أكد المنسق الإعلامي لملف التقييمات التي أعلن عنها المكتب العام للإخوان (مكتب الإرشاد المؤقت)، المعبّر عن ما يُعرف إعلاميا بـ"تيار التغيير" أو "القيادة الشبابية" داخل جماعة
الإخوان المسلمين
المصرية، أن وثيقة
المراجعات في شكلها النهائي ستصدر قريبا خلال أسابيع عندما تكتمل التعقيبات التي قال إنها ما زالت تتوالى عليهم، ويراها مفيدة إلى حد بعيد.
وقال
عباس قباري -في مقابلة مع "
عربي21"- إن "قادة الإخوان المعتقلين لم يسهموا في صياغة التقييمات، لكن كثيرا منهم بالطبع يتوافق مع الأطروحات التي تضمنتها التقييمات، لأن بعضهم حضر بعض جهودها قبل أن يُعتقل، فقد بدأت هذه الجهود منذ أكثر من عام ونصف، أما من اعتقلوا عقب الفض مباشرة ففي الغالب لا يتم التواصل معهم بأي شكل".
وكشف قباري، أن هناك "تقييمات" داخلية أخرى غير معلنة، مؤكدا أن أي مؤسسة من حقها أن تختار ما يُطرح للعلن وما تستأثر به لنفسها من الأمور التي قد لا تدخل في الاهتمام العام أو تلك التي تتعلق بمحيط مكاني معين أو أمور تفصيلية خاصة.
وشدّد على أن إقدامهم على هذه الخطوة لن يعمق الخلافات الداخلية للإخوان، بل ستكون برأيه إحدى أدوات الحل، لافتا إلى أنه سيتم الإعلان عن الرؤية قريبا، وأن ملامحها الرئيسية تنطلق من منطلق ثوري انطلاقا من مبادئ الإخوان ومن المبادئ العامة التي أرستها ثورة يناير.
يذكر أن المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان، طلعت فهمي، المُعبّر عما يُعرف إعلاميا بجبهة القيادة التاريخية، أكد أنه
لم يصدر عن أي من مؤسسات الجماعة أي أوراق بشأن مراجعات أو تقييم لأحداث، مشدّدا على "عدم صلة الجماعة بالبيان الصادر، الأحد الماضي، عن البعض، الذي تناولته بعض وسائل الإعلام بهذا الخصوص".
وفي ما يأتي نص المقابلة:
لماذا ترفضون وصف ما أعلنتم عنه مؤخرا بأنه "مراجعات" واعتبرتموه "تقييمات"؟ وهل من العيب القيام بمراجعات؟
هذا من قبيل وضع الأمور في نصابها، وتسمية الأمور التسمية الصحيحة، فالتقييم مصطلح أوسع من مصطلح المراجعة، وهو بالضرورة يشتمل عليه، ولكنه أيضا يشتمل على غيره، وبالتالي ليس عيبا القيام بمراجعات، ولكننا هنا تجاوزناها لما هو أوسع من ضيق مصطلح المراجعات.
جماعة الإخوان طوال تاريخها لم تعلن رسميا عن إجراء مراجعات أو تقييمات لأدائها.. فما هي دلالة تلك الخطوة برأيك؟
لعل ما مرت به الجماعة مؤخرا من ثورة وبعدها الانقلاب الدموي في ظرف زمني متسارع جعل ما كان مؤجلا واجب الحلول، كما أن الجماعة مؤخرا كانت بصدد إعداد رؤيتها وكان لابد من إجراء تقييم لكثير من الأمور قبل الشروع في طرح تلك الرؤية.
هل هناك شخصيات من خارج الجماعة ساهمت في بلورة هذه "التقييمات"؟ ومن هي أبرز الشخصيات التي كان لها دور في هذه العملية؟
كان لكثير من الشخصيات والرموز من الإخوان وغيرهم إسهاما فيها، وليس من الحكمة لظروف الحال الذي نعيش إعلان أي من أسمائهم، ربما يكون ذلك متيسرا فيما بعد.
هل قادة الإخوان المعتقلون ساهموا في صياغة تلك التقييمات أم لا؟
لم يسهموا في الصياغة بطبيعة الحال، لكن كثيرا منهم بالطبع يتوافق مع الأطروحات التي تضمنتها التقييمات، لأن بعضهم حضر بعض جهودها قبل أن يُعتقل، فقد بدأت هذه الجهود منذ أكثر من عام ونصف، أما من اُعتقلوا عقب الفض مباشرة ففي الغالب لا يتم التواصل معهم بأي شكل، كما أننا نراهم يحضرون محاكماتهم في أقفاص زجاجية مستحيلة التواصل ويقيمون في الانفرادي جل أوقاتهم، فكيف نُحمّلهم هذا العبء؟
"التقييمات" لم تتطرق للكثير من الأمور الهامة والفارقة بالنسبة للجماعة مثل تحالف الإخوان مع العسكر سابقا أو قرار الترشح لانتخابات الرئاسة 2012 المثير للجدل، وكذلك طريقة تعاطي الجماعة مع الانقلاب العسكري سواء قبل حدوثه أم بعده وغيرها.. لماذا؟
لا يجب بأي حال تحميل التقييمات أكثر مما تحتمل، كما أنه لا يجب ترسيخ أمور ليست حقائق مسلما بها، فعن أي تحالف نتحدث بين الإخوان والعسكر، وقد حل الأخير مجلس الشعب الذي يحوزون أغلبيته قبل استلام الرئيس لسلطة منقوصة؟ وكيف نبرر في ظل هذا التحالف المزعوم إصدار إعلان دستوري سماه الثوار بالمكبل قبل إعلان نتيجة الرئاسة؟ فلو كان هناك ثمة تحالف لبقي الدكتور محمد مرسي في قصر الاتحادية حتى اليوم.
