نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب روبرت فيسك، حول ما تم تسريبه عن إبرام صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط جاريد كوشنر، صفقات مالية "مشبوهة" مع إسرائيل.
ويقول فيسك: "كان هناك وقت تماشينا فيه مع الأسطورة القائلة بأن عملية السلام التي تقوم بها أمريكا في الشرق الأوسط متزنة وغير متحيزة، ولا تتأثر بالدين أو الخلفية السياسية أو النشاطات التجارية، حتى عندما كان مبعوثو السلام كلهم في عهد بيل كلينتون يهودا أمريكيين، وكان على رأسهم دينس روس، وكان عضوا سابقا في أقوى مجموعات الضغط لصالح إسرائيل (أيباك) -وذلك بالكاد ذكر في الصحف الغربية- لكن في إسرائيل فقط كانت تلك الأخبار تنشر، حيث أطلقت صحيفة معاريف على مهمتهم (مهمة اليهود الأربعة)".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الكاتب الإسرائيلي والناشط ميرون بنفنيستي كتب في صحيفة "هآرتس"، قائلا إنه بالرغم من عدم أهمية الخلفية الإثنية للدبلوماسيين الأمريكيين، إلا أنه "من الصعب إهمال حقيقة أن التحكم في العملية السلمية أوكلته أمريكا إلى أربعة يهود أمريكيين، وأنه على الأقل تم اختيار أحد اعضاء فريق وزارة الخارجية ليكون ممثلا للمؤسسة الأمريكية اليهودية، وأوضح تجسيد للتأثير الكبير للمؤسسة اليهودية الأمريكية على إدارة كلينتون كان في إعادة تعريف (الأراضي المحتلة) إلى (أراض متنازع عليها)".
وأضاف بنفنيستي بأن الفلسطينيين "لا يستطيعون الحديث عن علاقة كلينتون اليهودية؛ خشية اعتبارهم معادين للسامية" ومع ذلك فهم يتهمون بمعاداة السامية لمجرد شجبهم وحشية إسرائيل واحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ويعلق فيسك قائلا: "لا يزال الخوف ذاته يفت في عضد السلطة الفلسطينية، فعندما أصبح زوج ابنة ترامب اليهودي جاريد كوشنر مبعوث الرئيس الشائن للسلام، رحب الفلسطينيون بأدب بتعيينه، مع علمهم بأنه يؤيد استمرار الاحتلال غير الشرعي، وكان الإعلام الإسرائيلي هو من نبه إلى أن كوشنر لا يعلم إلا القليل عن الشرق الأوسط الحقيقي".
ويلفت الكاتب إلى أن "دينس روس، رجل (أيباك) السابق الذي انتقد زملاؤه اليهود وكذلك العرب تحيزه لجانب إسرائيل، أيد كوشنير عندما عينه ترامب مبعوثا خاصا، أما بالنسبة لترامب فهذا هو السجل الرسمي لرأيه حول براعة جاريد كوشنر: (هل تعلمون ماذا، جاريد شاب جيد، وسيصنع صفقة مع إسرائيل لا أحد آخر يستطيع صنعها، إنه موهوب، إنه ممتاز، إنه تلقائي -تعلمون ما الذي أتحدث عنه، موهوب- هو صانع صفقات طبيعي، الجميع يحبه)".
ويعلق فيسك قائلا: "قد يكون كوشنر المستثمر في العقارات (صانع صفقات موهوبا)، لكن لم يتوقع أحد أن يكتشف -كما نشرت (نيويورك تايمز) قبل عدة أيام- أنه قبل أن يصطحب ترامب كوشنر في أول زيارة له لإسرائيل في شهر آيار/ مايو، فإن شركة عائلته للعقارات حصلت على حوالي 30 مليون دولار استثمارات من شركة (مينورا ميفتاشيم)، وهي واحدة من أكبر شركات التأمين والاستثمار الإسرائيلية، ولم يتم الإعلان عن الصفقة، وليس هناك دليل على أن كوشنر متورط فيها بشكل مباشر، ولا يبدو أن هناك خرقا لأي قوانين فيدرالية"، بحسب (نيويورك تايمز).
