أكد نائب رئيس
المجلس الثوري المصري،
وليد شرابي، أنهم لا يسعون لإجراء أي مصالحة مع العسكر على الإطلاق، لأنهم لا يؤمنون بها كحل للأزمة الراهنة، فحجم الجرائم التي ارتكبت بحق مصر وشعبها أصبح عصيا على
المصالحة، مشدّدا على أن مصر تحتاج إلى ثورة وقصاص وإصلاح ولا تحتاج إلى مساحة للتعايش مع الفساد.
وقال – في مقابلة مع "
عربي 21"- إن "نسبة ممن يعارضون حكم السيسي لا يعارضون الانقلاب، بل يريدون استمراره لكن ببديل آخر يلعب دور (سيسي جديد) سواء كان هذا السيسي الجديد مدني أو عسكري أو مجلس رئاسي"، مؤكدا أن عموم المصريين يرفضون المصالحة مع العسكر، وفق قوله.
وأضاف: "نحن نرفض أي وصاية على الشعب، والأزمة ليست لدى المجلس الثوري، بل لدى من يريدون تنصيب أنفسهم في صدارة المشهد بدلا من السيسي رغما عن إرادة الشعب"، مؤكدا على رفضهم الاصطفاف إلا مع "من يحترم الإرادة الشعبية وخيارات الشعب الديمقراطية".
وكشف "شرابي" عن أن المجلس الثوري سوف يعلن خلال الفترة المقبلة عن
قوائم سوداء جديدة لمن وصفهم بالانقلابيين، خاصة أن جرائم العسكر لم تتوقف، لافتا إلى أنهم على تواصل جيد بالكثير ممن وصفهم بشرفاء مصر في الداخل، والذين قام بعضهم بمساعدة المجلس في أداء مهمته.
وإلى نص المقابلة:
أعلنتم عن ما وصفتموها بالقوائم السوداء للانقلابيين بمصر وضمت 100 شخصية.. فما هو الهدف منها؟
منذ أن انطلقت ثورة 25 يناير وجرائم العسكر وأعوانهم لم تتوقف في حق الثورة والثوار، ومع تردي أداء مؤسسة القضاء وتوقفها عن ممارسة العدل لم يتم القصاص من أي مجرم، في حين اتهم الثوار وأُدينوا بتهم ملفقة، وزُج بعشرات الآلاف منهم داخل سجون العسكر، ونظرا لكثرة هذه الجرائم، كان لابد للمجلس الثوري من وقفة مع هؤلاء إعلاءً لصوت الثورة والتأكيد على أنها ترقب من أجرموا وتتحين اللحظة المناسبة للقصاص العادل من هؤلاء بإجراءات قانونية عادلة وناجزة تعيد الحقوق المهدرة لأصحابها وتكفل محاكمة عادلة لكل متهم.
ما هي المعايير التي على أساسها تم وضع هذه الشخصيات بالقوائم السوداء؟
تنوعت الاتهامات لمن جاءت أسماؤهم في القوائم من القتل، إلى الانقلاب، إلى السرقة، إلى التخابر، إلى إصابة متظاهرين، إلى تضليل العدالة ... إلخ، فكل متهم تم توثيق دليل أو أدلة ضده تشير إلى ارتكابه جريمة ما، ومن ثم فإنه يجب أن يخضع لمحاكمة عادلة فور كسر الانقلاب وتمكن الثورة من جديد.
كيف قمتم بتوثيق الأدلة ضد هذه الشخصيات التي اتهمتموها بالتورط في ارتكاب جرائم ومجازر؟ وهل هناك من تواصل معكم بشأن هذه الأدلة؟
المجلس الثوري على تواصل جيد بالكثير من شرفاء مصر في الداخل، وقد سبق له وأن أعلن عن الأسماء المصرية المدرجة على الإنتربول الدولي، وذلك من خلال وثائق رسمية صادرة من مصر، وبالتالي، فعدد من هؤلاء الأفراد قد ساعدوا المجلس في أداء مهمته، فضلا عن أن هناك عدد ممن جاءت أسماؤهم في الوثائق قد اعترفوا لوسائل إعلام بجريمتهم، ومثال ذلك اعتراف محمد البرادعي بالتخابر، واعتراف عدلي منصور بمسؤوليته وآخرين عن ما حدث في رابعة العدوية من جرائم.
