تعقد قوى سياسية
مصرية متعددة في الفترة الأخيرة لتدشين جبهات معارضة جديدة؛ لمواجهة قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي. لكن مراقبين أثاروا تساؤلات عن مدى قدرة
المعارضة المصرية على تكوين جبهة قوية ومتماسكة، وتضم أطيافا سياسية واسعة، بدلا من تعدد جبهات المعارضة.
دعوات للتوحد
وكان عدد من السياسيين وقادة الأحزاب قد شاركوا في المؤتمر العام الثاني لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي الذي عقد الأسبوع الماضي، ودعوا خلال المؤتمر إلى تشكيل تكتل سياسي وجبهة مدنية تكون معبرة عن أهداف ثورة 25 كانون الثاني/ يناير؛ لمواجهة ما أسموه "انحراف واستبداد النظام السياسي الحالي"، ولتمثل اصطفافا وطنيا قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها منتصف العام المقبل.
وخلال كلمته بالمؤتمر، قال رئيس حزب تيار الكرامة، محمد سامي، إن القوى السياسية تتعرض حاليا لحصار سياسي وإعلامي، وأصبحت لا تملك أي وسيلة للتواصل مع الشارع، ولا يُسمح للعمل السياسي إلا لمؤيدي النظام فقط.
ودعا كل قوى المعارضة المدنية للتوحد في جبهة واحدة حتى لا ينفرد النظام بأحد الأحزاب وينكل به، مؤكدا أن نظام السيسي يمارس القمع بشكل أبشع مما كان يحدث في عهد حسني مبارك.
ومن جهته، قال أكرم إسماعيل، القيادي بحزب العيش والحرية (تحت التأسيس) إن أحد أسباب انتكاسة الثورات العربية بشكل عام، والثورة المصرية على وجه الخصوص، هو عدم وجود قوى يسارية قادرة على احتضان الجماهير وإرساء قواعد العدالة الاجتماعية.
بدوره، قال رئيس الحزب الاشتراكي المصري، أحمد بهاء شعبان، إن الوقت قد حان لتجمع قوى اليسار وبناء جسور التواصل مع القوى السياسية الأخرى، لكنه طالب بإعلان موقف واضح من جماعة الإخوان المسلمين ورفض انضمامها لهذه الجبهة لأنها "تسعى بشكل ممنهج للنيل من الدولة المصرية وطمس هويتها".
وفي ذات السياق، قال وزير التضامن الاجتماعي الأسبق، أحمد البرعي، إن الأمل ما زال قائما لتكوين جبهة معارضة واسعة، منوها إلى ضرورة الاتفاق أولا على برنامج سياسي يتم تقديمه للشعب باعتباره بديلا للنظام القائم.
أما المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، فقال إن العيب ليس في نظام السيسي، لكن العيب في القوى المدنية التي تأبى التوحد وتشكيل جبهة سياسية موحدة تعلن معارضتها للنظام ولعودة الإخوان المسلمين في ذات الوقت.
حل وحيد
وتعليقا على هذه الجهود، قال أستاذ العلوم السياسية أحمد رشدي؛ إنه من الأفضل أن يتم توحيد صفوف المعارضة من كافة التيارات الموجودة على الساحة، سواء كانوا يساريين أو ليبراليين، أو حتى قوى الإسلام السياسي.
وأشار رشدي، في حديث لـ"
عربي21"، إلى أن الهدف الأساسي للمعارضة هو أن يتم الاتفاق على خطة للدفع بمرشح مدني قوي يمكنه منافسة السيسي المدعوم من المؤسسة العسكرية، مشددا على أنه "ليس أمام المعارضة المدنية سوى هذا الأمر، باعتباره الحل الوحيد لمحاولة إنقاذ البلد مما هي فيه من مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة".
لكنه انتقد اتجاه بعض القوى السياسية، ومن بينها اليسار، إلى إنشاء جبهة مستقلة جديدة معارضة للسيسي، قائلا إن "ما يفعله اليسار الآن هو استمرار لحالة التفكك التي اعتاد عليها طيلة وجوده في الحياة السياسية"، مشيرا إلى أن الأحزاب والحركات اليسارية اتخذت مواقف مستقلة عن باقي القوى السياسية في كثير من القضايا السياسية، بحجة أن لها رؤية مختلفة، كما قال.
وأوضح أحمد رشدي أن تفتت المعارضة المدنية ومن بينها قوى اليسار كان أحد أسباب خسارة مرشحي الثورة في انتخابات الرئاسة التي تلت الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، حينما كان هناك أربعة مرشحين رئاسيين وفي النهاية وصلنا إلى ما نحن فيه الآن، على حد قوله.
ضمانات النزاهة هي الأهم
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية مصطفى علوي؛ إن فكرة التوحد حول مرشح واحد مدني ضد السيسي في الانتخابات المقبلة "خطوة في غاية الأهمية لإبراز وجود تعددية سياسية داخل البلاد".
وحذر علوي، في حديث لـ"
عربي21"، من أن عدم وجود مرشح مدني قوي قادر على منافسة السيسي "سيجعل الحياة السياسية في مصر في أسوأ أوضاعها على الإطلاق، وسيجعل نظرة العالم لمصر وخارطة 30 حزيران/ يونيو بها شكوك كثيرة، ولا أعتقد أن النظام يريد ذلك"، وفق قوله.
وأضاف: "السيسي سيكون المستفيد الأول من وجود مرشح أمامه في الانتخابات المقبلة؛ ليظهر أمام المجتمع الدولي في صورة الحاكم الديمقراطي الذي يتولى السلطة وفق انتخابات نزيهة حصل فيها على ثقة الشعب".
وأوضح أن القوى السياسية ستتفق في النهاية حول مرشح مدني وتدعمه، "لكن الأهم من توحيد المعارضة والاتفاق على مرشح واحد؛ هو الضغط للحصول على ضمانات حقيقية لنزاهة الانتخابات، حتى تكون المنافسة جدية وليست مجرد ديكور لعملية معروف نتيجتها مسبقا"، بحسب تعبيره.