أما الحديث عن أحداث كانتخابات الرئاسة وإرهاصات الانقلاب، فنحن قد وضعنا عدّة قيود أبرزها أننا لن نتناول موقفا أو حدثا تفصيليا، لأن تناولنا موضوعي بالأساس هذا من جانب، ومن جانب آخر هذه الأحداث تنتظر شهادات وإفادات الكثير من المغيبين الآن وغيرهم ممن لم يتحدثوا إلى الآن.
هل هناك "تقييمات" داخلية أخرى غير معلنة؟
بالطبع، فإن أي مؤسسة من حقها أن تختار ما يُطرح للعلن وما تستأثر به لنفسها من الأمور التي قد لا تدخل في الاهتمام العام أو تلك التي تتعلق بمحيط مكاني معين أو أمور تفصيلية خاصة. وعلى كل لم ينتهِ جهد التقييم بعد، فالأمر ما زال مطروحا.
ما هو تقييمكم لردود الفعل عقب الإعلان عن "التقييمات"؟
نراها مشجعة بالرغم من قيام الكثير من الأطراف بمحاولة تكييفها وفق ما يريدونه تجاه الإخوان، فالبعض سماها اعترافات والآخر سماها كوارث والبعض عدّها في خانة الاستسلام، إلا أن التعامل السائد مع الطرح كان راقيا لأبعد درجة سواء على مستوى الإخوان الداخلي أم في الفضاء العام.
البعض يقول إن تلك المراجعات تأتي في سياق شقاق وتنافس مذموم على من ينطق باسم الإخوان ويمثل قواعدهم حاليا.. فهل هي كذلك؟
سؤالك يحمل ألفاظا مفخخة بعض الشيء.. "شقاق" و"تنافس مذموم". أظن أن هذه الأمور ليست معبرة عن الحال، إلا أنه لا أحد ينكر وجود خلافات لا ينبغي بأي حال أن يتعطل معها العمل، وبخاصة ونحن نجابه انقلابا دمويا لا يألو جهدا في ترسيخ أقدامه وإنهاء أي محاولة لإزالته فكان لابد من تحرك مباشر، ولما كان هذا التحرك التقييمي موضوعيا لا يمس جهة أو شخصا أو يتعرض لمواطن الخلاف فقد تلقاه الكثيرون بالترحاب دون النظر لمواضع أقدامهم على أرضية الخلاف.
المتحدث الإعلامي باسم الإخوان، طلعت فهمي، أكد أنه لم يصدر عن أي من مؤسسات الجماعة أي أوراق بشأن مراجعات أو تقييمات لأحداث.. ما ردكم؟
لا تعليق.
ألا ترى أن إقدامكم على هذه الخطوة يعمق الخلافات الداخلية للجماعة؟
بل ستكون إحدى أدوات الحل بإذن الله.
الأكاديمي والإعلامي، عزام التميمي، أكد أن ما قمتم به ليس مراجعات بل مجرد دراسة نقدية سطحية من الخارج لا مراجعة عميقة من الداخل.. ما تعقيبكم؟
التقييمات مطروحة ومن حق الجميع قول رأيه فيها، وأنا قرأت بالطبع مقال الأستاذ الفاضل عزام التميمي، وهو رأي يُحترم، لكني أراه خلا أيضا من الدراسة النقدية العلمية التي تضع أيدينا على مواطن السطحية وتوجهنا للأمور الأكثر عمقا، والتي تحتاج لتقييم واكتفى بوضع وصف يهدم أساس المحاولة ولا ينير لها الطريق، وأرى أن يتحرر الجميع من عوامل التموضع حول الخلاف لتتحقق الإفادة من كل عمل وجهد.
البعض يفهم من خلال تقييماتكم أنكم لن تأخذوا خطوة للوراء بل للإمام لإصراركم على انتهاج الحالة الثورية والجاهزية السياسية لإدارة الدولة؟
في السؤال أمران؛ الحالة الثورية والجاهزية السياسية لإدارة الدولة، وهما أمران مشروعان بل واجبان بالنسبة لكل قوى الثورة الحية التي لم تدعم الانقلاب -ومنها الإخوان- فقد أثبتت التجربة منذ الثورة وحتى الآن أن فصيلا واحدا لن يستطيع إدارة الدولة منفردا بعد إسقاط الانقلاب.
