نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، مقالا جاء فيه أن
مصر تشهد حالة
غليان كبيرة، بالتزامن مع الذكرى الرابعة للانقلاب العسكري الذي جاء بالجنرال عبد الفتاح
السيسي إلى السلطة، حيث يعيش المصريون حالة احتقان وغضب من سياسات النظام، وهو ما قد يؤدي إلى ثلاثة سيناريوهات انفجار محتملة.
وقال الكاتب عمر خليفة في مقاله الذي ترجمته "
عربي21" إنه لا أحد من المصريين، حتى الأكثر تشاؤما، توقعوا أن تصل مصر إلى هذه الحالة بعد
الانقلاب العسكري؛ من القمع الممنهج، والفشل الأمني، والركود الاقتصادي.
وأضاف أن "عديد المصريين باتوا لا يخفون خيبة أملهم، ولكن يصفهم المحللون بأنهم متعبون وغير قادرين على المواجهة، وخاصة بعد ردود الفعل الضعيفة التي تلت التفريط في جزيرتي تيران وصنافير خلال الشهر الماضي، مما جعل الثورة تبدو مثل حلم بعيد المنال".
وأشار الكاتب إلى أنه "في المقابل؛ هناك كثير من المثقفين والمواطنين البسطاء، لا يزالون يؤمنون بأن المظاهرات العشوائية والمتقطعة بدأت تتكاثر، ويدعون المصريين للنزول إلى الشوارع".
وقال إن "أوضاع المصريين في عهد مبارك كانت سيئة، ولكنها في عهد السيسي دخلت مرحلة غير مسبوقة من الدكتاتورية"، لافتا إلى أن "الثورة المضادة بدأت تحركاتها منذ آذار/مارس 2011، عندما هاجم الجيش ثوار ميدان التحرير، من أجل مصادرة مكاسب انتفاضة يناير التي كانت بصدد التحول إلى ثورة حقيقة كانت ستغير العقول وطريقة إدارة البلاد".
وأضاف الكاتب أن "السيسي والأجهزة الأمنية ونخبة رجال الأعمال نجحوا أخيرا في الاستحواذ على السلطة وتعزيز نفوذهم، من خلال القضاء على كل منافس، بما في ذلك المرشحون المحتملون للانتخابات الرئاسية الذين تم اعتقالهم الأسبوع الماضي".
واعتبر أن "السيسي ومن معه فهموا ما لم يفهمه ثوار التحرير، حيث إن 18 يوما من المظاهرات لم تغير شيئا غير رأس النظام، فهي لم تكن ثورة، وإنما مجرد انتفاضة، أما التغيير الحقيقي فهو يستوجب تنظيما محكما، وخبرة سياسية، وتناغما فكريا، وفهما للتاريخ".
وأضاف الكاتب أن "النظام المصري اعتمد لتحقيق أهدافه على مزيج من القوة الغاشمة وأبواق الدعاية، وبذلك نجحت الثورة المضادة في خلق انتفاضة، إلا أن غطرسة الجيش تحت رعاية السيسي؛ ستؤدي في النهاية إلى انهيار الأوضاع".
وحذر من أن مصر تشهد حالة انهيار تام منذ الانقلاب العسكري، في ظل انتشار الشعارات القومية المتشددة، وتفاقم ظاهرة الإرهاب التي انتقلت من سيناء إلى منطقة الدلتا، والأزمة الاقتصادية التي تسببت بتعويم الجنيه المصري.
وأشار إلى أن نظام السيسي في أثناء سعيه لإخماد أي نفس ثوري؛ تسبب بشكل غير مقصود بظهور المزيد من الغضب والمقاومة، وما ينقص الآن هو الحدث القادح، إذ إن مقتل مصري واحد، وهو خالد سعيد، في سنة 2010؛ كان كافيا لإطلاق شرارة الاحتجاجات. وهذه المرة أيضا؛ قد يؤدي قرض صندوق النقد الدولي لاندلاع انفجارات جديدة، بما أن الأسعار سترتفع أكثر، وملايين المصريين سيجدون أنفسهم تحت خط الفقر.
ورأى الكاتب أن "الشرارة قد تندلع بسبب واحدة من فضائح فساد الشرطة المصرية، التي لا تتردد في قتل المواطنين الأبرياء بدم بارد، كما فعلت في تشرين الثاني/نوفمبر"، متابعا: "تماما كما وقع مبارك في فخ التقليل من قدرة المصريين على التحرك؛ فإن السيسي أيضا وحكومته العاجزة والمنتشية بغطرستها، تعتقد أن اندلاع ثورة جديدة أمر غير ممكن".
وذكر الكاتب أن "حالة الغليان التي تشهدها مصر الآن قد تنتهي بواحد من ثلاثة سيناريوهات، أولها حدوث انقلاب جديد، إذ إن كثيرين من داخل النظام الحاكم؛ واعون تماما بأن السيسي بصدد تدمير الأمن القومي، والإضرار بمصالح المصريين البسطاء، وطبقة رجال الأعمال الذين حدث تضارب بين مصالحهم ومصالح الجيش، الذي يسيطر على جزء هام من الاقتصاد المصري".
وحذر الكاتب من أنه "تماما مثلما نجح السيسي في التآمر مع آخرين للإطاحة بمرسي؛ من الممكن أيضا لأسباب انتهازية وفئوية أن يقوم آخرون بالتخلص من السيسي لحماية مصالحهم. إلا أن رحيل هذا الدكتاتور لن يكون سلميا مثلما حدث في السابق، فهو لن يتردد في التسبب بحمام دماء مثلما كان قد فعل في مجزرة رابعة العدوية".
وقال إن السيناريو الثاني الذي قد تنتهي إليه حالة الغليان في الشارع المصري؛ هو اندلاع مظاهرات جديدة مثلما حدث في 2011، إذ إن البعض يعتقدون أن المواطنين المصريين باتوا الآن يعيشون انقساما واستقالة من الشأن العام، بسبب الخوف من الوقوف في وجه النظام الدموي، ولكن رغم ذلك فإن شراء السيسي لأسلحة بقيمة مليارات الدولارات، في ظل ارتفاع عدد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، وغياب العدالة في توزيع الثروات؛ قد يؤدي في النهاية لاندلاع ثورة جديدة.
وأشار إلى أن المصريين خرجوا قبل أربعة أشهر هاتفين "نريد الخبز"، إذ إن الجوع والتعب تغلب على مشاعر الخوف لديهم، بعد أن أيقنوا أن السيسي ليس قادرا على تأمين البلاد وتحقيق الاستقرار.
وبيّن أن السيناريو الثالث الذي قد يدخل مصر في نفق مظلم؛ هو حدوث انقسام حاد في المجتمع، حيث إن معسكر السيسي وأبواق دعايته يصرون على مهاجمة المعارضين واعتبارهم غير مصريين، ولذلك فإن هؤلاء المعارضين بدورهم باتوا مستعدين لممارسة العنف لإظهار معارضتهم لنظام السيسي.
وحذر الكاتب من أن معسكري النظام والمعارضة في مصر يتبادلان مشاعر الاحتقار والكراهية، حتى إن الشرخ وصل إلى بعض العائلات المصرية، حيث لا يزال الملايين يؤمنون بقدرة العسكر على حمايتهم، وملايين آخرون يرفضون الخضوع لهذا النظام الدكتاتوري، وعندما لا يحترم الناس النقاش الحضاري؛ يصبح البديل الوحيد هو الاقتتال الداخلي.