قبل ساعات من لقائه المقرر، في القاهرة، برئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، الاثنين، أطلق الرئيس
اللبناني ميشال
عون، تصريحات خصَّ فيها ذكر علاقته به، التي كشف فيها أن "التفاهم بينهما يسبق اللقاء بسبب خلفيتهما المشتركة، في إشارة إلى تاريخهما في المؤسسة العسكرية في البلدين"، بحسب صحيفة
مصرية.
ويبدأ الرئيس اللبناني زيارة هي الأولى من نوعها إلى مصر، الاثنين، على رأس وفد وُصف في القاهرة بأنه "رفيع المستوى".
ومن المقرر أن تشهد الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، وفق بيانات صادرة عن الجانبين.
"بدأنا تفاهما قبل أن نلتقي"
وفي حوار مطول مع صحيفة "الأهرام"، المصرية (المقربة من النظام المصري)، الأحد، أجراه معه في بيروت، رئيس تحريرها، مراسلها السابق في لبنان، محمد عبد الهادي علام، قال عون، عن علاقات بلاده السياسية مع مصر: "أعتقد أنه لن نتعذب بالحديث فيها، لأنها علاقات تقليدية وجيدة والحمد لله، ولا يوجد أى شيء (مشكلة) بيننا ومصر حاليا، لكي يتم حلها لأن العلاقات سليمة للغاية".
وحول الشق الاقتصادي منها، قال: "الوفد المرافق يضم وزراء يمكن أن يتحدثوا في الموضوع تقنيا مع زملائهم المصريين".
وعندما طرح عليه علام، المقرب من السيسي، السؤال: "سيادتكم والرئيس السيسي من خلفية عسكرية، هل يخلق ذلك كيمياء وتفاهما؟"، أجاب عون بالقول: "بالتأكيد ذلك يخلق صراحة وصداقة؛ لأننا كعسكريين نسلك الطريق الأقصر للتفاهم.. أما الدبلوماسية فطريقها طويل.. ولها تعابير لا تقال، وعلينا الحذر منها، وأعتقد أننا بدأنا تفاهما قبل أن نلتقي".
وعن التعاون في الحرب على الإرهاب، قال: "هذا الموضوع يحتاج متابعة، ويتطلب تنسيقا بين الأجهزة الأمنية في الدول العربية؛ حتى يتم وضع حد لهذه الظاهرة".
"نعيش هدنة لبنانية نتمناها سلاما"
وبالنسبة للداخل اللبناني، قال: "توصلنا إلى حل يقارب الهدنة نحاول أن نصنعه سلاما".
وأضاف أن الاتفاق مع جعجع أنهى 30 عاما من الصراعات داخل الكتلة المسيحية، مردفا: "إرث لبنان يحتاج إلى تصحيح طرق الحكم، والتعامل مع القضايا العامة".
وأشار إلى أن منهجه في الحكم هو "عدم إلغاء أحد للآخر، وأن الخلاف هو الاستثناء، والتفاهم هو الباقي"، على حد وصفه.
هكذا أثنى على بشار الأسد
وعن الأزمة السورية، قال إنها يجب أن تنتهي بتسوية، ويجب التعامل مع الانقسامات العربية بالحوار، للدخول في مسار صلح أو على الأقل هدنة، لتحقيق حل أو وفاق، مؤكدا أنه ينتظر "صوتا صارخا" ينطلق من الجامعة العربية يدعو الجميع إلى الهداية، بحسب تعبيره.
وقال: "هذه الأزمة (السورية) تحتاج إلى حل سياسي"، مدعيا أنه "في سوريا حكم واقع يتطلع إلى مطالب الشعب، ويعمل على تحقيقها".
"فلسطين مثل مكة.. وعلام يكذب"
وبالنسبة للملف الفلسطيني، قال عون: "فلسطين مثل مكة المكرمة.. القدس بها كل المعالم المسيحية، ومنها انطلق الرسل الذين بشروا العالم.. فهل نقبل أن نهدم حضارة بحجة التفتيش عن هيكل سليمان الذي لم يعثر عليه تاريخيا حتى يهدموا المسجد الأقصى؟".
