قالت صحيفة "ميديابار" الفرنسية السيطرة التركية على
عفرين عززت
موقف الرئيس رجب طيب أردوغان، على الساحة الوطنية بالإضافة إلى أن نجاح أنقرة
بمواجهة الوحدات الكردية المصنفة إرهابية ساهم في التأثير على الدعم الأمريكي
الممنوح للأكراد في سوريا.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن تخلي الغرب
عن الأكراد، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والتي اقتصر تدخلها في سوريا على
مقاومة تنظيم الدولة، فيما يتعلق بعملية عفرين يعتبر دليلا على أن الجانب التركي
والأمريكي يجمعهما تحالف استراتيجي. في الأثناء، خدمت سيطرة
تركيا على عفرين مصلحة
طرف آخر في النزاع السوري، أي المعارضة السورية.
ونقلت على لسان المعارض السوري، عبد الأحد اسطيفو، أنه "بالنسبة للجيش
التركي، كانت عملية اقتحام عفرين بمثابة تحدي لا بد أن يكلل بالنجاح في غضون أسبوع
لا غير. ولعل ما يفسر استمرار العملية برمتها لنحو 60 يوما، بالضغوط الدولية التي
سلطت على القوات التركية بشأن حماية المدنيين". و
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغ عدد القتلى من المدنيين الذين
سقطوا ضمن معارك عفرين 290 شخصا، فيما قتل قرابة 500 مقاتل من حزب الاتحاد
الديمقراطي الكردي السوري.
وأشارت الصحيفة إلى أن مكاسب أردوغان وحكومته على الرقعة الجغرافية السورية
تعد قيمة للغاية. فمع السيطرة على بلدة عفرين، عززت تركيا تقدمها الترابي بين منطقتي
جرابلس والباب في الشمال، التي تديرها بالاشتراك مع المعارضة السورية منذ عملية
درع الفرات. علاوة على ذلك، ستتمكن أنقرة من تأكيد نفوذها ضمن محافظة إدلب،
الواقعة شمال غرب سوريا، التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة بمختلف فصائلها.
والجدير بالذكر أنه في هذه المنطقة، يتطلع الأتراك إلى تركيز منطقة
"لخفض التصعيد" ووقع التفاوض بشأنها خلال الخريف الماضي مع كل من روسيا
وإيران خلال مؤتمر أستانة.
وقالت الصحيفة إنه في سبيل الحفاظ على هذه المنطقة تحت نفوذها عبر أردوغان
عن نيته في "تسليم عفرين لمالكيها الأصليين". فيما شدد رئيس الوزراء
التركي، بن علي يلدرم، على نوايا أردوغان، حيث ذكر في 17 من الشهر ذاته أن
"جل إخواننا من العرب، والأكراد، والتركمان سيعودون للاستقرار في
أراضيهم". ووفقا لعبد الأحد اسطيفو، من المنتظر أن يعود قرابة 150 ألف سوري
من السكان الأصليين إلى عفرين من جديد.
وأكدت أنه حالما تصبح بلدة عفرين منطقة آمنة، لن يخفي المسؤولون الأتراك
عزمهم توسيع مناطق سيطرتهم بهدف احتواء نفوذ المجموعات المسلحة الكردية إلى أقصى
حد.
وفي السياق ذاته، وعد الرئيس التركي يوم الاثنين الماضي، بأن تركيا
"ستقتحم في ليلة واحدة مدينة سنجار وتطهرها من حزب العمال الكردستاني".
وقد تطرق أردوغان في خطابه بشكل خاص إلى سنجار، المنطقة الجبلية الواقعة شمال غرب
العراق، التي يرتكز فيها مقاتلو حزب العمال منذ أن شاركوا في القتال ضد تنظيم
الدولة.
في هذا الشأن، قلل مصدر دبلوماسي غربي من مخططات أردوغان بشأن خوض مغامرة
في العراق على المدى القصير. وأفاد المصدر ذاته أنه "إذا أراد الأتراك التدخل
في سنجار، يجب عليهم أولا عقد مصالحة مع أكراد العراق". فخلال خريف سنة 2017،
هددت أنقرة إقليم كردستان العراق بعواقب وخيمة في حال أقرت مشروع استفتاء بشأن
استقلال الإقليم، الأمر الذي تسبب في توتر العلاقات الودية مع أكراد العراق إلى حد
الآن.
ونوهت الصحيفة إلى أن أولويات الحكومة التركية في الوقت الراهن تتمثل في
التوسع باتجاه مدينة منبج ذات الأغلبية العربية، التي تسبب خضوعها لسيطرة قوات
سوريا الديمقراطية خلال شهر آب/أغسطس سنة 2016 في إطلاق عملية "درع
الفرات". وفي الوقت الحاضر، تأمل أنقرة في السيطرة على كامل التكتل الحضاري،
الذي تنتشر فيه وحدات عسكرية أمريكية، دون استخدام العنف.
ولفتت إلى أنه منذ بداية شهر آذار/مارس، هيأ فريق عمل تركي-أمريكي مشترك
الأرضية الملائمة لتسليم سلمي لإدارة المدينة من القوات التركية إلى المعارضة
السورية. ويتوقع كل من الدبلوماسي الغربي وعبد الأحد اسطيفو أن "تجير
الولايات المتحدة الأكراد بالإكراه على تسليم منبج كما حصل تماما مع عفرين".
من جهته، حدد المتحدث باسم البنتاغون، روبرت مانينغ، دور القوات الأمريكية
الموجودة في منبج، قائلا: "لقد وضحنا موقفنا سابقا، حيث أن القوات الأمريكية
المنتشرة في منبج موجودة فقط للتركيز على هزيمة تنظيم الدولة".
ونقلت الصحيفة على لسان الدبلوماسي الغربي، أن "حزب الاتحاد
الديمقراطي يجد نفسه تحت رحمة الأمريكيين، لذلك يجبر الأكراد على تغيير موقفهم
للحصول على ضمانات في خصوص مناطقهم التاريخية".
وعلى الرغم من نجاح القوات التركية في عملية عفرين، إلا أن تركيا لا زالت
بعيدة عن تحقيق رؤيتها الشاملة فيما يتعلق بدولة سورية دون بشار الأسد.