تحدث
آخر وزير للموارد المائية والري بعهد حسني مبارك، الدكتور محمد نصر الدين علام، عن
ورقة مصرية جديدة قد تقلب دفة مفاوضات سد النهضة.
علام
قال، عبر صفحته بفيسبوك، إن "عدم الاتفاق على الربط الكهربائي مع السودان وإثيوبيا
يعد ورقة مصر الرابحة".
وأوضح
بردوده على متابعي صفحته، أن "مصر هي الدولة الوحيدة القادرة اقتصاديا على تكاليف
الربط الكهربائي واستيعاب كميات كهرباء السدود والسدود الأخرى القادمة، ولا توجد دولة
ثانية في المنطقة قادرة على ذلك دون الدخول في التفاصيل الاقتصادية والجغرافية والسياسية
للدول الأخرى".
وأضاف
أن "إثيوبيا لا تستطيع استخدام أكثر من 25 إلى 30 بالمئة على الأكثر من كهرباء
السد لسببين، الأول: ارتفاع سعر نقلها للداخل الإثيوبي؛ نظرا لوجود السد على أطراف إثيوبيا
قرب السودان، وثانيا: ارتفاع تكاليف الكهرباء عدة مرات عن السعر المدعم محليا".
وأكد
علام أنه "من غير توليد الكهرباء سيتم إغلاق التوربينات بسد النهضة تماما، ويتحول
السد لحائط مبكى تنهدر من أعلاه المياه من مخارج الفيضانات، وقد يؤثر ذلك على سلامته".
الوزير،
الذي رفض الحديث لـ"عربي21"؛ بحجة اعتزاله العمل العام، وأنه لا يتحدث على الإطلاق
للإعلام حول هذه الموضوعات، أضاف أن "الكل يعلم السبب ومتفهمه ويحترمه".
وكان
علام انتقد إدارة السيسي لملف سد النهضة، وقال في حوارات صحفية وتلفزيونية عام
2016، إنه "كارثة"، وإن مصر ستفقد
200 مليار متر مكعب مياه، تؤثر على الكهرباء، وتتسبب بتجفيف السد العالي، وتوقف توربيناته،
وإننا سنعاني 10 سنوات جفاف، وسنشتري المياه كي نعيش.
وهي
التصريحات التي تبعها حبس الوزير الأسبق 7 سنوات في شباط/ فبراير 2017، بتهمة إهدار
المال العام بملف أراضي الشركة الكويتية، فيما تم الإفراج عنه بعد قبول طعنه على الحكم
تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
"كلام
غير دقيق"
وفي
تعليقه، رفض أستاذ هندسة السدود بجامعة Uniten-Malaysia، الدكتور محمد حافظ، رؤية الوزير السابق، وقال: "يبدوا لي أن نصر علام خاف بعد حبسه؛ فهو بدأ يتلون خوفا من أي عقاب جديد".
الأكاديمي
المصري أوضح لـ"عربي21"، أن "سد النهضة سيعمل بكفاءة أقل من 30 بالمئة،
بمعني أن إثيوبيا ركبت تروبينات قادرة على توليد 6450 ميجاوات، بينما واقع الطاقة
الكامنة بمياه النيل الأزرق عند موقع سد النهضة لا تكفي لتوليد إلا 1800 ميجاوات، وأن
حجز 74 مليار متر مكعب خلف السد لن يحدث إلا مرة واحدة بتاريخ بنائه".
وأضاف
حافظ، أنه "وبمجرد الانتهاء من بناء السدود الثلاثة العلوية سوف ينتقل التخزين
من سد النهضة إليها، ولن يكون بسد النهضة إلا قدر من المياه تكفي فقط لتوليد 1800 ميجاوات"،
مؤكدا أن "إثيوبيا ستكون قادرة على توليد 6000 ميجاوات مرة واحدة فقط بتاريخ السد
بشهر أيلول/ سبتمبر 2020، أي بعد 3 سنوات من بدء الملء، وبعدها يتناقص الإنتاج، ويصبح
ثابتا لا يزيد على 1800 ميجاوات".
