نشرت صحيفة "خبر 7" التركية تقريرا؛ سلطت من خلاله الضوء على الوضع السياسي في الشمال السوري بعد سيطرة القوات التركية على مناطق في شمال
سوريا متاخمة للحدود التركية، بعد طرد تنظيم الدولة منها في إطار عملية درع الفرات.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن عناصر حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي؛ يسيطرون على 512 كيلو مترا من الحدود التركية السورية، علما أن الطول الإجمالي لهذه الحدود يبلغ 911 كيلومترا. وبعد الضربات الجوية التي شنتها القوات التركية على معاقل تلك التنظيمات، توافدت قوات روسية وأمريكية وأخرى تابعة للنظام السوري؛ إلى تلك المناطق الحدودية، وشكلت درعا بشريا لتحول دون استمرار الضربات التركية، وفق الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن القوات الأمريكية توفر الحماية لعناصر التنظيمات الكردية في شمال شرق سوريا. وقالت إن هناك مقاتلين أجانب من جنسيات مختلفة يقاتلون في صفوف القوات الكردية في منطقة تل أبيض وعين العرب (كوباني).
أما في شمال غرب سوريا، فقد تأهبت القوات الروسية لحماية العناصر الكردية من الضربات التركية. كما رفعت علم النظام السوري في تلك المنطقة لتوحي بوجود قوات تابعة لقوات النظام في تلك المناطق، كما تقول الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن نجاح القوات التركية بمشاركة عناصر الجيش الحر السوري في طرد تنظيم الدولة من مدينتي الباب وجرابلس، بالإضافة إلى أن الضربة الأخيرة ضد التنظيمات الكردية، قد تسببت في ازدياد التحركات العسكرية في تلك المناطق.
وأشارت إلى أن
الوحدات الكردية، التي تسيطر على منطقة عفرين، ضربت بالمدافع المناطق التي تخضع لسيطرة قوات الجيش الحر في منطقة الباب وجرابلس، وقد كان ذلك كردة فعل على الضربات التركية.
وعلى خلفية الضربة المضادة التي تلقتها القوات التركية، تدخلت القوات الروسية والأمريكية لحماية القوات الكردية من الضربات التركية المحتملة.
وبينت الصحيفة أن علم النظام السوري قد رفع في كل من منطقة عين دكنا، الواقعة جنوب مدينة اعزاز السورية، وفي قرية ماراناس، اللتين تخضعان لسيطرة الوحدات الكردية. وقد تزامنت هذه الأحداث مع وصول قوات تابعة لقوات النظام السوري إلى تلك المناطق. وفي هذا الإطار، أدلى المتحدث باسم حزب الاتحاد الديمقراطي، ريدور خليل، بتصريحات أكد فيها عزم القوات الروسية إنشاء قاعدتين عسكريتين هناك. ولكن وزير الدفاع الروسي نفى هذه المزاعم، وأشار إلى أن "القوات الروسية لا تفكر في إنشاء قواعد عسكرية جديدة في سوريا".
وذكرت الصحيفة أن القوات الأمريكية، بعد الضربات التركية لمواقع التنظيمات الكردية، قد طوّقت منطقة طولها حوالي 395 كيلو مترا، تمتد من أقصى الشرق السوري وتصل إلى حدود نهر الفرات. وقد شملت هذه المنطقة المطوقة مدينتي القامشلي وتل أبيض، الخاضعتين لسيطرة الوحدات الكردية.
وفي شأن ذي صلة، نشرت صحيفة "يني عقد" التركية مقال رأي للكاتب عبد الرحمن ديلي باك، الذي قال فيه إن هناك حوالي 7 آلاف مقاتل أمريكي يقاتلون إلى جانب الوحدات الكردية في الشمال السوري.
ووصف الكاتب هؤلاء المقاتلين بـ"المرتزقة"، وقال إن أغلبهم من جنسيات إيرانية وعراقية وسورية، وقاتلوا في صفوف القوات الأمريكية أثناء الحرب على العراق.
ويرى الكاتب أن "المرتزقة" التابعين للجيش الأمريكي، يشكلون في الحقيقة جيش الولايات المتحدة الخفي الذي تستخدمه في عملياتها العسكرية، والذي تحاربه
تركيا في الشمال السوري. وبالتالي، من غير المفاجئ أن يتم العثور على جواز سفر أمريكي في جيب أحد العناصر التي تواجهها القوات التركية في الشمال السوري، كما قال.
وعلى حد تعبير الكاتب، فإن هذه الحرب، هي حرب وكالة خفية بين تحالفين داخل الناتو. وقال إن هذا النوع من الحروب تسيره عدة دوافع، لعل أبرزها الديني والسياسي.
وأوضح الكاتب أن المنظمات الكردية تستمد شجاعتها وقوتها في مواجهاتها ضد القوات التركية؛ من الدعم الذي تتلقاه من الدول الغربية، وخاصة من الولايات المتحدة.
ووفقا للكاتب فقد أحس سكان المناطق الجنوبية الشرقية في تركيا بثقل هذا الدعم، ولعل هذا أيضا ما أظهرته نتائج الاستفتاء الأخير في تركيا. ويعتقد الكاتب أن المنظمات الكردية داخل تركيا تحافظ على استمراريتها من خلال الدعم الخارجي، وليس بفضل الدعم الداخلي. ووفقا لما ذكره الكاتب، فإن قادة التنظيمات الكردية يعدمون العناصر التابعة لهم، في حال اعتراضهم على سياسة الدعم الخارجي.
ونوّه الكاتب إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى إيجاد موطئ قدم لها في الأراضي السورية، من خلال التحالف مع القوات الكردية المنتشرة في المنطقة. وبالتالي، يبدو جليا أن واشنطن قد استخدمت مسمى "مكافحة تنظيم الدولة" كغطاء لعقد هذا التحالف، معتبرا أن سجل العمليات العسكرية الأمريكية في سوريا قبل تدخل القوات التركية يثبت ذلك، حيث لم تتقدم القوات الأمريكية خطوة واحدة لإنهاء تنظيم الدولة.
ويرى الكاتب أن الحماية التي تقدمها الولايات المتحدة للجماعات الكردية قد جاءت إثر النجاحات العسكرية التي حققتها القوات التركية في الآونة الأخيرة. وهذا في حد ذاته يشير إلى أن ازدياد الاشتباكات بين القوات الكردية والتركية عقب محاولة الانقلاب في تركيا، في تموز/ يوليو الماضي، يُثبت نظرية وجود تحالف وحرب خفية ضد تركيا، كما قال.