كيف؟ ومتي ستتم محاسبة هؤلاء "الانقلابيين" برأيك؟
يجب على الثورة أن تُشكل محاكم ثورية فور إسقاط الانقلاب من قضاة موثوق في شرفهم ونزاهتهم، وعدد كبير من هؤلاء الزملاء مازالوا في عملهم داخل القضاء في مصر، إلا أننا دائما نُصر على عدم الإفصاح عنهم فوقت حاجة الثورة إليهم لم يحن بعد.
لماذا أعلنتم عن هذه القوائم الآن رغم مرور ما يقرب من 4 أعوام على الانقلاب العسكري؟
جرائم العسكر لم تتوقف منذ ست سنوات وحتى الآن، وخير شاهد على ذلك ما يحدث للمدنيين في سيناء وتهجير المسيحيين منها، وما يحدث للثوار من تعذيب داخل سجون العسكر، وبالتالي فمن غير المقبول أن يستمر العسكر في جرائمهم في حين يتوقف المجلس عن حصر هذه الجرائم والإشارة إلى المتهمين كلما أمكن ذلك، خاصة أن المتهمين الذين شرعت ثورة يناير في محاكمتهم ممن أجرموا في حق مصر وثورتها لم يتم القصاص من أحد منهم، وذلك بفعل قضاء مسيس منح البراءة للجميع، كان آخرهم المخلوع "مبارك".
هل هذه القوائم ردا على القائمة التي أعلنت سلطة الانقلاب بشأن إدراج 1536 مواطن على لائحة الإرهاب؟
لا يوجد أي ارتباط بين الأمرين، كل ما في الأمر أننا وثقنا جرائم حقيقة ضد أفراد بعينهم، وقد بدأ عملنا في الإعداد لهذه القوائم منذ عدّة أشهر وقبل إعلان العسكر عن قائمتهم التي لم تصدر إلا للتنكيل بكل رافض للانقلاب العسكري، لذلك فلا توجد أي مقارنة بين قائمة المجلس التي حوت اتهامات موثقة وبين قائمة العسكر العشوائية والمسيسة.
كيف تابعتم ردود الفعل عقب الإعلان عن هذه القوائم السوداء؟
ردود الفعل تغيرت على حسب رؤية كل طرف، فإذا تابعنا ردة فعل العسكر وأذرعهم الإعلامية فقد سعت لتشويه الهدف من هذه القوائم بدعوى أنها قوائم للاغتيالات، وهو نهج بعيد تماما عن عمل المجلس ورؤيته في الأزمة المصرية، وهناك فريق آخر معارض لحكم السيسي لكنه ليس معارضا للانقلاب العسكري يباشر السياسة في الخارج من خلال هجومه على كل أعمال المجلس الثوري، ولم نر منهم أي جديد لصالح مصر، وهناك قطاع كبير من المصريين يؤمن بحتمية الثورة وتتوافق رؤيتهم مع رؤية المجلس قد سرتهم هذه القوائم ورأوا أن هذا العمل رسالة للجميع بأن صوت الثورة مازال موجودا، وأن حق القصاص قادم من كل من أجرم في حق مصر وشعبها.
وكيف تردون على وصف قوائمكم "السوداء" بأنها "قوائم اغتيالات"؟
عندما أعلنّا عن هذه القوائم حمّلنا سلطة العسكر مسؤولية سلامة هؤلاء الأفراد الذين شملتهم القوائم، وذلك لأن سلامتهم مهمة لحسن سير التحقيقات وضمانا لعدم إخفاء أدلة قد تكشف عن تورط آخرين لم تشملهم القوائم، كما أن الثورة التي ننشدها لا تسعى لانتقام عشوائي دون برهان أو دليل، ولكنها تسعى إلى محاكمات عادلة وناجزة من كل من توفرت ضده أدلة تشير لارتكابه جرائم بحق مصر وشعبها، وتلك المحاكمات يجب أن تتوفر فيها الضمانات اللازمة للمتهمين للدفاع عن أنفسهم، فالثورة التي نؤمن بها لا يمكن أن تسعى إلى ظلم بريء.
