يظل الصوت الكردي المتمركز في 11 ولاية بجنوب وشرق
تركيا لغزا محيرا
للمحللين السياسيين حول وجهته الحقيقية في
الانتخابات المرتقبة في 24 من حزيران/
يونيو؛ وذلك نظرا للتغيرات الكثيرة التي شهدتها تلك الولايات، لا سيما طرد قوات حزب
العمال الكردستاني الـpkk، التي كانت تتهم بإجبار
الأكراد على التصويت لصالح مرشحيها، وهو ما ينفيه الحزب.
واللافت أن أصوات الولايات الكردية كانت مرجحة في الاستفتاء الأخير
على الدستور بعد الحسم العسكري ضد قوات pkk.. فهل تكون مرجحة اليوم لصالح أردوغان؟
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي التركي باكير أتاجه، لـ"
عربي21"، أن المعتاد أن تذهب أصوات 60% من الأكراد لصالح مرشح حزب الشعب الديمقراطي ديمرطاش،
و40% لصالح أردوغان في المحافظات الكردية. إلا أن الحسم العسكري الأخير قد يضيف
10% من الأصوات لصالح أردوغان، فيرفع نسبته إلى 50% لكليهما.
وفي حالة الإعادة قد يفقد أردوغان 20% من أصوات الأكراد، لتقل نسبته
إلى 30% من إجمالي الأصوات الكردية، حيث إن نسبة كبيرة منهم قد تتقاعس عن الذهاب للتصويت
في الإعادة، حيث لا يوجد مرشح لهم. وبالنسبة للانتخابات البرلمانية، فالصوت الكردي مشتت
لا يمكن احتسابه في أي اتجاه.
أما القيادي الكردي الشيخ صالح تورجوت من أورفا، رئيس جمعية الرها للإغاثة، فيؤكد أن أصوات الأكراد لن تتوجه إلى مرشحي حزب الشعوب الديمقراطي، "بعد أن اكتشفوا أنه كذب
عليهم في الانتخابات الماضية، حيث أوهمهم أنه سوف يحقق مصالحهم ويتعاون مع الحكومة لمزيد
من الخدمات، لكنهم فوجئوا بأنهم حولوا مدنهم وقراهم إلى ساحة اقتتال، وحفروا الخنادق، ووضعوا الحواجز".
وأضاف تورجوت لـ"
عربي21"،
أن الأكراد اليوم أصبحوا "يتمتعون بحرية كبيرة بعد نجاح الجيش التركي في تطهير مناطقهم
من حزب العمال الكردستاني، الذي كان يجبرهم على انتخاب مرشحي حزب “hdp” ورئيسه ديمرطاش بالقوة، ما يعني أن ديمرطاش
لن يحصل على أكثر من 5% في هذه الانتخابات، بينما سيحصد أردوغان غالبية أصواتهم".
في حين يؤكد الباحث والإعلامي
التونسي المختص بالشأن التركي، إبراهيم بو عزي، أن الأكراد في تركيا أصواتهم مشتتة، ولم تجتمع يوما لدعم حزب أو مرشح واحد، لكن الرغبة في إخراج رئيس حزب الشعوب الديمقراطي
صلاح الدين دميرطاش من السجن هذه المرة يمكن أن تجمع غالبية الأصوات الكردية وراء ذلك
الحزب ومرشحه.
هذا إضافة إلى أن تحالف العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية سيمنع
كثيرا من الأكراد من التصويت لهذا التحالف الانتخابي.
لكن يبقى حزب الهدى الكردي الإسلامي هو عنصر التوازن بين أكراد تركيا،
فالمحافظون منهم والموالون لحزب الهدى لن تذهب أصواتهم لدميرطاش اليساري، بل لأردوغان. أما في الانتخابات النيابية، فستتوزع أصوات الأكراد وتتشتت أكثر مما هو عليه الحال في
الرئاسة.
وقال بوعزي لـ"
عربي21"، إنه من المستبعد أن يتجاوز حزب الشعوب
الديمقراطي حاجز الـ10%، وذلك لصعود نجم حزب الهدى وانتشاره بين الأكراد، ولسيطرة الدولة
أمنيا وعسكريا على جنوب شرق الأناضول وتطهير المنطقة من العمال الكردستاني.
