أثار الاتفاق بين مصر وروسيا على عودة حركة الطيران بين البلدين تساؤلات حول التنازلات التي قدمتها مصر وتفريط النظام في السيادة الوطنية مقابل استعادة السياحة الروسية تحت ضغط الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
واتفقت القاهرة وموسكو مصر وروسيا على عودة حركة الطيران بين البلدين في الأول من شباط/ فبراير المقبل بعد توقف دام لأكثر من عامين في أعقاب تفجير الطائرة الركاب الروسية فوق سيناء في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 ومقتل 224 شخصا كانوا على متنها.
وعقب توقيع "بروتوكول أمن الطيران" بين البلدين في موسكو يوم الجمعة الماضي، أعلن وزير الطيران المدني المصري شريف فتحي أن رحلات الطيران ستبدأ أولا بين القاهرة وموسكو، على أن يتم بحث استئناف الرحلات للمدن الداخلية في نيسان/ إبريل المقبل، بداية من المنتجعات السياحية في شرم الشيخ والغردقة على البحر الأحمر.
اقرأ أيضا: موسكو تعلن استئناف الرحلات الجوية المباشرة مع مصر
من جانبه قال وزير النقل الروسي مكسيم سوكولوف، يوم السبت، إن مصر ستبذل مزيدا من الجهد خلال العام المقبل لرفع الكفاءة الأمنية لمطاري شرم الشيخ والغردقة، أهم المنتجعات المصرية على البحر الأحمر والمقصد الأول للسياح الروس، قبل استئناف الطيران العارض "تشارتر" لهما في نيسان/ أبريل المقبل، مؤكدا أن الأمر يتطلب إجراء فحوصات إضافية للمطارات.
انتهاك للسيادة؟!
وكشف وزير الطيران المصري شريف فتحي، أن الاتفاق يتضمن قيام شركات خاصة بتوفير أمن الرحلات بين البلدين، مشيرا إلى أن جنسية تلك الشركات محل تباحث وسيتم الاتفاق عليها لاحقا.
وأوضح فتحي أن الجانب الروسي ما زال يحتاج إلى إجراء بعض التدابير الإضافية، لذلك فإنه سيتفق مع شركات أمن خاصة لتولي هذه المهمة، مشيرا إلى أن اتفاقية الاتحاد الدولي للطيران تسمح باتخاذ تدابير إضافية لشركات طيران بناء على طلبها.
وبحسب تقارير صحفية، فقد وافقت مصر على إشراف مسؤولي الأمن الروسي على رحلات الطيران المغادرة من المطارات المصرية إلى موسكو ومشاركة الأمن المصري في تفتيش الركاب المسافرين على متنها وحقائبهم، للتأكد من إجراءات الأمن والسلامة داخل المطارات المصرية، بالإضافة إلى إجراء عمليات تفتيش متكررة على المطارات المصرية للتأكد من سلامة إجراءات الأمن فيها، ولتجنب تكرار تفجير الطائرة الروسية، التي يعتقد أن عناصر تابعين لتنظيم داعش وضعوا قنبلة على متنها بعد أن نجحت في اختراق المنظومة الأمنية قبل إقلاعها من مطار شرم الشيخ.
وأعلنت السلطات الروسية وقتئذ أن الحادث ناجم عن تفجير عبوة ناسفة على متن الطائرة التي أقلعت من مطار شرم الشيخ، وشككت موسكو في الإجراءات الأمنية بالمطارات المصرية كافة وطالبت بتعزيزها لاستئناف الرحلات مجددا.
ويقول خبراء إن السياحة الروسية كانت تشكل نحو 40% من إجمالي السياحة الوافدة إلى مصر قبل تعليق الرحلات الجوية إلى مصر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، الأمر الذي جعل قطاع السياحة يتأثر بشدة بهذه المقاطعة الروسية ويفقد نحو نصف إيرادات مصر من السياحة منذ ذلك التاريخ.
"السياحة مقابل الضبعة"
وعلى الرغم من نفي المسؤولين المصريين لوجود رابط بين توقيع الاتفاق مع روسيا لبناء المفاعل النووي المصري في منطقة الضبعة وعودة السياحة الروسية إلى مصر، إلا أن التزامن بين الحدثين جعل الكثيرين يجزمون بأن عودة الطيران الروسي إلى مصر كان جزءا من صفقة بين البلدين.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قال يوم الثلاثاء الماضي، أثناء زيارته للقاهرة لتوقيع اتفاق الضبعة، إن روسيا مستعدة الآن لاستئناف الرحلات المباشرة بين موسكو والقاهرة.
وينص اتفاق الضبعة على حصول مصر على قرض روسي غير مسبوق في تاريخ مصر بقيمة 25 مليار دولار، وهو ما يعادل نصف الدين الخارجي لمصر، ونحو 70% من الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد، ما يعني تحميل الأجيال المقبلة أعباء هائلة، بحسب مراقبين.
"إذعان مصري"
وتعليقا على هذا الاتفاق قال أستاذ العلوم السياسية محمد السعيد إن ما حدث هو إذعان مصري للشروط الروسية لعودة السياحة ورحلات الطيران بعد أن فقد الروس الثقة تماما في الأمن المصري بعد تفجير الطائرة الروسية في 2015.
وأضاف السعيد، في تصريحات لـ"عربي21"، أن الروس قرروا أن يتولوا بأنفسهم زمام الأمور في تأمين المطارات المصرية بالمشاركة مع الأمن المصري، مؤكدا أن مصر إن وافقت على هذه الإجراءات فإن السياحة ستنهار أكثر مما هي عليه.
اقرأ أيضا: بوتين عقب لقائه السيسي يدعو إلى مفاوضات تشمل القدس
من جانبه، قال الباحث السياسي جمال مرعي إن النظام المصري لديه استعداد في الوقت الحالي أن يفعل أي شيء لتحسين الأوضاع الاقتصادية المتردية وإعادة السياحة من جديد بأي ثمن، مؤكدا أن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد لن تحل إلا بعودة السياحة.
وأكد مرعي، لـ"عربي21"، أن انتهاك هذا الاتفاق لسيادة مصر هو أمر وارد، لكن العالم وإدارة الأزمات لا تتم بالعواطف، مشيرا إلى أن مصر قدمت تنازلات كثيرة يراها الجميع لأن السبب في هذه الأزمة منذ البداية هو عجز السلطات المصرية عن تأمين الطائرة الروسية التي انفجرت بسبب القصور الشديد في إجراءات الأمن بالمطارات المصرية وهو ما ندفع ثمنه الآن غاليا.
إعلامي مصري يحذر من هجمات مرتقبة ضد مسيحيي مصر (شاهد)
مصر: حملة شعبية تنديدا بأحكام إعدام 14 معارضا سياسيا
جنرال يروي تفاصيل مشاركته بالانقلاب ومخطط التوطين بسيناء