ألا تتخوفون من قيام سلطة الانقلاب باغتيال شخصية معينة ورد اسمها ضمن "القوائم السوداء" ويتم إلصاق الجريمة بكم؟
الحقيقة أن السلطة العسكرية لا تحتاج إلى أن تغتال شخصية معينة جاء اسمها في هذه القوائم لكي تلصق بنا هذه الجريمة، فالعسكر يفعلون ذلك معنا بالفعل، وكذلك مع عشرات الآلاف من الثوار الأبرياء، دون أن يُقدم أحد على ارتكاب أية جريمة.
كما أننا لن نمل من التوضيح الدائم أن سلامة هذه الشخصيات مهمة ضمانا لعدالة حقيقية وليست انتقامية، كما أن التحقيقات التي ستتم مع هؤلاء قد تكشف عن تورط آخرين لم تُكشف أسماؤهم بعد، وقد يكون عددهم أضعاف ما جاء بالقوائم التي أصدرها المجلس الثوري.
ألا يعد هذا قطع للطريق على المؤسسة العسكرية في أية خطوة استدراكية مستقبلا، قد تكون مضادة للسيسي وفريقه المقرب منه؟
نتمنى أن نرى شرفاء الجيش ومواقفهم، ولكن أين هم؟ وعلى العموم فلو وُجد أمثال هؤلاء فلا أعتقد أن رؤيتهم سوف تتعارض مع رؤية المجلس الثوري.
أما إذا كنت تقصد بالخطوة الاستدراكية هي إجراء مصالحة مع العسكر، فنحن لا نسعى لها على الإطلاق، ولا نؤمن بها كحل لأزمة مصر، كما نؤمن أن عموم المصريين معنا يرفضون هذه المصالحة، فحجم الجرائم التي ارتكبت بحق مصر وشعبها أصبح عصيا على المصالحة.
وهنا يجب علينا أن نسأل أنفسنا عدّة أسئلة منها: هل يقبل الرئيس مرسي المصالحة؟ هل يقبل أهالي الشهداء المصالحة؟ وما هو موقف عامة المعتقلين من فكرة المصالحة؟ ومن يملك التصالح عن شهداء سيناء وكذلك من تم ترحيلهم وتدمير مساكنهم في رفح والعريش؟ وكيف نتصالح على ثروات مصر المنهوبة؟ وماذا يستفيد الفقراء والمهمشين – وهم عموم المصريين – من هذه المصالحة؟
وأخيرا، لماذا دائما يُسأل المجلس الثوري عن المصالحة في حين لم يُسأل مجرمي العسكر عن رؤيتهم حول تلك المصالحة المزعومة؟ إن مصر تحتاج إلى ثورة وقصاص وإصلاح ولا تحتاج إلى مساحة للتعايش مع الفساد.
البعض ينتقد الإعلان عن مثل هذه القوائم خاصة أنها تضم شخصيات سياسية تراجعت عن تأييدها للانقلاب وبالتالي فأنتم بذلك تشقون الصف الوطني كما يقول البعض؟
مرحبا بكل من تراجع عن موقفه من تأييد الانقلاب، فهؤلاء الناس أحترمهم وأقدرهم وأتناسى أنهم يوما ما قد أقدموا على تأييد الانقلاب، ولكن نحن من خلال هذه القوائم نتحدث عن شخصيات ارتكبت جرائم أغلبها جرائم دماء، وهذا أمر لا علاقة له بمواقف سياسية.
ودعني أكون أكثر وضوحا، إن القوائم التي أعددناها لن تضم كل من نزل ميدان التحرير يوم 30 حزيران/ يونيو 2013، فأغلب هؤلاء قد تم التغرير بهم ولم يرتكبوا أية جرائم، ونرحب بكل من عاد منهم إلى صوابه، ولكن في حالة إذا ما اتضح لنا أنه ارتكب جريمة أضرت بمصر وشعبها فهذا لا شأن له بموقفه السياسي ويجب أن يُعاقب على جريمته.
