نشرت صحيفة بيزنس أنسايدر في نسختها البريطانية تقريرا حول الأزمة في الخليج، قالت فيه إن
الحصار الذي فرضته المملكة العربية السعودية وشركاؤها على
قطر يضر كثيرا بالمصالح البريطانية.
وتعتمد
بريطانيا بنسبة كبيرة على الغاز القطري لتلبية احتياجاتها من الطاقة، إلى جانب الاستثمارات القطرية الكبيرة في لندن.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21"، إن الأزمة المندلعة بين قطر وجيرانها الخليجيين جاءت في أسوأ توقيت بالنسبة لبريطانيا، حيث تشهد الساحة السياسية البريطانية حالة جمود وتدهور على إثر التصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي، تضاف إليها النتائج المفاجئة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي أدت إلى تشتت البرلمان؛ ولذلك فإن بريطانيا الآن في أمسّ الحاجة لعلاقات تجارية مستقرة وشركاء في الاستثمار من خارج أوروبا؛ للحفاظ على تدفق رأس المال إلى الاقتصاد المحلي.
اقرأ أيضا: التضخم يقفز في بريطانيا مسجلا أعلى مستوى في أربع سنوات
وأضافت الصحيفة أن السعودية والبحرين والإمارات ومصر قامت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وقررت غلق مجالها الجوي والبحري أمام العمليات التجارية، في مسعى لعزل قطر عن بقية العالم، وذلك بدعوى أن الدوحة تدعم مجموعات إرهابية مثل تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، وهي تُهم فنّدها الجانب القطري.
وذكرت الصحيفة أن هذا الخلاف الخليجي وضع بريطانيا في موقف محرج للغاية، حيث إن كلا الطرفين يمثل حليفا مهما وشريكا تجاريا بالنسبة للمملكة المتحدة، ولذلك فإن لندن مطالبة بالتزام الحياد.
واعتبرت الصحيفة أن الوضع الحالي في الخليج يتسم بانعدام الاستقرار، في ظل تدهور العلاقات الدبلوماسية بشكل كبير بين الطرفين، حتى إن
الإمارات حذرت مواطنيها من إظهار أي تعاطف مع قطر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وهددت الحكومة الإماراتية بأن أي تعاطف مع قطر قد يكلف حكما بالسجن يصل إلى 15 سنة، بالإضافة إلى غرامة مالية لا تقل عن 500 ألف درهم إماراتي (136 ألف دولار)، بحسب ما ذكره المدعي العام حمد سيف الشمسي.
اقرأ أيضا: الإمارات تحذر مواطنيها: سجن وغرامة كبيرة لمن يتعاطف مع قطر
وقالت الصحيفة إن رئيسة الوزراء تيريزا ماي كانت أشادت بأهمية قطر بوصفه شريكا تجاريا مهما للمملكة المتحدة في مرحلة ما بعد البريكست. حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين في آذار/ مارس الماضي؛ بهدف تعزيز التعاون بين الحكومتين وعديد الشركات في مجالات اقتصادية متنوعة.
وتشمل هذه المجالات التي تتعاون فيها بريطانيا وقطر: التعليم، والرعاية الصحية، والعلوم، والبحث العلمي والابتكار، والسياحة، والثقافة، والنقل، والطاقة، والخدمات المالية، ودعم المشاريع الصغرى.
وأضافت الصحيفة أن قطر -من جهتها- تعهدت باستثمار مبلغ خمسة مليار دولار في بريطانيا، سيضاف إلى 35 مليار دولار، التي تستثمرها عبر مؤسسات متنوعة مثل صندوق قطر الاستثماري.
وبحسب الصحيفة، فإن قطر تعد ثالث أهم مستورد من بريطانيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ارتفعت قيمة الصادرات البريطانية نحوها من 1,31 مليار جنيه إسترليني في 2013 إلى 2,13 مليار جنيه إسترليني في 2016. وتشمل هذه الصادرات معدات وآلات صناعية، وسلع رفاهية وأغذية؛ ولذلك فإن تواصل هذا الحصار قد يزعزع الثقة لدى الشركات المصدرة.
وبحسب الصحيفة، فإن لندن تخشى من أن تضطر قطر تحت ضغط الحاجة للسيولة لبيع بعض أصولها في بريطانيا، وهي في أغلبها مرتبطة بمجال تطوير العقارات، وهذه الخطوة قد تصبح مستقبلا ضرورية لدعم العملة القطرية وإنعاش الاقتصاد المحلي؛ إذ إن الريال القطري شهد تذبذبا غير مسبوق منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية.
كما أشارت الصحيفة إلى أن ممتلكات قطر في لندن تفوق ممتلكات المملكة ذاتها؛ حيث إنها تضم 21 مليون قدم مربع من العقارات، منها 95 بالمئة من أسهم شارد، وهي أعلى ناطحة سحاب في أوروبا. كما كان المستثمرون القطريون قد اشتروا القرية الأولمبية بعد ألعاب لندن 2012، ويمتلكون أيضا سلسلة محلات هارودز، والمنطقة التجارية "كناري وارف".
وأكدت الصحيفة أن الاستثمارات القطرية في بريطانيا تتجاوز ملكية العقارات؛ حيث إنها تمثل أيضا شريكا صاحب أغلبية في بنك باركلايز، بعد أن كانت ضخت تمويلات ضخمة لإنقاذ البنك خلال الأزمة المالية في 2008؛ لتجنيبه عملية إنقاذ كانت ستقوم بها الدولة.
ونقلت الصحيفة عن وزير المالية القطري علي شريف العمادي قوله: "نحن نمتلك الأصول والحماية التي نحتاجها؛ حيث إن استثماراتنا في الخارج تفوق الناتج القومي الخام بنسبة 250 بالمئة؛ ولذلك فنحن نشعر بالارتياح، وواثقون من أننا نستطيع الدفاع عن عملتنا واقتصادنا، ولا يوجد شيء يدعو للقلق حول اقتصادنا المحلي".
وردا حول سؤال حول احتمالات بيع قطر لنصيبها في بنك باركلايز أو شركة فولكسفاغن الألمانية، قال العمادي: "نحن في وضع مريح جدا في ما يخص وضعنا المالي واستثماراتنا وتوفر السيولة لدينا".
وأشارت الصحيفة إلى أن قطر تمثل أيضا أحد أكبر المصدرين للغاز نحو بريطانيا وبقية العالم، ورغم أن لندن ليست أكبر حلفاء الدوحة، إلا أن الأزمة الدبلوماسية الأخيرة في الخليج سلطت الضوء على مدى هشاشة آليات التزود بالموارد الطاقية في المملكة المتحدة.
واعتبرت الصحيفة أن بريطانيا باتت أكثر تبعية لواردات الغاز، التي تستخدم لتوليد 42 بالمئة من الطاقة الكهربائية، وفي ظل تضاؤل إنتاج حقول الغاز في بحر الشمال، باتت بريطانيا أكثر اعتمادا على الواردات.
وأضافت الصحيفة أن قطر توفر حوالي ثلث واردات بريطانيا من الغاز. وكانت صحيفة الفايننشل تايمز حذرت من أن الحصار على قطر قد يؤدي لعرقلة نقل الغاز، خاصة إذا قررت مصر منع ناقلات الغاز المسال من عبور قناة السويس.