أعلنت قبائل سيناء الحرب على تنظيم الدولة؛ للثأر
لضحايا الهجوم على مسجد "الروضة" بالعريش، الجمعة الماضية، الذي أسفر عن
مقتل 305 أشخاص وإصابة 128 آخرين.
ونشرت وسائل إعلام محلية صورا ومقاطع فيديو، تظهر أبناء القبائل وهم يغلقون طرقا رئيسية، ويمشطون مناطق جبلية؛ لمطاردة العناصر
المسلحة المنتمية للجماعات "المتطرفة".
وأثارت هذه الخطوة تساؤلات حول إمكانية
تكرار تجربة قوات الحشد الشيعية في العراق.
"سنقتلهم أينما وجدوا"
وكان اتحاد قبائل سيناء أصدر بيانا صحفيا، السبت الماضي، تعقيبا على الهجوم على مسجد "الروضة"، مؤكدا أن
"قبائل سيناء" لن تتقاعس عن محاربة الإرهابيين وقتلهم أينما وجدوا،
وأشار إلى أن المتطرفين أرادوا عقاب أهالي القرية، على وقوفهم في وجههم، وطردهم من
مناطقهم.
وليست هذه هي المرة التي يطالب فيها النظام
بمعاونة القبائل للجيش في حربه ضد الجماعات المسلحة في سيناء في أعقاب كل عملية
تتم فيها.
وفي أيار/ مايو 2015، أعلنت 30 قبيلة
سيناوية الحرب على تنظيم "أنصار بيت المقدس"، الذي بايع
"داعش" فيما بعد، وتغير اسمه إلى "ولاية سيناء"، ونظمت مؤتمرا
للإعلان عن هذه الخطوة، بحضور قيادات من القوات المسلحة والشرطة وشيوخ القبائل.
"فلتكن حربا شعبية"
وفي هذا السياق، طالب أستاذ العلوم السياسية
المؤيد للنظام، معتز بالله عبد الفتاح، بتسليح قبائل سيناء، وتدريب الأهالي على حمل
السلاح؛ حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم.
وأضاف عبد الفتاح، خلال برنامجه على قناة
"أون لايف"، مساء الاثنين، أن الرد على العملية الأخيرة يجب أن يكون شعبيا؛ لأن الحادث كان بمثابة دعوة صريحة لنشوب حرب شعبية، مطالبا أهالي سيناء بأن
ينتفضوا في وجه الجماعات الإرهابية.
كما أعلن الشيخ عيسى الخرافين، شيخ قبيلة
الرميلات، أن قبائل سيناء عقدت العزم على الأخذ بالثأر للضحايا، مشيرا، في تصريحات
صحفية، إلى أن القبائل بدأت بالفعل في مهاجمة مواقع الإرهابيين في شمال ووسط
سيناء.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من القوات المسلحة
أو الحكومة على إعلان "اتحاد قبائل سيناء" مشاركتهم للجيش في إغلاق بعض
المناطق، وبدء حملة تمشيط للمناطق المتوترة في شمال سيناء.
تجربة الحشد لن تتكرر
وتعليقا على هذا التطور، قال الباحث السياسي، عمرو هاشم ربيع، "إن قبيلة السواركة قررت الدخول في المعركة؛ لأنها المتضرر الأكبر من
مذبحة مسجد الروضة؛ حيث قتل نحو ثلاثة أرباع رجالها في قرية الروضة"، مضيفا أن
تنظيم داعش يعرف ما قدمته قبيلة السواركة من مساعدات للجيش؛ ولذلك فإن الإرهابيين
يستهدفون رجال هذه القبيلة منذ عدة سنوات.
واستبعد ربيع، في تصريحات لـ"عربي21"، أن يؤدي انضمام رجال القبائل إلى الجيش في حربه ضد تنظيم داعش
إلى تكرار نموذج الحشد الشعبي في العراق، قائلا إن سيناء لا يوجد فيها مذاهب
عقائدية أو خلافات عرقية، لكن ما يحدث هو سعي رجال القبائل هناك للأخذ بثأر
أبنائهم الضحايا.
وأكد أن مشاركة القبائل في مواجهة داعش تتم
بتنسيق كامل مع القوات المسلحة، مشيرا إلى أن هذا الأمر ليس جديدا على سيناء، حيث
تتعاون القبائل مع الجيش منذ سنوات بعيدة.
وأوضح أن هناك خطرا متزايدا يحيق بشمال سيناء
بعد استهداف المدنيين، الذي يعدّ تطورا نوعيا غير مسبوق، مشددا على ضرورة اتخاذ
الجيش إجراءات رادعة فورا؛ لحماية الأهالي في باقي القرى بمناطق رفح والشيخ زويد
والعريش قبل وقوع كوارث جديدة.
للتعاون طرق مختلفة
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية، عبد
الخبير عطية، إن تحرك قبائل سيناء هو للثأر من الإرهابيين؛ لأن قضية الثأر لها أهمية
كبرى في المجتمعات القبلية، التي لا تنسى دماء أبنائها أبدا، مشيرا إلى أن الهجوم
على مسجد الروضة كان انتقاما من قبيلة السواركة؛ لأنها تساعد الجيش في حربه ضد
الإرهاب.
وأوضح عطية، في تصريحات لـ"عربي21"،
أن مشاركة قبائل سيناء في مواجهة تنظيم الدولة قد تأخذ أشكالا مختلفة بخلاف
القتال، مشيرا إلى أن هذه القبائل تسيطر على مناطق صحراوية، بما فيها من طرق ودروب
يستخدمها الإرهابيون في تنقلاتهم بعيدا عن أعين الجيش، ويمكن للقبائل منع
الإرهابيين من الدخول إليها أو على الأقل إبلاغ الجيش بوجودهم فيها.
وأكد أن الأوضاع في مصر أصبحت خطيرة للغاية؛ بسبب سوء الأوضاع الأمنية، مشددا على أن الكارثة الكبرى هي انتقال الإرهابيين في
سيناء إلى درجة غير مسبوقة من الوحشية في قتل المدنيين وهم يؤدون الصلاة في
المساجد.