نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، يتحدث فيه عن الهجوم الذي نفذه مهاجمون على مسجد الروضة في مصر يوم الجمعة.
ويذهب التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن القصور من جانب الجيش جعل مسجد الروضة هدفا سهلا للجهاديين، الذين استطاعوا المرور عبر نقاط التفتيش يوم الجمعة للقيام بأبشع هجوم إرهابي في تاريخ مصر.
ويشير الكاتب إلى أن الجهاديين تحدثوا في شريط دعائي عن أن المسجد سيكون هدفا، لافتا إلى أن عدد القتلى وصل إلى 305 قتلى، بينهم 27 طفلا، في الهجوم الذي شن على مسجد الصوفية في الروضة في بلدة بئر العبد في محافظة شمال سيناء، إلا أن سكان البلدة يقولون إن العدد قد يكون أكبر.
وتذكر الصحيفة أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قدمت خدمات بريطانيا للمساعدة في تشكيل استراتيجيات لمواجهة الجهاديين في سيناء، في الوقت الذي تتدفق فيه التعازي من أنحاء العالم كله.
ويلفت التقرير إلى أن الهجوم سيضع الكثير من الضغوط على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أن يواجه انتخابات لولاية ثانية، الذي تعتمد سلطته على سياسات قاسية ضد الإسلام السياسي والجهاديين، مستدركا بأن الكثير من الجنود ورجال الشرطة والمدنيين قتلوا في حملته الموسعة ضد الجهاديين منذ سيطرته على السلطة، بشكل جعل الكثيرين يتساءلون عن استراتيجية مكافحة التمرد التي تبناها.
ويقول سبنسر إن "الطائرات التابعة للطيران الحربي المصري قامت بضرب مخابئ الجهاديين في جنوب بئر العبد بعد الهجوم، إلا أن الجيش غير قادر على ما يبدو على وقف العمليات الإرهابية على نقاط التفتيش التابعة للجيش وعلى قرى سيناء".
وتورد الصحيفة نقلا عن السكان المحليين، قولهم إن المهاجمين، وعددهم 30 شخصا، استطاعوا المرور عبر نقاط التفتيش التي أقيمت في المنطقة، وكانوا يرتدون زيا يشبه الزي العسكري للجيش المصري، ولديهم لحى طويلة، "الذين كانوا سيثيرون الشبهة في ظل المناخ المعادي للإسلاميين"، وقاموا بقيادة خمس سيارات جيب، وحاصروا المسجد، وحرقوا السيارات التي كانت أمامه، وبدأوا بإطلاق النار، مشيرة إلى أنه لعدم وجود قوات حكومية في المنطقة، فإنه كان لديهم الوقت الكافي للمشي بين قتلاهم والتأكد من قتل من كان به نفس، وأطلقوا النار على السيارات التي جاءت لنقل الجرحى، ومضوا قبل وصول قوات الأمن.
وينقل التقرير عن محمد خليل، وهو أحد سكان المنطقة، قوله إن الهجوم استمر لنصف ساعة، وأضاف: "لو كنت في سيناء فإنك تعرف أن الجيش لا يتحرك للمساعدة.. وحتى عندما يحدث هجوم على نقاط التفتيش يقوم معسكر الجيش القريب بالإبلاغ عن الحادث للقادة الكبار، وينتظر التعليمات، وبعدها يتحركون".
وينوه الكاتب إلى أنه لم يعلن أي طرف مسؤوليته عن الحادث، إلا أن الفرع المحلي لتنظيم الدولة، المعروف بـ"ولاية سيناء"، هو المشتبه بأنه نفذه، حيث قالت تقارير إن المنفذين كانوا يحملون أعلام التنظيم، لافتا إلى أن الهجوم على مسجد يعد أمرا غير معروف بين الجماعات الجهادية، خاصة تنظيم القاعدة، ولهذا تم شجب الأخير مع الجماعات الأخرى.
وتفيد الصحيفة بأن مسجد الروضة يعد مركز نشاط صوفي، وهو ما يراه تنظيم الدولة ممارسات منحرفة، مع أن النشاطات الصوفية تجري في بنايات قريبة منه، وقال السكان إن "ولاية سيناء" حذرت الإمام من التوقف عن الممارسات الصوفية قبل ثلاثة أسابيع.
وينقل التقرير عن نائب الطريقة الجريرية التي يتبعها سكان القرية محمد جاويش، قوله إنهم تلقوا رسائل قبل العمل الإرهابي، وفي بعض الأحيان كانت الرسائل استفزازية، وأضاف: "لكننا لا نخشى إلا الله وليس الإرهابيين"، مشيرا إلى أنه جاء في مجلة على الإنترنت اسمها "النبأ"، أن الهدف الرئيس للجهاديين "هو الشرك والردة والصوفية والسحر والعرافة"، وقام التنظيم بذبح ثلاثة أئمة صوفية في سيناء في العام الماضي.
ويورد سبنسر نقلا عن خليل الذي نجا عن طريق اختبائه في الحمام، حيث اخترق الرصاص جدرانه الذي أصبح مثل المنخل، قوله إن الجثث كانت في داخل المسجد والدم ينزف منها، ويبدو أنهم استخدموا قنابل يدوية، فيما قال عبدالله عبد الناصر، وهو أحد الجرحى، إنه مع بدء الإمام الخطبة بقوله "بسم الله الرحمن الرحيم"، "سمعنا أصوات إطلاق النار والقنابل".
وتنقل الصحيفة عن محمد عبد الفتاح، الذي كان يلقي الخطبة وجرح في الهجوم، قوله إنه لو يستطيع فإنه سيعود للقرية ويكمل الخطبة الجمعة المقبلة، منوهة إلى أنه يعيش في القرية أفراد قبيلة السواركة، التي تضم الشيخ الذي تنسب إليه الجريرية.
ويستدرك التقرير بأنه رغم ما حدث كله فإنه لا أثر للأمن المشدد، خاصة أن القوات تتمركز في العريش عاصمة المحافظة، حيث تركزت استراتيجية الجيش على مهاجمة القرى التي يعتقد ان الجهاديين يختبئون فيها، مشيرا إلى أن التمرد توسع من انتفاضة محلية إلى حركة تمرد واسعة منذ وصول السيسي للسلطة بانقلاب عسكري عام 2013، واتسمت سياسة الجيش بالقسوة ضد أبناء المنطقة، واستخدم الطائرات الأمريكية، مثل "أباتشي"؛ لتدمير قرى باكملها.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول المحلل في المجلس الأطلسي أتش إي هيليير، إن استخدام القوة مفهوم لكن لم تفهم الاستراتيجية وراء هذا الأمر، وأضاف: "شجع الكثير من الحلفاء الخارجيين القاهرة على استراتيجية مكافحة الإرهاب بدلا من الأساليب المتوقعة من الحرب المعروفة، وهناك إشارات على تفهم القاهرة، لكن لا توجد شفافية كاملة".
الغارديان: هل تحمي "القوة الغاشمة" أهل سيناء من المهاجمين؟
الغارديان: ما علاقة هجوم الروضة بانتخابات الرئاسة القادمة؟
صحيفة: تفجير سيناء يكشف عجز السيسي أمام الإرهاب