ويجب علينا أن نبحث عن بناء حقيقي يستوعب جميع الجهود الحقيقية، وهذا مرتبط حتما بالتوصيف الصحيح الذي لا يختلف عليه منصف، أن مصر تعاني من انقلاب دموي يحاول القضاء على ثورة يناير بالتحالف مع كل أعدائها بدءا من مبارك انتهاء بحبيب العادلي مرورا بكل من قامت عليه الثورة من سياسيين وحزبيين وصحفيين وغيرهم، ولا أقل من قيام الجميع بالعمل على استكمال الثورة والإعداد الصحيح لما بعد زوال الانقلاب، وهذا لا يقتصر على الإخوان وحدهم حتى لا تتكرر نفس الحالة.
لماذا لم تؤكد التقييمات على موقف الجماعة من فكرة العنف أو السلمية؟
مصطلح العنف وفي المقابل السلمية ليسا معبرين بأي حال عن حالة الثورة، فالانقلاب استدعى مصطلحات منفرة ومختلفا عليها من قبيل الإرهاب والعنف، لتزاحم المصطلح الوحيد المجمع عليه، وهو الثورة، ليصنع لنفسه أداة يستمر بموجبها في الحكم وينسج علاقاته الخارجية على أساسها، فمصر ليس فيها عنف إلا ما يمارسه الانقلاب، وليس فيها إرهاب سوى ما يعاني منه المجتمع المصري جراء حكم العسكر، وبالتالي فلسنا في حاجة للحديث إلا عن الثورة والثورة فقط إن كنا فعلا نريد خدمة هذا الوطن.
الجبهة التي تمثلونها في الإخوان تحدثت سابقا عن فصل العمل الحزبي عن الدعوي وقلتم إنكم ستعلنون عن هذه الخطوة قريبا.. فلماذا تأخرت كثيرا؟ ومتى يتم الإعلان عنها رسميا؟
لا أعلم أن المكتب العام قد أصدر بيانا بهذا الشأن، لكن الذي أعرفه أنه ظهرت نقاشات حول الفكرة في السابق من بعض المفكرين السياسيين، لكن من ناحية أخرى فالموضوع قد تناوله التقييم من زاوية ضرورة وضع القواعد الحاكمة لذلك، وهو ما ستحسمه الرؤية، وما سيتبعها من خطط تنفيذية تعمل على تطبيق ذلك.
كيف ستتم معالجة القصور والأخطاء التي تحدثتم عنها؟
من أهم خطوات المعالجة معرفة المواطن التي تستدعي هذه المعالجة، وبعدها توضع الأطر والخطط التنفيذية لعلاجها، ونحن عازمون على القيام بذلك، ونحسب أن صفنا مهيأ لذلك أكثر من أي وقت مضى.
هل تعتقد أنكم تأخرتم كثيرا في إجراء تلك المراجعات أم إن هذا هو وقتها المناسب؟
هو بالفعل وقتها المناسب، وإن كان ثمة تأخر فلا نسأل نحن عنه، فالمؤسسة التي أعلنت ذلك هي مجلس الشورى والمكتب العام، اللذين انتهت انتخاباتهما منذ أشهر قليلة.
متى يتم إصدار وثيقة المراجعات في شكلها النهائي؟
في القريب عندما تكتمل التعقيبات التي ما زالت تتوالى علينا، والتي نراها مفيدة إلى حد بعيد، لكنه بأي حال لن يتجاوز أسابيع بمشيئة الله.
لمن تقدمون هذه "التقييمات"؟ ألا تخشون اللوم أو الانتقادات جراء تلك الخطوة؟
لجموع الإخوان، والمجتمع الثوري، وللناس أجمعين. وليس أمامنا وقت نتحسب فيه للوم أو انتقادات أحد، فعلى من ارتضى المسؤولية إيجاد الحلول والمخارج ولا يقف محلك سر تصنع به إرادات الناس ما تشاء وهو لا يحرك ساكنا.
لماذا لم تقدموا اعتذارا واضحا للشعب عن ما وقعت فيه الجماعة من إخفاقات وفشل؟
ما أسهل تقديم الاعتذارات الشفهية الجوفاء الخالية من أي مضمون، لكن المطلوب الآن هو اعتذار عملي للثورة المصرية بتكاتف الجميع على استعادتها ممن غصبها ويحاول قتلها والعمل على استعادة حرية الوطن بشتى الطرق.
متى يتم الإعلان عن الرؤية رسميا؟ وما هي أبرز ملامحها المرتقبة؟
سيعلن عنها قريبا، ولندع المساحة الكاملة لعرضها في حينه، لكن ملامحها الرئيسية تنطلق من منطلق ثوري ينطلق من مبادئ الإخوان ومن المبادئ العامة التي أرستها ثورة يناير.
ما هي الخطوة المقبلة عقب الانتهاء من هذه التقييمات؟
إعلان الرؤية العامة التي أعدتها مؤسسة الرؤية التابعة لمجلس الشورى بعد انتهاء المشاورات الداخلية بشأنها.