تزايدت المخاوف حول مستقبل السياحة في مصر عقب إعلان شركة فنادق "هيلتون" العالمية، سحب جزء من استثماراتها في مدينة شرم الشيخ، إثر قرار شركات عالمية أخرى أبرزها "ستار بكس"، بإنهاء استثماراتها بالمدينة السياحية الأهم في مصر.
وإلى جانب هيلتون العالمية، (وهي شركة ضيافة أمريكية عالمية تدير وتملك حق الامتياز لمحفظة واسعة من الفنادق والمنتجعات)؛ أعلنت شركات عدة إنهاء استثماراتها في شرم الشيخ في منتصف 2017، أبرزها "ستار بكس" شركة المقاهي الأمريكية، و"الشايع" الرائدة بإدارة العلامات التجارية العالمية، و"فراي دايز" سلسلة المطاعم الأمريكية، والتى امتد عمل بعضها لأكثر من 15 عاما في المدينة.
وأعلنت شركة "رواد مصر" للاستثمار السياحي، أن منتجع "هيلتون الفيروز" بشرم الشيخ المملوك لها سيخضع إلى إدارة الفريق الإقليمي لمجموعة "شرم دريمز"، مع بداية 2018، وذلك إثر انتهاء عقودها وشركة "هيلتون انترناسيونال".
وفي 21 كانون الأول/ ديسمبر، احتج 600 من العاملين بفندقي "هيلتون الفيروز"، وهيلتون "دريمز بيتش"، على قرار الشركة العالمية بتسريحهم منذ حزيران/يونيو الماضي، مهددين بالاعتصام والدخول في إضراب عن الطعام.
من جهته، أكد مالك منتجع "كارلتون" للشقق الفندقية أدهم حسن، عبر صفحته في "فيسبوك"، أن مجموعة فنادق "هيلتون" العالمية قررت الخروج من السوق المصري في شرم الشيخ وإنهاء استثماراتها بها، وأعلنت عن إنهاء تعاقد فندقين في شرم الشيخ من أصل 4 هما فندقي "هيلتون الفيروز" و"شرم دريمز" أقدم فنادق شرم الشيخ وفي قلب خليج نعمة.
وأوضح حسن أن قرار هيلتون العالمية بمغادرة إدارة فندقين من أربع كخطوة أولى؛ يعطي مؤشرا عن كارثية توقعاتهم المستقبلية كشركة عالمية للسياحة المصرية ومدينة شرم الشيخ.
وأكد الناشط أشرف علوان، المعلومة، وأشار إلى اتساع حجم أزمة خروج الشركات العالمية من مصر، وقال عبر صفحته في "فيسبوك"، إن خروج "هيلتون" من فندقي "هيلتون الفيروز" و"شرم دريمز" هي خطوة أولى، مضيفا أن سلسة "ستار بكس" أغلقت من 6 أشهر, وكذلك بنك HSBC أغلق 6 أفرع بشرم الشيخ وأبقى على فرع واحد.
وتحدث مدير التسويق الفندقي، رامي توفيق، عن تغيير الشركات العالمية وجهتها بعيدا عن مصر، مثل افتتاح شركات الحجز ذات الثقل العالمي مثل "بوكينج"، و"اكسبيديا"، و"جالي?رز"، و"توي"، و"هوتيل بيدز"، مقراتها الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في دبي وليس القاهرة، إلى جانب مقرات فنادق "هيلتون" و"ماريوت" و"آكور" الإقليمية في دبي.
وأشار إلى أسباب الأزمة، قائلا عبر صفحته في "فيسبوك": "مصر كلها بشمالها وجنوبها مساهمتها بالسياحة أقل بكتير مما تستحق"، مرجعا السبب لـ"نظام مركزي عقيم مختزل مصر بعاصمة بيروقراطية تدير البلد بجهل أيديولوجي جذوره عميقة جدا، وعبءعلى محافظات مصر كلها".
رئيس مستثمري شرم الشيخ، هشام علي، أرجع أسباب خروج تلك الشركات إلى "العمليات الإرهابية، والوضع الأمني المضطرب، وعدم وجود حالة اقتصادية مستقرة، وما لحق بكافة الشركات من خسائر ، جعلها تفضل الانسحاب، وذلك في حديث لصحيفة "المصريون" المحلية.
