نشر موقع "بلومبيرغ" مقالا للكاتب أندرو باردن، يقول فيه إنه وبعد ساعة من سقوط 100 صاروخ كروز على
سوريا، خرج رئيس النظام السوري بشار
الأسد يلبس بدلة غامقة، ويمشي من خلال بوابة قصره بكل ثقة.
ويورد باردن في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، نقلا عن الأسد، قوله في أول تعليق له على الضربة: "(إن) هذا العدوان لن يزيد سوريا والشعب السوري إلا تصميماً على الاستمرار في محاربة الإرهاب وسحقه في كل شبر من تراب الوطن".
ويشير الكاتب إلى أنه في الوقت الذي تسبب فيه الهجوم، الذي قامت به أمريكا وبريطانيا وفرنسا، بتدمير مواقع عسكرية ومواقع أبحاث مرتبطة بالأسلحة الكيماوية، إلا أنه لم يفعل شيئا لإضعاف إمكانيات الأسد من شن الحرب، ولم يستهدف المقاتلين الروس أو الإيرانيين، أو مقاتلي حزب الله الذين يؤيدونه.
ويفيد باردن بأن "الهجوم أبرز أن دول الناتو لن تتسامح مع استخدام الأسلحة الكيماوية، لكنها أيضا أرسلت رسالة للأسد بأن موقعه آمن، وأنه يمكنه فعل أي شيء آخر، وكما قالت رئيسة وزراء المملكة المتحدة تيريزا ماي، فإن الهجوم (لم يكن يتعلق بتغيير النظام)".
ويقول الكاتب إنه "دون أن يزيد التحالف من ضرباته من ناحية تكرارها وحجمها -ويبدو الآن أن ذلك لن يحدث- فليست هناك إمكانية لإيقاف الأسد، فهو تقريبا انتصر في حربه، ويستطيع داعموه في التحالف الثلاثي العودة إلى متابعة أهدافهم السياسية".
ويعلق باردن قائلا: "عادت الحياة إلى مجراها الطبيعي بالنسبة لطبيب العيون، الذي حكمت عائلته سوريا على مدى نصف قرن، لقد رأس حربا قتلت حوالي نصف مليون إنسان، وشردت الملايين من بيوتهم، وهو لا يزال حرا يتجول في قصره الرئاسي".
ويلفت الكاتب إلى أنه "في الوقت الذي ملأت فيه صور الأطفال المرضى، الذين يموتون بسبب الهجوم الكيماوي الفضاء الإلكتروني الأسبوع الماضي، تقدمت المدمرتان الأمريكيتان وينستون تشرتشل ودونالد كوك باتجاه البحر المتوسط، وكانت السفينتان تحملان حوالي 90 صاروخ كروز من نوع (توماهوك)، وهو النوع الذي استخدم في الهجوم مساء الجمعة، إلا أن السفينتين لم تطلقا أيا من تلك الصواريخ، ولم تكن السفينتان سوى جزء من خطة للفت أنظار
روسيا، بحسب فريقنا الإخباري في واشنطن".
وينوه باردن إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شجب الضربات, ووصفها بأنها "فعل عدواني", ولم يتحدث عن احتمال الانتقام, ولم تعلن وزارة الدفاع الروسية عن ضحايا, سواء بين الروسيين أو السوريين أو أي أضرار كبيرة, مشيرا إلى أن "هذه لم تكن نتيجة سيئة بالنسبة لبوتين، خاصة أن كلا من أمريكا وبريطانيا وفرنسا أعلنت أنها وصلت إلى حدود طموحاتها العسكرية في سوريا، على الأقل إلى الآن".
ويبين الكاتب أن ماي أصرت على أنها كانت محقة في أمرها بتوجيه ضربات ضد مرافق الأسلحة الكيماوية دون السعي للحصول على تأييد أعضاء البرلمان، حيث اتهمتها المعارضة بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحركها، منوها إلى أنها ستواجه يوم الاثنين معارضيها في البرلمان، حيث لا يتمع حزبها بالأغلبية، وقد يقرر رئيس البرلمان التصويت بأثر رجعي على الهجمات.
وتذكر الصحيفة أن هجمة يوم الجمعة تضمنت الاستخدام الأول لصاروخ كروز متخف من صناعة "لوكهيد مارتنز"، الذي تم إنتاجه كجزء من برنامج تسليح تكلفته 4.6 مليارات دولار، لافتة إلى أن هذا الصاروخ يتميز بصغر مقطعه العرضي، بحيث يصعب كشف الرادار له، وهو مصمم لاختراق أراضي العدو لمسافة 200 ميل (322 كم)، بحسب تقرير لتوني كباشيو.
يشير باردن إلى أن أسعار الأسهم ارتفعت في الأسواق العربية اليوم، بعد أن تراجع خطر مواجهة عسكرية بين أمريكا وروسيا في سوريا، وقال المحللون بأن المستثمرين ركزوا على مبيع قطر لسندات الديون السيادية.
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنه عندما أعلن ترامب أن "المهمة تمت" صباح السبت، فإنه أثار مقارنات لا بد منها بين ذلك وبين إعلان جورج بوش الابن، في أيار/ مايو 2003، عن انتهاء العمليات العسكرية في العراق، بعد شهرين من الغزو من على حاملة طائرات أمريكية، حيث كانت خلفه يافطة مكتوب عليها "انتهت المهمة"، ولا يزال الجيش الأمريكي عالقا هناك بعد 15 عاما.