نشر موقع هيئة الإذاعة السويسرية تقريرا حول وصول يد بعض الأنظمة الاستبدادية العربية إلى أروقة
الأمم المتحدة ليتعدى القمع حدود البلدان إلى الهيئات الدولية، بهدف إسكات الأصوات المدافعة عن حقوق الإنسان.
وتحدث
التقرير عن ضغوطات من أنظمة عربية على الهيئات غير الحكومية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في أروقة الأمم المتحدة، وخصوصا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وأبرز الدول التي تحدث عنها التقرير،
الإمارات العربية المتحدة، ومصر، والجزائر، إلى جانب دول أخرى كبرى لم يسمها، وجميعها استخدمت أساليب ملتوية للتشويش على الهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان، كتعريضها لضغوط واتهامها بدعم الإرهاب، أو محاولة الاستمالة أحيانا، أو التضييق عليها ماديا أحيانا أخرى.
وذكر التقرير، على سبيل المثال لا الحصر، أن الإمارات حرمت "منظمة الكرامة" من الحصول على الصفة الاستشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بعد مشروع تقدمت به الإمارات حول ارتباط مزعوم للمؤسسة بالإرهاب.
وشاركت الجزائر في إعداد القرار لحرمان المؤسسة من الصفة الاستشارية، وحصرها فقط بتلك المنظمات التي لا تزعج الدول ولا تتسبب لها بالمشاكل، ما يحرم المؤسسات المستقلة من حشد التأييد أو ممارسة الضغوط بسبب افتقارها لما تتمتع به نظيرتها "غير المزعجة".
وردت المنظمة بأن ذلك "يتناقض مع التوصية الإيجابية التي قدمتها اللجنة المعنية بالمنظمات غير الحكومية في أيار/ مايو 2017 بعد عملية تدقيق طويلة".
وبحسب ما نشرت صحيفة البيان الإماراتية في تموز/ يوليو الماضي، فقد "نجحت دولة الإمارات ودول أخرى في الأمم المتحدة في منع محاولات حصول منظمة الكرامة غير الحكومية المصنفة ضمن لائحة الإرهاب بموجب القانون الاتحادي للإمارات على مركز استشاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للمنظمة الدولية".
وصنفت الإمارات منظمة الكرامة "إرهابية" بحسب القانون الاتحادي لدولة الإمارات رقم 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة جرائم الإرهاب.
وإلى جانب الحرمان من الصفة الاستشارية، يحرم سفراء هذه الدول المؤسسات من تنظيم فعاليات بالاشتراك مع منظمات تحمل الصفة الاستشارية.
وسبق لمصر والإمارات أن ضغطت على منظمة تحمل الصفة الاستشارية لمنع فعالية بالاشتراك مع منظمات أخرى تتحدث حول "حقوق الإنسان في
مصر".
وإلى جانب كل ذلك، تعمل بعض المؤسسات بحسب ما قال شهود في التقرير على التجسس على المنظمات التي تعمل بشكل محايد.
وتحدثت، رئيسة المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، صفوة عيسى، لهيئة الإذاعة السويسرية مؤكدة على أن "أغلب المنظمات العربية التي تحمل الصفة الاستشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة إنما هي منظمات حكومية داعمة للأنظمة وسياساتها".
وقال المدير القانوني لمؤسسة الكرامة، رشيد مصلي، لهيئة الإذاعة السويسرية إن أحد المسؤولين السعوديين زاره قبل فترة وشرح له مصلي أن مشكلة المؤسسة مع التجاوزات التي تحصل في
السعودية، وليس مع البلد، كما أنه كشف عن تواصل السفير الإماراتي في الأمم المتحدة مع المؤسسة سابقا طالبا منها الحديث معه شخصيا قبل تقديم شكاوى إلى آليات الأمم المتحدة.
واستدرك مصلي بأن السلوك الإماراتي تغير فجأة، عازيا الأمر إلى أن القرار في هذه الدول أمني وليس سياسيا.
من جهته قال الباحث الحقوقي أحمد مفرح لـ"
عربي21" إن أبرز الضغوط التي تتعرض لها الهيئات الاستشارية في الأمم المتحدة هي التمويل لكونها تمول من الأمم المتحدة ومن اشتراكات الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان.
وعن عمل هذه الهيئات في أروقة الأمم المتحدة قال مفرح إن وجود جماعات الضغط والمصالح أمر غير مخالف، بل ومطلوب، لكن المشكلة في عدم استخدام الآليات الدولية والفعاليات، واللجوء إلى الطرق الملتوية وغير الشرعية والأخلاقية معتبرا المعيار في ذلك "العمل المهني".
وتنص المادة 71 من ميثاق الأمم المتحدة على أن للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يجرى الترتيبات المناسبة للتشاور مع الهيئات غير الحكومية التي تعنى بالمسائل الداخلة في اختصاصه. وهذه الترتيبات قد يجريها المجلس مع هيئات دولية، كما أنه قد يجريها إذا رأى ذلك ملائماً مع هيئات أهلية وبعد التشاور مع عضو "الأمم المتحدة" ذي الشأن.