الشعوب الديمقراطي يتقاسم الصوت الكردي مع العدالة والتنمية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان، أن الأصوات الكردية
سيتقاسمها مرشحو حزب الشعوب الديمقراطي والعدالة والتنمية، بينما سيحصل مرشحو الشعب
الجمهوري على نسبة قليلة من أصوات الأكراد، فيما لن تحصل مينار أكشينر على صوت كردي
واحد؛ نظرا لحالة العداوة بينها وبينهم منذ كانت وزيرة للداخلية، حسب قوله.
وأضاف أوزجان لـ"
عربي21"، أن الأكراد منقسمون على أنفسهم
دائما، ولا يصوتون ككتلة صلبة، كما أن اختفاء تنظيم pkk قد يصب لصالح بعض مرشحي العدالة والتنمية، ولكن من الصعب التنبؤ بمصير
حزب الشعوب الديمقراطي الذي سيحصد أصوات القوميين الأكراد الذين يرفضون التصويت لصالح
تحالف يضم حزب الحركة القومية.
"الأكراد سيرجحون كفة أردوغان"
من جهته، توقع رجل الأعمال التركي علاء الدين شنكولر، أن يرجح الصوت الكردي
كفة أردوغان كما حدث في الاستفتاء الأخير، وأن تذهب غالبية أصوات الأكراد لصالح الاستقرار
والتنمية الاقتصادية والخدمات التي ظهرت على يد حكومة العدالة والتنمية.
وأضاف شنكولار لـ"
عربي21" أن تحالف أردوغان سيجذب أصوات المترددين؛ نتيجة توافر أجواء الحرية والتوعية السياسية للناخبين الأكراد، والتي لم تكن متوفرة
من قبل، كما أنه من المتوقع تراجع التصويت وفق الحسابات القومية الكردية.
"ديمرطاش وحزبه سيحصدون 80% من أصوات الأكراد"
على العكس مما سبق، يرى أمين عام
حزب الشعوب الديمقراطي ببلدية بهجلي ايفلر آدم برهان، أن مرشحي حزبه في الانتخابات
البرلمانية سوف يحصدون نسبة تتراوح من 60 إلى 80% من أصوات الولايات الكردية، بينما
نصيب مرشحي بقية الأحزاب -لا سيما العدالة والتنمية- يتراوح من 20 إلى 40% من أصواتهم، وتضم طبقة كبار ملاك الأراضي والأثرياء.
وأضاف برهان لـ"
عربي21" أن "مرشحهم الرئاسي صلاح الدين
ديمرطاش سيحصد أكثر من 80% من أصوات الأكراد وقطاع من معارضي سياسة أردوغان"، مشككا فيما تروج له الدولة "بالقضاء على مقاتلي الـpkk.. حيث إنهم يتحدثون عن مراكز اقتراع جماعية
للعديد من القرى بالولايات الكردية؛ من أجل حرمان حزبنا من أصوات أنصاره، وبحجة توفير
الأمن للصناديق والناخبين".
ونفى أن يكون لإبعاد مقاتلي حزب العمال الكردستاني انعكاس سلبي على
التصويت لمرشحيهم، حيث لا تأثير لهم على اختيارات الأكراد، فكل منهم يعرف من يختار، مشيرا إلى أنهم غير معنيين بالحالة الأمنية، فهي مسؤولية الدولة، متوقعا أن يتجاوز حزبهم نسبة
14% في هذه الانتخابات، مقللا من تأثير حزب الهدى الإسلامي الكردي على حصة حزبهم.
ويؤكد الشاب أوزجر الكردي من ديار بكر لـ"
عربي21" أن غالبية
الأكراد سيصوتون لأردوغان من أجل الاستقرار، في حين يؤكد إبراهيم ياشاسين لـ"
عربي21"
أن الأتراك من أصول كردية يفضلون الوقوف إلى جانب الحزب الذي مد إليهم يد العون وخلصهم
من الإرهابيين.