ويستدرك الكاتب بأن "الصحيفة قالت بأنه عدا عن قرار ترامب أن يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فإن ترتيبات كوشنر (قد تقوض إمكانية رؤية الولايات المتحدة كونها وسيطا مستقلا في المنطقة)، لكن كما أجابت سكرتيرة الصحافة في البيت الأبيض الصحيفة بأن كوشنر (يحمل قواعد أخلاقيات التعامل على محمل الجد)، وأنه لا يمكن إيقاف شركات كوشنر من العمل مع شركات أجنبية؛ لأن كوشنر يعمل في الإدارة، فالشركات (لا تتاجر مع الزعماء ولا الحكومات الأجنبية)".
ويقول فيسك إن "كوشنر يبقى مستفيدا من الاستثمارات في شركات كوشنر، مع أنه استقال بصفته مديرا عاما لها في شهر كانون الثاني/ يناير من العام الماضي، أما محامو كوشنر (أبي دي لوويل) فقالوا: (الربط بين أي من رحلاته المعلن عنها جيدا إلى الشرق الأوسط بأي شيء تقوم به شركات كوشنر أو تجارتها أمر تافه، ومحاولة لاختلاق قصة، حيث لا يوجد قصة في الواقع)".
ويضيف الكاتب: "لا بأس، لو كان أي عضو رئيسي للفريق المفاوض في الشرق الأوسط –بالصدفة- مسلما (أصوله الإثنية ليست قضية كما يجب علينا أن ننظر إلى أصول كوشنر) وفي الوقت الذي هو يعمل للرئيس الأمريكي كان مستفيدا من استثمارات في شركات لها علاقات تجارية مع شركات في السعودية أو مصر -أو حتى لا قدر الله- في رام الله في الضفة الغربية الفلسطينية، فهذا كله لن يكون فيه مخالفة وسيكون مقبولا ولا غبار عليه لرجل رغبته الوحيدة في الحياة هي جلب السلام للإسرائيليين والفلسطينيين، ولو كانت تلك الشركات العربية في شركات عقارات ذلك المفاوض بالذات، فهل سيمر ذلك دون أي إشارة إلى أن هناك خطأ أو أن فعل ذلك في الحقيقة ليس مناسبا، إن أردنا تجنب استخدام مصطلح (لا أخلاقي)".
ويبين فيسك أن "المسؤولين الأمريكيين كانوا دائما مرتابين بخصوص المساعدات المالية العربية لأمريكا، حتى عندما كانت تلك المساعدات تأتي مجانية ولا تترتب عليها فوائد، فلو أخذنا مثلا الوليد بن طلال -وهو أحد أغنى الرجال، ويعيش حاليا على فرشة في فندق الرتز في الرياض ضيفا مجبرا لولي العهد محمد بن سلمان- الذي عرض عام 2001 مبلغ 10 ملايين دولار تبرعا لصندوق البرجين لعائلات وضحايا هجمات 11/ 9، كما أنه ذكر القضية الفلسطينية، فقال: (يسأل المراسلون منذ وقوع الهجوم كيف يمكن اجتثاث الإرهاب)، مضيفا أن على أمريكا أن تفهم بأنها (إن أرادت أن تخلع جذور هذا العمل الفظيع فإن هذه القضية يجب أن تحل)".
ويختم الكاتب مقاله بالقول متعجبا: "كانت هذه الحقيقة الواضحة بعيدة كثيرا بالنسبة لعمدة نيويورك رادولف جيولياني، الذي قال للوليد مباشرة بأن يبقي ماله؛ لأنه لا يمكنك أن تتحدث في السياسة وتقدم مالا في آن واحد، وهذا يظهر كم مدى حساسية موضوع المال، وحتى التبرعات من العرب، والسياسة في محور أمريكا والشرق الأوسط، لكن لا يبدو أن هناك مشكلة بهذا الخصوص عانى منها كوشنر، الذي أيد بالطبع قرار والد زوجته الغريب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فحرم الفلسطينيين من (الصفقة الطبيعية)، التي ادعى ترامب أن بإمكان كوشنر تحقيقها، وبالتأكيد فإن علاقات شركات عقارات كوشنر مع المؤسسات المالية الإسرائيلية لا علاقة لها بهذا".
صحفي أمريكي: إيفانكا تسعى للرئاسة الأمريكية
الغارديان: كيف يرى أعداء إيران التظاهرات الداخلية؟
إندبندنت: ما هو دور السعودية بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل؟