وبين
خبير المياه والسدود، أن "تلك الكمية أقل بكثير مما يحتاجه السودان على مدار 5 سنوات القادمة، حيث إن لديه عجزا يزيد على 2000 ميجاوات بحلول عام 2020، ما يعني أن
السودان وحده قادر على استيعاب كامل إنتاج سد النهضة دون الحاجة لبيعها لمصر، وكذلك
جنوب السودان وكينيا".
وأكد
أن "القول بأن مصر أكبر مشتر للكهرباء قول غير مدروس؛ لأن دول المنطقة قادرة على استيعاب أكثر من 3000 ميجاوات، في وقت لن ينتج سد النهضة بعد عام 2020 غير 1800
فقط"، موضحا أن "موضوع الربط الكهربائي ليس ورقة رابحة لمصر، ولا تعول عليه إثيوبيا ولا تهتم به".
دور
الإمارات وعرض السيسي
وأشار
حافظ إلى جانب آخر، وقال إن "مصر هي من تلح بالطلب من إثيوبيا لعمل ربط كهربائي؛ بهدف تليين موقف أديس أبابا"، موضحا أنه "لذلك زار وزير خارجية الإمارات إثيوبيا
بداية آذار/ مارس الماضي، لعرض تمويل شبكة الربط بين إثيوبيا والسودان ومصر كنوع من
مساندة أبوظبي للسيسي؛ لمساعدته في حل مشكلة السد".
وأضاف
أن "السيسي عرض على إثيوبيا دفع كامل تكاليف سد النهضة، أي 6 مليار دولار، وإنشاء
شبكة ربط لشراء سد النهضة، بشرط موافقة إثيوبيا على عدم التخزين خلال 3 سنوات"،
مؤكدا أن "هذا العرض رفضته إثيوبيا".
"ليست
ورقة ضغط"
من جانبه، قال رئيس قسم الموارد الطبيعية في معهد البحوث الأفريقية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس
شراقي، إن "الدكتور علام قامة علمية كبيرة، أتفق معه بنسبة كبيرة، واختلف بالقليل"،
موضحا أنه "في موضوع الكهرباء، فإن "إثيوبيا تعتمد على تصديرها لدول الجوار، بما فيها مصر، وتقوم حاليا بعمل شبكة ربط ببعض الدول".
شراقي،
أكد لـ"عربي21"، أن "الكهرباء المتوقع إنتاجها، رغم أنها كبيرة من مشروع
واحد، إلا أنها متواضعة على مستوى دولة بحجم إثيوبيا يسكنها 110 مليون نسمة بقدرة
4000 ميجاوات من جميع المشروعات، بالإضافة إلى 6450 ميجاوات من سد النهضة بإجمالي 10450 ميجاوات، التي لو وزعت داخليا لبقي أكثر من 50 بالمئة من الإثيوبيين دون كهرباء،
وأنها تستطيع الاستفادة من كهرباء السد بمنطقة أديس أبابا".
وأضاف: "أما بيع الكهرباء لمصر أو الربط معها، فليس ورقة ضغط كبيرة للقاهرة"، مؤكدا
أنه "لا توجد أوراق ضغط بالمعنى الحقيقي مثل قطع المعونات أو وقف التصدير أو الاستيراد
أو الاستثمار أو بتحالفات إقليمية، ولكن لدينا الحق والتمسك به عبر الأمم المتحدة باستخدام
الدبلوماسية المصرية".
اقرأ أيضا: هل تخسر مصر معركة المياه مع إثيوبيا.. وما حظوظ تدويلها؟
القاهرة قلقة بعد قمة سودانية إثيوبية لبحث "السد"
هل تخسر مصر معركة المياه مع أثيوبيا.. وما حظوظ تدويلها؟
وزير سابق يكشف عن كارثة جديدة تهدد مصر.. هذه تداعياتها