نشر موقع "ديلي بيست" مقالا للصحافي روي غوتمان يقول فيه إن سوريا قد تكون أعقد مشكلة على الأرض، فهناك أربع قوى خارجية؛ إيران وروسيا وتركيا وأمريكا تسيطر على أراض، أو لها قواعد، وغيرها مثل إسرائيل تقوم بالغارات الجوية بشكل مستمر، وحتى العراق ينتظر أن يتدخل.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "الحرب بدأت قبل سبع سنوات وشهر، وبالرغم من جهود المجموعتين الدوليتين، اللتين تتعاملان مع سوريا، عملية جنيفا برعاية أمريكية روسية، ومجموعة الأستانة، تركيا وإيران وروسيا، فإنه لا يبدو أن هناك نهاية مرئية، وعادة ما يعزى المأزق إلى عناد رئيس النظام السوري بشار الأسد".
ويستدرك غوتمان بأنه "في قلب الوضع في سوريا مجموعة كبيرة من جرائم الحرب تتخفى على شكل حرب أهلية، فبعد أن بدأ السوريون بالتظاهر في الشوارع، مطالبين بإصلاحات سياسية عام 2011 بفترة وجيزة، شن الأسد حربا على شعبه استهدفت المدن والبلدات، والمستشفيات وخدمات الإنقاذ والمساجد والمدارس والأسواق، وأمر بمحاصرة وتجويع الآلاف في ريف دمشق، ومنع عنهم الدواء، واستخدم الأسلحة الكيماوية أكثر من مرة، كانت آخرها في دوما يوم السبت".
ويلفت الكاتب إلى أن "القصف العشوائي أرهب 12 مليونا من 23 مليونا في سوريا، ففروا من بيوتهم، 5 ملايين منهم خرجوا لاجئين خارج سوريا، وكما قال القائد الأمريكي في الناتو عام 2016 الجنرال فيليب بريدلوف، بأن الأسد ومؤيديه الروس يستخدمون اللاجئين السوريين أسلحة؛ في محاولة لزعزعة الاستقرار في الاتحاد الأوروبي".
ويبين غوتمان بأن "الأسد وصم معارضيه السياسيين بأنهم إرهابيون، حتى مع تعاونه مع مجموعات إرهابية، مثل حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني وحزب العمال الكردستاني، وسلم مساحات واسعة لتنظيم الدولة دون قتال، والآن يسلم القواعد لروسيا، ويسمح لإيران ببناء معبر بري إلى البحر الأبيض".
ويذكر الكاتب بأنه بحسب تقديرات كثيرة، فإنه قتل أكثر من 500 ألف سوري إلى الآن، منهم 1100 في الغوطة الشرقية في شهر آذار/ مارس فقط، بحسب ما قاله المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا لمجلس الأمن يوم الاثنين، مستدركا بأن المذابح لم تنته بعد، وحذرت جمعية ذكرى الهولوكوست في أمريكا من أن مذابح أكبر قد تكون في انتظار الوقوع.
كيف يتم فك عقدة غورديان؟
ويورد غوتمان نقلا عن الأساطير، قولها بأن غورديوس، ملك فريجيا، التي كانت تغطي الأراضي التي تمر منها الطرق للشرق، قام بربط عربة إلى عمود في البلد المسماة غورديان بعقد، بحيث كانت نهايات الحبل غير مرئية، وقال إن من يستطيع حلها سيحكم آسيا، وجاء الاسكندر عام 333 قبل الميلاد ودخل غورديان، وقام بسل سيفه، وحرر العربة بضربة واحدة للحبل.
ويقول الكاتب: "ما من شك أن الرئيس ترامب يمكنه أن يجد طريقة أكيدة وشجاعة لحل مشكلة سوريا، لكن ليس من المتوقع أن تقطع ضربة عسكرية واحدة عقدة غورديان، ما لم تكن فيها إشارة إلى تغيير حقيقي في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، التي بالرغم من العبارات القوية إلا أنها تسامحت مع بقاء الأسد في الحكم، وقد أضاعت أمريكا وحلفاؤها العديد من الفرص لوقف المذبحة في سوريا في السنوات السبع الماضية، لكن لا تزال هناك أهداف يمكن مهاجمتها".
