التباين بين دعاية السيسي وموسى يكشف حقيقة المنافسة

كشف حجم الدعاية الانتخابية لمرشحي الرئاسة الوحيدين في مصر التباين الكبير في الحجم والانتشار والإنفاق؛ ففي الوقت الذي اكتظت فيه الشوارع والميادين في المدن والقرى بلافتات وصور ومؤتمرات مؤيدة للمرشح الأوفر حظا، عبد الفتاح السيسي، لم يكن هناك أي أثر لمنافسه، المرشح المغمور موسى مصطفى موسى.

ورصد مراسل "عربي21"، في عدد من محافظات الدلتا (شمال مصر) ومحافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية)، انتشار الدعاية الانتخابية بجميع صورها للمرشح السيسي بشكل كثيف في الشوارع والميادين وعلى الجدران وفي المجالس والصوانات الخاصة في مشهد أعاد للأذهان دعاية الحزب الوطني المنحل في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، في حين خلت نفس تلك الأماكن من أي دعاية حقيقية للمرشح المغمور، مصطفى موسى.

وبدأت الدعاية الانتخابية في 24 شباط/ فبراير وتستمر حتى 23 آذار/ مارس، بحد أقصى 20 مليون جنيه (مليون ومائة ألف دولار) لكل مرشح، وتتضمن "الأنشطة التي يقوم بها المرشح ومؤيدوه، وتستهدف إقناع الناخبين باختياره"، عن طريق الاجتماعات، والحوارات، ونشر وتوزيع الدعاية الانتخابية، والملصقات واللافتات، واستخدام وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة والإلكترونية.

"تمثيلية هزلية"
وفي معرض تعليقه، قال الخبير الإعلامي، حازم غراب، لـ"عربي21": "مثل هذه الدعاية هي لذر الرماد في العيون، أثناء تمثيلية هزلية لا ينفع فيها ذَر رماد ولا ذَر إعلانات"، مضيفا: "بعبارة أخرى: محاولة ساذجة بل غبية لسبك وحبك التميثيلة لكن لا أحد تنطلي عليه الإعلانات الغبية".

اقرأ أيضا: مستشار منافس السيسي: "دمي سيساوي".. وهذا هدفنا (شاهد)

واعتبر أن "مثل هذه الدعاية خطة خائبة من جهة أو جهات أكثر خيبة لتصوير الأمر وكأنه منافسة حقيقية وجادة. الناس أذكى بكثير من هؤلاء المخططين الخائبين، وعليهم أن يتعلموا الدرس، ولكن دون جدوى، لا أمل".

وإذا ما كانت الدعاية المتواضعة لمنافس السيسي، كشفت أن ليس له أي تواجد أو حضور في الشارع المصري، أجاب غراب: "كشفت؛ كلمة تعني أن الناس كانت لا تعرف فعرفت بهذه الإعلانات وهذا غير صحيح. اللعبة مكشوفة من بدايتها حتى للصغير قبل الكبير، وللقاصي قبل الداني، ولا تنطلي على أي شخص".

ضباط في حملة السيسي
وبشأن انتشار دعاية السيسي عن منافسه مصطفى موسى ، قال الناشط السياسي، معتز أحمد، لـ"عربي21": "إن دعاية السيسي موجودة في كل الشوارع، والنواصي وأبواب المحلات والعمارات حتى اختفت ملامح بعضها بسبب كثرة صور الدعاية للسيسي عليها".

وفند مزاعم الدولة بأنها لا تتدخل في الدعاية لأي مرشح، قائلا: "رغم زعم حملة السيسي أن الدولة لا تتدخل في الدعاية الانتخابية إلا أننا رأينا صور دعاية للسيسي قام بها ضباط ولواءات وقضاة ومعلقة على المصالح (المنشآت) والمباني الحكومية".

اقرأ أيضا: أول تصريح لمنسق حملة السيسي.. ماذا قال؟‎

وكشف أنه رأى "عساكر شرطة يعلقون يافطات دعاية للسيسي في ميدان التحرير، وميدان الدقي وكوبري قصر النيل ... وإجبار الشرطة لأصحاب المقاهي على تعليق يافطات للسيسي، وتسليم العاملين بالمقهى تيشرتات ليلبسوها عليها صور السيسي".

وعزا التفاوت الكبير والواضح في الدعاية الانتخابية بين المرشحين إلى أن "الجميع يعرف أن المرشح (موسى) هو مرشح الضرورة أو المرشح التكميلي للعملية الانتخابية؛ فطبيعي ألا يحظى بأية دعاية، أو يكون له أي شعبية، وحزبه لا وجود له في الشارع".

السيسي يفقد السيطرة
الإعلامي، عبد العزيز مجاهد، رأى أن قدرة السيسي على الإمساك بزمام الدولة تتراخى تدريجيا على عكس ما يتصور البعض، قائلا: "السيسي يفقد السيطرة على أدواته مع مرور السنين؛ لحظة الانقلاب الذي نجح بعده السيسي في السيطرة على الحكم كان يتحكم في كل "أدوات" الدولة الوطنية الحديثة من قضاء وإعلام وقيادات كنيسة، وقطاعا كبيرا من الجماهير الساخطة من نقص الخدمات، ولكن مع كل فشل يسقط فيه السيسي يفقد جزءا من قدرته على تمثيل شكل الدولة".

اقرأ أيضا: عمار علي حسن يطرح أسئلة حول تمويل حملة السيسي

وأضاف لـ"عربي21": "مع فشل السيسي الاقتصادي وإهداره لمليارات المصريين بات مضطرا للجوء لداعمي انقلابه ما أفقده القدرة على التحكم في القرار الخارجي واضطره لبيع قطع من الأرض، ومع فشله في ممارسة سياسة حكم رشيد فقد قدرته على الاحتفاظ برفاق منصة الانقلاب العسكري بجواره فجمعهم في السجون والمعتقلات، ومع فشله في إرضاء قواعد الدولة العميقة وجد نفسه مضطرا لتعيين نواب صنعهم داخل أقبية المخابرات".

وتابع: "واليوم يجد السيسي نفسه في موقف حرج حيث أنه لم يبلغ بعد من السيطرة ما يمكنه من إعلان نفسه حاكما أبديا للبلاد، ولا يثق في إجراء انتخابات متحكم فيها من أجهزته الأمنية فلا يجد إلا تمثيل هذا الاسكتش الرخيص الذي لا يصدقه أحد".