رغم أن الرئيس محمد
مرسي، المعتقل في سجون الانقلاب بمصر، لم يصدر بحقه أي حكم قضائي نهائي بإدانته في أي من القضايا التي يحاكم بها، إلا أن حملات التحريض لإعدامه وقيادات جماعة
الإخوان المسلمين؛ لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد.
وإثر اعتداء راح ضحيته 26 جنديا وضابطا مصريا بسيناء، الجمعة، وتبناه "تنظيم الدولة"، عادت الدعوات من أذرع الانقلاب التي تحرض إعدام مرسي، بزعم أنها الخطوة التي ستوقف "
الإرهاب".
كمال زاخر
إحدى تلك الدعوات جاءت على لسان الكاتب القبطي، كمال زاخر، حيث أطلق عدة منشورات عبر صفحته على فيسبوك، محملا الإخوان مسؤولية جريمة قتل الجنود.
وكتبت زاخر مساء الجمعة: "مطلوب تهجير سكان سيناء ومحاصرة وإبادة الإرهابيين ومن يقدمون لهم عونا ودعما وملاذا آمنا"، على حد تعبيره.
وعاد السبت ليقول: "نفذوا أحكام الإعدام بحق قيادات الإرهابيين يتراجع الإرهاب فورا". وفي تدوينة ثالثة له، حرّض الانقلاب على إعدام مرسي، بقوله: "أوان تنفيذ حكم إعدام مرسي".
وردا على بعض المعلقين على تدويناته بأن الانقلاب يُبقي على الرئيس مرسي وقيادات الإخوان بالسجون ليساوم عليهم، انتقد زاخر الفكرة، وقال بتدوينة جديدة: "المواءمات والتوازنات آفة عصرنا السعيد"، كما قال.
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1941240282789391&id=100007103138296
أحمد موسى
وفي حلقة الجمعة من برنامجه "على مسؤوليتي" على قناة "صدى البلد"، طالب الذراع الإعلامية للانقلاب، أحمد موسي، بضرورة تنفيذ الإعدامات بحق 140 محكوما عليهم، كرد فعل سريع من النظام على حادث رفح.
ودعا موسى، المقرب من جهات أمنية، إلى إعدام الإخوان بالسجون، وبينهم الرئيس مرسي، متهما إياه بأنه من أدخل الإرهاب لمصر أثناء ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، وأثناء عام من حكمه، على حد قوله.
وعلى نفس المنوال، طالب الخبير الأمني والاستراتيجي، اللواء محمد نور الدين، بتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق القيادات بالسجون.
وادعى بتصريح لموقع "العاصمة" الجمعة، أن "هناك تواصلا بين القيادات المحبوسة والإرهابيين ربما عن طريق ذويهم"، مضيفا: "ما دام هذا التواصل موجود فلن يتوقف نشاط هؤلاء ودعمهم للإرهاب، والحل في تنفيذ أحكام الإعدام"، وفق قوله.
إعدام و85 عاما سجنا
وحكم على الرئيس مرسي في أربع قضايا، هي "الهروب من وادي النطرون" بحكم أولي بالإعدام تم قبول النقض فيه، وحكم أولي بالسجن 25 عاما بقضية "التخابر"، وحكم أولي بأحداث الاتحادية بالسجن 20 عاما، و40 عاما بحكم أولي في قضية "التخابر مع قطر"، بجانب قضية "إهانة القضاء" المقرر الحكم بها 30 أيلول/ سبتمبر المقبل.
ولكن محكمة النقض قضت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، بقبول النقض في حكم إعدام مرسي وخمسة من قيادات الإخوان، لتعيد محاكمتهم أمام دائرة أخرى.
والسؤال: هل يستغل نظام الانقلاب حادث رفح وتلك الدعوات بإعدام الرئيس مرسي؟ أم أن تلك الدعوات هي محاولات للضغط على قيادات الجماعة ويريد منها النظام مساومة الإخوان بالسجون؟
حماقات وقت المصائب
وفي رده على هذا السؤال، أكد مدير المنظمة السويسرية لحقوق الإنسان، علاء عبد المنصف، أنه "بطبيعة حال نظام ما بعد 3 تموز/ يوليو 2013 في
مصر؛ يستغل دائما أحداث المصائب للتغطية على جرائمه وفشله وقمعه"، مضيفا: "تقريبا موضوع الإرهاب أصبح الطعام الذي يقتات عليه النظام ليتمكن من السيطرة على مقاليد البلاد".
وقال المحامي الحقوقي لـ"عربي21": "لا نستبعد من هذا النظام، أن يستمر في استغلال الأحداث التي تمر بها البلاد، ليزيد الضغط على المعارضة والإخوان لمزيد من التنازلات، وكأنه يعيد نظام جمال عبد الناصر، لكن بشكل أبشع"، بحسب تعبيره.
وأضاف: "بالتأكيد هناك إجراءات قانونية قضائية، حتى ولو شكلية، تحكم العمل في القضايا، وبالتالي - من وجهة نظري - الأمر متعلق أكثر بالضغوط السياسية على الدكتور محمد مرسي، لكن في ذات الوقت، لا أستبعد، أن يقوم النظام بحماقات تنفيذ أحكام إعدام لكثير من المعارضين السياسيين هذا العام"، كما قال.
إحياء العمل المسلح
من جانبه، استبعد الإعلامي المصري، عماد البحيري، تماما فكرة المساومة من أجل المصالحة، معتبرا أنها ستضرب شرعية قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، داخليا وخارجيا، في مقتل.
وقال البحيري لـ"عربي21"، إن النظام العسكري بمصر "لا يمكن أن يفكر بالمساومة من أجل المصالحة، فقد أصبح مشروعه الأساسي الذي يسوق به نفسه عالميا هو محاربة الإسلام السياسي بغطاء الإرهاب"، مضيفا: "هذا ما اتضح من حجم المؤامرة على قطر التي لا تعتبر الإخوان جماعة إرهابية".
ورأى البحيري أن أمر التحريض على إعدام مرسي وقيادات الإخوان؛ "لا يعدو كونه نوعا من أنواع إشعال فكرة العمل المسلح داخل الإخوان، حيث أن هذا النظام يريد أعمالا إرهابية يمكنه التغطية بها على فشله اقتصاديا، وكذلك يمكنه استخدامها من أجل تمرير أجندته الخارجية؛ والتي تتصدرها الآن صفقة القرن"، وفق تقديره.
وأشار البحيري إلى احتمال أن يستخدم السيسي هذه الورقة لشغل الشارع المصري بالرئيس مرسي وجماعة الإخوان مجددا؛ "ليغطي على أزماته اليومية وكارثة الأسعار والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير".
وأكد أن الانقلاب لن يستمع لتحريض تلك الأصوات المطالبة بإعدام الرئيس مرسي الآن، واستبعد "تنفيذ حكم الإعدام فى بعض قيادات الإخوان قريبا، ولكن الرئيس مرسى سيكون آخرهم"، كما قال.