جاءت تصريحات خليل الحية، عضو المكتب السياسي والقيادي البارز في حركة
حماس، لتعطي ملخصا عما دار خلال زيارة وفد الحركة القاهرة الأسبوع الماضي.
وتحدث الحية في مؤتمر صحفي عقده الأحد، وتابعته "عربي21"، عن الحوارات التي تجريها حركته مع العديد من الأطراف، وعن المخاطر التي تعصف بالدول العربية وتأثيرها على الفلسطينيين، وتطرق للإجراءات التي اتخذها رئيس السلطة محمود عباس ضد
غزة، ومدى مساهمتها في غياب المصالحة.
كما أكد على "قوة وتطوير" سلاح المقاومة الفلسطينية، وحذر من مخططات الاحتلال
الإسرائيلي التي "تستهدف الأمة العربية ووحدتها وقوتها"، معربا عن أمله في أن يتم فتح معبر رفح والمعبر التجاري مع
مصر قريبا.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، فايز أبو شمالة، أن لقاء القيادي الحية، "جاء في وقت مهم؛ ليجيب على تساؤلات الشارع الفلسطيني الكثيرة، وما يشاع من أخبار حول لقاء وفد حركته مع القيادي في حركة فتح، محمد
دحلان، في القاهرة مؤخرا"، موضحا أن حديثه "كان منصبا على الوضع الداخلي الفلسطيني، وكان موجها للجبهة الداخلية".
وأضاف لـ"عربي21": "لقد تعمد الحية بذكاء أن يمهد للتقارب مع دحلان، وأن يبرر لقاء وفد حركته به بمصلحة غزة"، معتبرا أن "هجوم القيادي الحية على محمود عباس كان استراتيجيا، ويشير إلى مرحلة جديدة من العلاقات الفلسطينية الداخلية، في الوقت الذي أكد فيه أن المصالحة في حياة عباس أصبحت صعبة"، كما قال.
اقرأ أيضا: ماذا تحمل زيارة يحيى السنوار إلى القاهرة؟
وقال أبو شمالة: "لذلك كان القبول بالشراكة مع دحلان، والتقارب مع مصر بوابة الحرية لحماس، حيث تحدث عنها باحترام واعتزاز"، بحسب تعبيره.
لغة متطورة
وحول علاقة حماس بالدول العربية والإسلامية، لفت أبو شمالة، إلى أن "الحية أكد على علاقة حركته بإيران، وعلى رغبة حماس في تطويرها، لكنه لم يهاجم السعودية ولم ينتسب إلى حلف ما".
وتابع: "مر على أزمة قطر، سريعا وشكرها على ما قدمت وستقدم، ولم يقف كثيرا عند الخلافات العربية التي أسف عليها، وأكد أن العدو الصهيوني هو المستفيد من حالة الخلاف التي تعصف بالعالم العربي"، على حد قول أبو شمالة.
اقرأ أيضا: بماذا علقت حماس على تصريحات وزير خارجية قطر؟
أما بخصوص شن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا جديدا على القطاع، فقد "هدد القيادي إسرائيل بلغة الواثق، وطمأن سكان غزة، وأكد أن حركته لا تريد الحرب، ولكنها قادرة على الرد وإيذاء العدو الإسرائيلي إذا فكر بالعدوان على غزة؛ لأنه سيكون أكثر المتضررين من الحرب"، بحسب أبو شمالة الذي أشار أن الحية بذلك "يرد على كل أولئك الذين يلوحون بدمار غزة".
وأشاد أبو شمالة، بـ"اللغة المتطورة بشكل كبير؛ التي تحلت بها حماس في خطاب الحية، والتي تقوم على التفاهمات ولا تشعل الخصومة القديمة والنعرات؛ ولا سيما بين أبناء الشعب الواحد"، وفق تقديره.
وفي قراءته لما جاء في لقاء القيادي في حماس، أوضح الكاتب والمحلل السياسي، محسن أبو رمضان، أن حركة "حماس تناور؛ لأن حركات الإسلام السياسي أصبحت غير مقبولة أن تكون جزء من الفضاء السياسي الرسمي؛ سواء على المستوى الفلسطيني أو الإقليمي العربي"، على حد قوله.
وأضاف لـ"عربي21": "تحاول حماس الخروج بأقل الأضرار الممكنة، من خلال الانفتاح على القيادية المصرية الحالي،ة وإنجاز ترتيبات محددة تخفف من حالة الاحتقان، كما تعمل حماس على تحسين الأوضاع الإنسانية الخاصة بقطاع غزة، عبر الانفتاح على التيار الإصلاحي الذي يتزعمه النائب دحلان داخل حركة فتح"، ما قال.
المدخل الأمثل
وفي ذات الوقت، نوه أبو رمضان إلى أن "حماس لم تقطع الخيط تماما مع عباس، حتى مع الصعوبات الكبيرة التي تعترض تحقيق المصالحة في ظل وجود الرئيس أبو مازن، حيث أشار الحية إلى سياسات السلطة التي اتخذتها بحق غزة".
اقرأ أيضا: ماذا يعني اعتبار عباس لغزة إقليما متمردا؟
ورأى أن حماس، ومن خلال لقاء القيادي الحية، "تسعى لأن تكون جزءا من المشهد السياسي المعترف به، أو على الأقل غير المدرج في قائمة الإرهاب، في ظل وجود تيار عريض على المستوى الدولي والإقليمي لا يرغب باستمرار حركات الإسلام السياسي، وبالتالي حماس تريد أن تحمي نفسها أولا، من خلال الاقتراب من النظام الرسمي العربي، وإعادة تحسين أوضاع القطاع، وحل مشكلاته المعيشية؛ وفتح معبر رفح وتقوية علاقتها مع مصر"، وفق تقديره.
أما فيما يخص سلاح المقاومة، فذكر أبو رمضان أن ما جاء في اللقاء، هو "ترديد لتصريحات قديمة جديدة، لكنها لا تعني أن حماس معنية بالصدام"، معتبرا أن "اقترابها من الحالة الرسمية الإقليمية وابتعادها عن دائرة الإرهاب؛ يعني أنها ستلج في دائرة التسوية أكثر من الصدام، دون أن تقول إنها على استعداد أن تلقي السلاح الذي هو أداة قوة وضغط مهمة بالنسبة لها، وأحد العناصر التي يعزز شعبيتها".
وقال أبو رمضان إن ما تحدث به الحية حول المصالحة المجتمعية الداخلية؛ "هي المدخل الأمثل لتحقيق المصالحة الفلسطينية وضمان حقوق الناس وتحقيق العدالة الانتقالية، وذلك لتجنب ومنع عمليات الثأر وتجنب عملية الفعل ورد الفعل على طريق الحفاظ على النسيج الفلسطيني الداخلي"، كما قال.
ا
قرأ أيضا: هل يهرب نتنياهو من تحقيقات الفساد إلى حرب على غزة؟