حملت زيارة رئيس التحالف الوطني
العراقي، عمار الحكيم، إلى القاهرة، ولقاؤه قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي الثلاثاء، دلالات عديدة، خاصة أنها تأتي قبل زيارة مرتقبة للسيسي للرياض للقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز، وفق سياسيين ومحللين.
ويزور الحكيم، رئيس التحالف المدعوم من إيران، وهو أكبر كتلة شيعية في البرلمان، القاهرة منذ يوم الاثنين، تلبية لدعوة رسمية، التقى خلالها السيسي ورئيسي مجلسي الوزراء والنواب، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الأقباط تواضروس الثاني.
وكانت
مصر اتفقت مع العراق، في شباط/ فبراير الماضي، على استيراد مليون برميل من النفط الخام شهريا لمدة عام، اعتبارا من أول آذار/ مارس الماضي بشكل مبدئي، لكن العقد النهائي لم يوقع، ولم تصل أي شحنات من النفط العراقي لمصر، وسط تكهنات بعدم إتمامها بعد إعادة تدفق النفط السعودي مجددا بعد توقف دام شهورا.
السيسي لن يغضب الخليج
من جهته، قلل المحلل العراقي عبد الكريم الوزان من أهمية وتأثير زيارة الحكيم إلى القاهرة، وقال لـ"عربي21": "الزيارة لن تقدم أي شيء سواء في الملف المصري العراقي، أو الملف العراقي العراقي، فالحكيم يبحث عن توسط مصر لإقامة مصالحة وطنية مع القوى العراقية الوطنية".
وبشأن ما إذا كانت مصر قادرة على التعامل بقوة مع الملف العراقي، في ظل تحفظ دول خليجية حليفة كالسعودية والإمارات، قال الوزان: "لا أعتقد أن تفرط مصر في علاقاتها بالخليج، وسوف تكون إلى جانب تطلعات الخليج فيما يتعلق بالتعامل مع الملف العراقي"، كما قال.
وأرجع عدم قدرة مصر على تجاوز هذه الحساسيات مع الخليج "كونها ضمن التحالف العربي والإسلامي، وأنها تمر بظروف صعبة، وتعاني من الإرهاب، وترتبط بعلاقات قوية ووثيقة، ولا أتصور أن تتخلى عن هذه التحالفات"، بحسب تعبيره.
"مروحية" السيسي
من جهته، رأى أسامة سليمان، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري السابق، أن السيسي يبدو متخبطا في علاقاته الخارجية.
وقال لـ"عربي21": تجده يهرول باتجاه روسيا والصين، ثم باتجاه أمريكا، وتارة باتجاه إيران ضد الخليج، ثم مع نفط ليبيا وحفتر، ثم ضد السودان، وهكذا حالة من المروحية التي لا ذكاء فيها بما يعرف بالترنح حسب من يدفع أكثر أو يرضى عنه أكثر"، على حد قوله.
وأضاف: "لا عجب في هرولة السيسي باتجاه نفط العراق والسعودية وليبيا معا، وإن خابت هذه يذهب للأخرى"، مشيرا إلى أن "السيسي لا يملك إحداث أي توازن إقليمي في المنطقة؛ بسبب ما تمر به البلاد في عهده من اضطرابات سياسية وأمنية واجتماعية".
واعتبر أن "السيسي يلهث خلف شيئين لا ثالث لهما، أولهما التسول، سواء نفطا أو مالا أو ما يعرف بالرز الخليجي، وثانيهما أن يحوز الرضا الغربي الصهيوني المتمثل في أمريكا وإسرائيل، ومن ثم لا يعنيه أمن مصر القومي، أو الوضع الإقليمي والتضامن العربي، أو حتى توازن القوى في الشرق الأوسط"، كما قال.
مناورة وابتزاز
أما الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل، فأكد أن استقبال السيسي للحكيم يأتي في إطار محاولته الضغط على الخليج، وقال لـ"عربي21": "أعتقد أن الأمر ليس صدفة، بل مرتب له جيدا. فالسيسي استطاع أن يفهم حكام الخليج بصورة جيدة، وعرف أن الضغط عليهم خير وسيلة لابتزازهم"، وفق قوله.
ورأى أن السيسي "يضغط على الأزهر، ويقرب الشيعة، وبذلك يحقق ما يريده في عالم السياسة القذر المبني على المصالح، ويرسل رسائل إيجابية غير مباشرة لروسيا وإيران، بل أمريكا وأوروبا التي ترعي المد الشيعي"، بحسب تعبيره.
رسالة للسعودية
بدوره، قال الباحث السياسي غاندي عنتر، لـ"عربي21"، إن "حالة الاحتفاء الكبيرة بالحكيم من الجانب المصري لا تخرج عن احتمالين، إما إرسال رسالة للسعودية قبل لقاء السيسي المرتقب مع الملك سلمان بأنه قادر على اللعب بملف إيران؛ للتعظيم من موقفه في حال اعتزم عقد صفقات ما مع الجانب السعودي، وإما أن يكون الأمر تصعيدا جديدا بعد المناورات العسكرية التي قامت بها
السعودية مع السودان"، وفق تقديره.
ولم يستبعد أن تكون اللقاءات مع الحكيم "في إطار سعى السيسي الدائم للحصول على مكاسب اقتصادية تتمثل في نفط العراق"، مضيفا: "في كل الأحوال، هذه الزيارة لن تمر مرور الكرام من قبل السعودية، خاصة في ظل الحديث عن تعمد جهة سعودية القول بعدم وجود تقارب حقيقي بين السيسي والملك سلمان"، كما قال.