نشرت مجلة "ذا أتلانتك" مقالا للكاتب كريشانديف كالامور، يتساءل فيه عن سبب شكر الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب دائما الرجال السيئين، حيث عبر عن "شكره العميق" للرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، إلا أن "قائمة الرجال الأشرار طويلة".
ويقول كالامور في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إن "الرئيس ظل ينتظر عشرة أيام حتى علق على طرد الروس لـ755 شخصا يعملون في السفارة الأمريكية في موسكو، وعندما فعل ذلك يوم الخميس، قال: (أود شكره (بوتين)؛ لأننا نحاول تخفيف الرواتب، وفيما يتعلق بي فأنا شاكر له بشكل عميق؛ لأنه طرد عددا كبيرا من الأشخاص، ولدينا الآن عدد قليل ممن يتلقون الرواتب، ولا يوجد أي سبب لعودتهم للعمل هناك مرة أخرى، ولهذا فأنا ممتن كوننا استطعنا قطع الرواتب التي تقدمها الولايات المتحدة، وسنوفر مالا كثيرا)".
ويعلق الكاتب قائلا إنه "مع أن الكثير من هؤلاء الذين تم طردهم هم من الروس، أو أن تعليقات ترامب جاءت في وقت تعاني فيه وزارة الخارجية من معنويات متدنية، إلا أن الكثير من النقاد يرون في تعليقاته رسائل تنم عن تردده في توجيه النقد لبوتين، وليس هذا فقط، بل ميله نحو كيل المديح للقادة المعروفين بنزعتهم الديكتاتورية".
ويجد كالامور أن "موقف ترامب ينبع من أن بعض هؤلاء القادة لديهم القدرة على توفير الأمن، أو لأنهم، كما قال أكثر من مرة: (يقومون بقتل الإرهابيين) وفي هذا السياق قال: (كنا سنكون في حال أفضل) لو بقي العقيد معمر القذافي في الحكم، فمنذ انهيار حكمه ومقتله في عام 2011 دخلت ليبيا في مرحلة من الفوضى السياسية، دون أن يكون هناك طرف واضح يقودها، وعلق ترامب على الرئيس العراقي السابق صدام حسين بأنه (رجل سيئ) وأضاف: (لكنه كما تعرفون فعل جيدا؟ لقد قتل الإرهابيين، وفعل شيئا جيدا.. لقد أصبح العراق اليوم هارفارد الإرهاب)".
ويشير الكاتب إلى أن "ترامب عدل من موقفه من نظام بشار الأسد في سوريا، الذي قاد عملية قمع وحشية ضد المتظاهرين السلميين المطالبين بالتغيير، بشكل قاد إلى أسوأ أزمة لجوء تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وقال: (الأسد رجل سيئ، إنهم جميعا أشرار، ونحن ندعم المقاتلين، ولا نعرف من منهم)".
ويلفت كالامور إلى أن "هناك مديحا مماثلا للرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي، الذي قام بممارسة القمع ضد الحريات المدنية، ومنع التظاهرات المعارضة للحكومة، ويواصل سياساته في تعذيبهم وعمليات الاختفاء القسري، أما الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، الذي تفاخر بعمليات الإعدام الفورية لمهربي المخدرات والمجرمين، فيعد واحدا من المفضلين لديه، ولم يثن ترامب عليه أثناء مكالمته الهاتفية معه، بل شكره على (المهمة التي لا تصدق في مكافحة المخدرات)، ويعكس اهتمام ترامب بدوتيرتي ومعاملة الأخير للمتعاملين في المخدرات ما قاله الشهر الماضي للضباط الأمريكيين: (لا تكونوا طيبين) مع المشتبه بهم".
ويفيد الكاتب بأن "ترامب هنأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على نجاحه في الاستفتاء الذي عزز من سلطاته، بالإضافة إلى الضابط التايلاندي السابق بريوث شان – أوشا، الذي يدير الحكومة المدعومة من الجيش، وتلقى دعوة لزيارة البيت الأبيض، ولا ننسى أنه مدح زعيم كوريا الشمالية كيم إل يونغ، الذي أصبح هدفا لتغريدات أرض- تويتر التي يرسلها ترامب، حيث كان صريحا في حديثه عن التهديد الذي يعتقد أن كوريا الشمالية تمثله، وقال إنه لا يعرف فيما إن كان كيم إل يونغ صحيح العقل أم لا، إلا أنه (مجنون ذكي)، وأضاف أنه (سيتشرف بلقائه)، إذا (كان ذلك مناسبا)".
ويعلق كالامور قائلا إن "كل ما قيل ليس غريبا على ترامب، حيث أشار المستشارون له إلى أن علاقته مع هؤلاء القادة هي جزء من استراتيجية لبناء تحالفات، ولا يمكن مناقشة هذا الأمر؛ لأن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل في دعم الأنظمة المستبدة حول العالم، وفي الوقت ذاته الدعوة للديمقراطية والرأسمالية، إلا أن هذا حدث في أثناء الحرب الباردة، عندما كان مستقبل العالم في خطر، ففي الوقت الذي دعمت فيه الولايات المتحدة القادة المستبدين، مثل صدام وبينوشيه، فإنها أقامت تحالفات دولية ضد الاتحاد السوفييتي السابق وحلفائه، فحلف الناتو ومفاهيم مثل التجارة الحرة قامت كلها على جمع الحلفاء ضد الشيوعية حول مبادئ مشتركة".
وينوه الكاتب إلى أن "هذه السياسة استمرت لسبعة عقود بعد الحرب العالمية الثانية، ويبدو أن سياسة ترامب موجهة ضد المؤسسات التي قامت بالضبط لخدمة هذه المبادئ المشتركة: التجارة الحرة والحلفاء الأوروبيون والتحالفات العسكرية".
ويخلص كالامور إلى القول: "مع أن مدح ترامب للقادة المستبدين أمر لا يحتاج للتعليق أو الاهتمام، إلا أنه يطرح أسئلة مثيرة للقلق، عندما يرفق بالنقد للقيم التي تحاول الولايات المتحدة دفع الآخرين لتبنيها".