هل هناك قوائم سوداء جديدة سيتم الإعلان عنها خلال الفترة المقبلة؟
بالتأكيد سنعلن عن قوائم جديدة خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن جرائم العسكر لم تتوقف في حق مصر وشعبها.
هل لو حدثت مصالحة سياسية ما ستسقط تلك التهم عن هذه الشخصيات ويتم إعفاؤهم من "الجُرم القانوني"؟
أنا لا يمكنني أن أقول يوما لأرملة أو يتيم أو أم شهيد أننا لن نقتص من القاتل، لأننا تصالحنا معه سياسيا، وكيف نواجه بالتصالح السياسي المغتصبة والمنتهك عرضه والمسلوبة أمواله ... إلخ؟ هناك جرائم ارتكبت، وأرواحا أُزهقت، ودماء سُفكت، وأعراضا انتهكت، وأموالا سُلبت لا شأن للتصالح السياسي بها.
لماذا دائما ما تهاجمون أي محاولة للاصطفاف وترفضون تشكيل جبهة واسعة لرفض الانقلاب؟
نحن جميعا في المجلس الثوري نرحب بالاصطفاف مع كل رافضي الانقلاب، وقد قمنا بالتوقيع مع كيانات وأفراد آخرين من خارج المجلس فيما عرف ببيان الرؤية الموحدة للثورة المصرية، لكننا نرفض أن نصطف إلا مع من يحترم الإرادة الشعبية وخيارات الشعب الديمقراطية، وهنا تأتي الإشكالية أن نسبة ممن يعارضون حكم السيسي لا يعارضون الانقلاب، بل يريدون استمراره لكن ببديل آخر يلعب دور "سيسي جديد" سواء كان هذا السيسي الجديد مدني أو عسكري أو مجلس رئاسي.
إننا نرفض أي وصاية على الشعب المصري، والأزمة ليست عند المجلس الثوري، ولكنها عند من يريدون تنصيب أنفسهم في صدارة المشهد بدلا من "السيسي" رغما عن إرادة الشعب.
ما الذي وصلت إليه دعوة المجلس الثوري للعصيان المدني وأبعاد التفاعل معها؟
العصيان المدني عمل تراكمي، ونحن نسير فيه بمنهجية مدروسة، وخطوات محسوبة، فمثلا نحن كان يهمنا جدا في البداية مجرد ترديد الفكرة بين الناس دون أن نطالب المصريين بإجراء فوري، ثم انتقلنا بعد ذلك إلى مرحلة استغلال الأزمات لتنشيط الفكرة، فدعونا إلى العصيان المدني مع ارتفاع فواتير الكهرباء وكانت هناك استجابة من عدّة قرى امتنعت عن السداد عدّة أشهر، ثم العصيان المدني في العريش وتبعه في بورسعيد، وبالتدريج نحن على ثقة أن الأمر سيحقق نتائج جيدة ومرضية على عموم مصر، ليتم تقليص سيطرة النظام وقدراته تمهيدا لاندلاع شرارة الثورة الشاملة.
التصريحات التي قالها الرئيس مرسي مؤخرا خلال إحدى جلسات محاكمته، بأنه ما زال رئيسا لمصر.. ما هي دلالتها برأيك؟
أنا من أكثر الناس فخرا بصمود الرئيس المصري محمد مرسي وإصراره على إنفاذ إرادة شعبه بالرغم من أنه يدرك خطورة ذلك عليه شخصيا. أما عن المجلس الثوري، فقد أكدت تلك الكلمات القليلة التي قالها الرئيس أن المجلس الثوري له رؤيته التي تتفق مع رؤية الرئيس مرسي، وأن كل ما يقدمه من أفعال لا يحركها إلا الانتصار لإرادة الشعب ودعم الرئيس ورفاقه في موقفهم التاريخي.