حملت الحلقة الثانية من مسلسل "لأعلى سعر"، تأليف الكاتب والمنتج مدحت العدل، وبطولة الفنانة نيلي كريم، بأجر بلغ (25 مليون جنيه)، والمعروض على قناة (DMC)؛ إساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، على حد قول نشطاء وإعلاميين.
ففي أحد مشاهد المسلسل، يدور حوار بين مريض وطبيب، فيسأل المريض عن فائدة العلاج بالحجامة، فيقول الطبيب إنها عمليات نصب وكلام فارغ وطريقة غير علمية، فيرد المريض: ولكن سيدنا الرسول قال، فيقاطعه الطبيب بقوله ما كان يحدث في عهد الرسول هو طب بدوي، والرسول لم يكن طبيبا.
وهو الحوار الذي اعتبره بعض المتابعين إهانة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ووصما له بالجهل.
دراما "معلمنة"
وتعليقا على الحوار الذي دار بمسلسل "لأعلى سعر"، أطلق الإعلامي المصري حازم غراب على ما يقدم للمشاهدين العرب من أعمال فنية بشكل عام وصف "الدراما المعلمنة"، نسبة إلى تيار الفكر العلماني، معتبرا أن "تلك المسلسلات هي أداة رئيسية من أهم أدوات هدم القيم والأخلاق الإسلامية والدينية عامة".
وقال لـ"عربي21" إن هذه السقطة أو الإساءة لنبي الإسلام -التي بدت واضحة عبر الحوار في المسلسل- تأتي ضمن سلسلة التشويه المتعمد للثوابت، مضيفا: "وقد جربنا على صناع الدراما ذلك التشويه مرارا".
تخريف هذه عواقبه
ووصفت مؤلفة الأدب الساخر والسيناريست، الدكتورة مي عبد السلام، الحوار بين الطبيب والمريض في المسلسل بأنه تخريف وإساءة واضحة، وقد تكون متعمدة لرسول الإسلام الكريم الذي نعدّه نحن المسلمون في كل نَفَس تنفّسه قدوه لنا".
وأكدت عبد السلام لـ"عربي21" أن مجتمعاتنا العربية والإسلامية لم تصل لدرجة الضياع التي تعيشها إلا بترويج مثل هذه الأفكار، فيما حمّلت مؤلف السيناريو (الدكتور مدحت العدل) ومخرج العمل (محمد العدل) مسؤولية ذلك الخطأ الفادح، الذي اعتبرته ناتجا عن ضعف فكري وثقافي وديني واضح.
وأشارت عبد السلام إلى النتيجة السيئة لمثل تلك الإساءات؛ من تشكيك في ثوابت الدين، وضعف الإيمان، وفقدان القدوة، إلى جانب زيادة الاحتقان، وانتشار الفكر المتطرف، والبعد عن الفكر الوسطي، مؤكدة أن الخاسر هم الأجيال الجديدة من الصغار، التي تترسخ لديها مفاهيم خاطئة، قائلة: "هكذا أصبحنا متشددين دون عقل، وعقلانيين دون دين".
وأضافت الكاتبة المصرية: "للأسف، لا توجد مرجعية في مثل هذه المواقف أو مؤسسة يمكنها التدخل ووقف العمل أو عقاب المتسبب بالجريمة"، مشيرة إلى اختفاء دور الأزهر الشريف، وسط محاولات النظام لإلغائه من الأساس.
وقالت إن "الحل هو الرجوع لوسطية الأزهر، وتقوية دوره"، منتقدة ما اعتبرته توجها عاما لدى أدعياء، مضيفة أن "ما يقومون به من تشويه لثوابتنا هو تطور تطبيعي لحالة التشدد التي تلت سنة حكم الإخوان المسلمين، وأنه من الطبيعي أن تكون هناك هجمة عكسية".
لا توجد إساءة
من جانبه، أكد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، أن الحوار الوارد في المسلسل ليس فيه أي إساءة للنبي.
وقال فرغلي لـ"عربي21"، إن "كل ما ورد عن النبي في مسائل الطب وغيرها هو وليد الواقع، وفي هذا الوقت لا يعد فرضا أوسنة"، ضاربا المثل بوضع الكحل في العين، مؤكدا أنها "طريقة بدوية في الصحراء تحمي العين من الرمال، وهناك رجال يضعونه على أساس أنه سنة، وهذا غير صحيح، فهناك فرق بين العادات والعبادات"، حسب قوله.
وأكد فرغلي أن إقحام اسم النبي غير مناسب في أعمال فنية لا تخلو من مشاهد لا تليق، قائلا: "للأسف، هناك حالة من الإسفاف تعتري الوسط الفني، وكتّاب السيناريو ليسوا على مستوى المسؤولية"، مضيفا: "نحن الآن في زمان المسخ".
وقال إن التجاوزات الخارجة قد يتخذها البعض ذريعة لأعمال الإرهاب، منتقدا القائمين على صناعة الفن في مصر بشكل عام، بقوله "إنهم يتصورون أن الخروج عن نص الثوابت والتقاليد هو من التنوير وحرية الفن"، مشيرا إلى عدم وجود أي عمل جاد خلال شهر رمضان بين 35 مسلسلا يقاوم الفكر المتطرف.