ويبين غوتمان أن "النظام السوري يعتمد بشكل رئيسي على سلاح الطيران لإرهاب المدنيين، ومنذ عام 2014 استخدم المروحيات لإلقاء البراميل المتفجرة، بالإضافة إلى أن طائراته المقاتلة تم تعزيزها في أيلول/ سبتمبر 2015 بالطيران الروسي، ولأن القليل من الشباب السوريين (وبالتأكيد تقريبا لا أحد من السنة الذين كانوا يشكلون نسبة 70% من الشعب عام 2011) يرغب في القتال إلى جانب النظام، فإن الأخير اعتمد بشكل كبير على المليشيات التي ينظمها ويقودها قادة عسكريون إيرانيون، فكانت القوة الجوية هي ما رجح كفة النظام العسكرية".
وينوه الكاتب إلى أن "الرئيس باراك أوباما لم يجعل الحرب السورية من أولوياته، بل كانت أولويته في الشرق الأوسط هي التوصل إلى اتفاق يوقف إيران عن تطوير سلاح نووي، ولعدم فعله أي شيء لمواجهة الدور الذي تؤديه إيران على الأرض، وروسيا في الجو في سوريا، فإنه تسبب بنفور الحلفاء الإقليميين -الدول العربية وتركيا وإسرائيل– التي ترى في تنامي نفوذ إيران الإقليمي أمرا خطيرا جدا، ولن يكون من السهل إصلاح الضرر الذي أصاب العلاقات الأمريكية في المنطقة بسهولة، لكن أصبح الكثيرون يرون الدور المتنامي لإيران في المنطقة، ابتداء بوزير الدفاع جيمس ماتيس، بأنه تهديد أمني للمنطقة كلها".
ويذهب غوتمان إلى أن "أوباما تسبب بنفور العديد من السوريين، حيث لام فصائل الثوار لعدم اتحادها، لكنه فشل في استخدام آلاف المنشقين عن جيش النظام، الذين كان بينهم ضباط بعضهم برتب عالية، وبدلا من التجنيد من بين عشرات آلاف الشباب السوريين الذين فروا إلى تركيا لئلا يخدموا في جيش النظام، فإن إدارة أوباما اختارت وحدات حماية الشعب المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وهو منظمة انفصالية عن تركيا، ومدرجة على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، لخوض حرب أرضية ضد تنظيم الدولة، كما رفض أوباما تسليح الفصائل المعارضة للنظام للدفاع عن المدنيين وحمايتهم من الغارات والبراميل المتفجرة".
ويجد الكاتب أن "تدمير المروحيات فقط، التي استخدمت في إلقاء البراميل المتفجرة التي احتوت على غاز الكلور في دوما يوم السبت، سيكون مؤشرا على تغيير السياسة الأمريكية تجاه سوريا، وسينهي البراميل المفجرة، لكن إن سمح للقوات الجوية السورية بالاستمرار في استهداف المدنيين بالقنابل والصواريخ البحرية، فإن أثر أي تدخل تدعمه أمريكا سيكون أقل بكثير، بالإضافة إلى أن روسيا قد تدخل لتسد الثغرة وتنفيذ ما كان سلاح الجو السوري ينفذه، ما لم تشعر بأن قواتها مهددة".
ويشير غوتمان إلى أنه "خلال الحرب، التي استمرت 10 سنوات في أفغانستان، بعد أن غزا الاتحاد السوفييتي أفغانستان عام 1979، قامت أمريكا بإمداد المقاومين الأفغان بصواريخ (ستنغر) شلت حركة المروحيات الروسية، وأدى ذلك ليس إلى هزيمة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان فحسب، بل إلى وفاته، وانتهاء الحرب الباردة".
ويقول الكاتب: "السؤال الكبير هو هل يخطط ترامب لعمل عسكري واحد، أم استخدام الضغط العسكري لتحقيق نتيجة سياسية في سوريا؟ وإن كان الأخير فإنه سيحتاج إلى خطة للتصعيد حتى يتم تحقيق ذلك، وسيؤيد حلفاء أمريكا الإقليميون العملية إن كانت تقوم على خطة ستؤدي إلى إنهاء الحرب السورية".
ويختم غوتمان مقاله بالقول: "إن لم توقف الحرب فإن ملايين المدنيين لا يزالون في خطر شديد، فدرعا، حيث بدأت الثورة السورية عام 2011، تبدو أنها الهدف التالي للنظام، ثم هناك إدلب، وهي المحافظة الشمالية، التي زاد عدد سكانها بحوالي مليونين، وتزيد يوميا من المهجرين من الغوطة الشرقية، والمدنيون في إدلب يتعرضون بشكل يومي إلى ضربات النظام وروسيا".
بلومبيرغ: بعد 105 صواريخ على سوريا كيف يبدو مستقبل الأسد؟
إندبندنت: لماذا لم تستهدف الغارات بشار الأسد؟
فايننشال تايمز: لماذا ينحسر دور أمريكا في الشرق الأوسط؟