلى أن قانون تنظيم السجون ينص على أنه "لكل محكوم عليه الحق في التراسل والاتصال التليفوني بمقابل مادي، ولذويه أن يزوروه مرتين شهريا"، كما تنص المادة 60 من لائحة السجون على أنه "للمحكوم عليه بالحبس البسيط والمحبوسين احتياطيا الحق في التراسل في أي وقت، ولذويهم أن يزوروهم مرة واحدة كل أسبوع ما لم تمنع النيابة العامة أو قاضي التحقيق ذلك".
ولفت إلى أن السلطات تحرم السجناء من الزيارة بقرار من إدارة السجن، بالمخالفة للقانون، وفي بعض الحالات تتحايل على القانون بتقصير مدة الزيارة إلى دقائق قليلة بدلا من ساعة كاملة كما ينص القانون.