أزمة خروج "هيلتون" تأتي في ظل ذروة الموسم السياحي ووسط احتفالات رأس السنة الميلادية وأعياد الأقباط، وتأتي قبل شهرين من انفراجة متوقعة لسوق السياحة بعودة السياحة الروسية لمصر في شباط/فبراير المقبل، بعد غياب للروس وحظر سفر الأنجليز لما يقرب من عامين إثر تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء في تشرين الأول/أكتوبر 2015.
ولم تتمكن الدولة المصرية من استعادة مكانتها السياحية سواء الشاطئية بـ(شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالي)، أو التاريخية بـ(الأقصر وأسوان)، والثقافية بـ(القاهرة والإسكندرية)، منذ ثورة المصريين ضد نظام حسني مبارك بداية عام 2011، وأصبح رقم 14 مليون سائح أمرا صعبا على السياحة المصرية أن تصل إليه مجددا مع اضطراب الأوضاع الأمنية والاقتصادية خاصة إثر انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي منتصف 2013.
وكانت كبريات الشركات العالمية التي تدير المطاعم والكافيهات وتقدم ماركات الملابس العالمية تتسابق على افتتاح فروع لها في مدينة شرم الشيخ مثل مجموعة ومثل "ستاربكس" و"دببنهامز" و"إتش آند إم" و"الشايع" و"كيدزانيا".
قراءة هلتون وسلبية القرار
وفي تعليقه، أكد الباحث الاقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، أن "الاستثمار لا يعتمد على العواطف؛ ولكن الربح والخسارة هما محددات الوجود أو الخروج من أي سوق"، موضحا أن "خروج بعض الشركات الأجنبية من السوق المصري بشكل كلي أو جزئي بات ظاهرة ملموسة، بسبب حاله عدم الاستقرار السياسي والأمني".
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الصاوي، إنه "وبلا شك فإن شبه جزيرة سيناء تحوط بها الكثير من المخاطر الأمنية التي تحد من حركة السياحة".
وحول احتمالات عودة السياحة الروسية وإمكانية أن يعوض ذلك الموسم السياحي، أكد الصاوي، أنه "وحتى في حالة تدفق السياحة الروسية على مصر؛ فهي سياحة عددية، ولكنها غير مجدية من حيث معدل انفاق السائح".
وأضاف أنه "بلا شك أن تصفية بعض أعمال شركة هيلتون في شرم الشيخ؛ جاء بناء على قراءة السوق وأن إمكانية نهوضه في الأجلين القريب والمتوسط مستبعده"، متوقعا أن يكون لقرار هيليتون تأثير سلبي لدى المستثمرين الآخرين".
وتابع الصاوي: "فضلا عن أن حادث الاعتداء على كنيسة حلوان الجمعة، سيكون له دلالات شديدة السلبية على السياحة في مصر، خاصة بعد فيديو تجول الإرهابي في محيط الكنيسة بلا مقاومة من رجال الأمن وكذلك بيان الداخلية الذي وصف الإرهابي بأنه قام بعمليات عدة خلال يومين بثلاث محافظات هي (بني سويف والجيزة والقاهرة)".
خروجها يعني وجود مخاطر
من جانبه، أكد أستاذ الأعمال الدولية في جامعة جورج واشنطن الدكتور محمد رزق، أن خروج تلك الشركة الأمريكية العالمية يعد ضربة للاقتصاد وللسياحة المصرية وخاصة صناعة السياحة بمدينة شرم الشيخ.
وقال رزق، لـ"عربي21"، في المجمل هذه شركات أمريكية ولها استثمارات عالمية ولا تتخذ قرارا بدون دراسته، خروجها الجزئي بهذا التوقيت ذلك يعنى وجود مخاطر كبيرة تتحوف منها الشركة على استثماراتها.
وأكد أن خروج هيلتون العالمية من بعض فنادق شرم الشيخ ليس له علاقة بعودة السياحية الروسية ولا يؤثر عليها، موضحا أنه بالطبع سيترتب على ذلك خسائر سياحية واقتصادية أكبر.
اختفاء "البنسلين".. حلقة جديدة في مسلسل أزمة الأدوية بمصر
حزب الوسط و6 إبريل: هذا موقفنا من "الحركة المدنية الديمقراطية"
إلى أين يقود مصر.. تأرجح السيسي بين الروس والأمريكان؟