وتابع تساؤلاته: "ألا يَرى العرب أن إسرائيل تسعى إلى محو كل ما هو فلسطيني؟".
وأجاب: "عار تاريخي يلحق بالعرب إذا نجحت إسرائيل في إلغاء الهوية والأرض الفلسطينية، وتفريغ الأماكن المقدسة من المسلمين والمسيحيين".
وهنا طرح رئيس تحرير "الأهرام" سؤالا ينطوي على الكذب، إذ قال: "من وقت لآخر تُطرح مسألة توطين الفلسطينيين بالمخيمات في لبنان، وأخيرا كان هناك مشروع لتوطين فلسطينيي قطاع غزة في سيناء في عهد الإخوان".
ووفق مراقبين، فإنه لم يكن هناك "مشروع لتوطين فلسطينيي قطاع غزة في سيناء في عهد الإخوان"، وليس عليه دليل.
وقد ردَّ عليه عون بالقول: "موقفنا أن ندافع عن عودة اللاجئين، والاعتراف بالوطن الفلسطيني، ومواجهة دعاوى التوطين".
الجامعة العربية "مشلولة"
وحول الجامعة العربية، أكد عون في حواره، أن "إحياء الجامعة العربية "المشلولة" يجب أن يكون أولوية القمة (العربية) المقبلة.
وتابع بأنه "لو كانت بعض الدول العربية احترمت ميثاق الجامعة لما وصلنا إلى تلك الحالة"، وذلك دون أن يحدد ما هي هذه الدول.
واستطرد: "متمسكون بالمادة الثانية من ميثاق الجامعة التي تحرم تدخل أي دولة عربية في شؤون دولة عربية أخرى".
حسن الجوار مع إيران وتركيا
وعن العلاقات العربية مع إيران وتركيا، قال إنه "يجب أن يحكمها حسن الجوار، والمصالح المشتركة، مثل المياه والأحواض النفطية الحدودية والاستثمار المتبادل"، مشيرا إلى أن لبنان يمكن أن يكون جسرا لتفاهم عربي-إيراني، بحسب قوله.
مع ترامب لا نؤيد ولا نعارض
وأخيرا، عن الوضع العالمي، اعتبر عون أن الوضع الذي يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيجاده "غير طبيعي"، قائلا: "علينا عدم التسرع بمعارضته أو تأييده".
وفسَّر وجهة نظره بالقول: "من الصعب التقدير مع ترامب.. فوفقا لما يقوله يجب قلب أمريكا رأسا على عقب قبل أن "يقلبنا نحن"، مضيفا أن "الأفضل الترقب، وأن نعزز وحدتنا الداخلية الوطنية بقدر ما نستطيع".
مئة يوم بحكم لبنان
ويُذكر أن الرئيس اللبناني أتمَّ في أوائل شهر شباط/ فبراير الجاري، المئة يوم الأولى له في الحكم، وعن هذه المئة قال: "هناك صعوبات غير موجودة في بلد آخر بسبب إرث يصعب تغييره يحتاج إلى تصحيح".
وانتخب النواب اللبنانيون، ميشيل عون، رئيسا، يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، ليكون بذلك رئيس الجمهورية الثالث عشر، لتنهي هذه الخطوة سنتين ونصف السنة من الشغور في منصب الرئاسة.
ويقول معارضون إن "عون"، تواطأ مع القيادات الصهيونية في مذابح صابرا وشاتيلا، ونشروا له صورة تعود إلى عام 1982، وكان وقتها برتبة عقيد، مبتسما فيما يصافح ممثلا لقيادة الجيش اللبناني، قائد وحدات الاحتلال الصهيوني، التي أشرفت على حصار بيروت، إبان الاجتياح الإسرائيلي الواسع النطاق للبنان.
تفاصيل زيارة مصر
وكان المستشار الإعلامي للرئيس اللبناني، رفيق شلالة، استبق زيارة عون إلى القاهرة، بإطلاق تصريحات قال فيها إن الوفد المرافق له يضم كلا من وزراء: الخارجية والمغتربين، والداخلية، والمالية، والاقتصاد والتجارة، وشؤون الرئاسة.
وأشار شلالة إلى أن الزيارة تستمر يومين، وتشمل محادثات بين السيسي وعون، مضيفا أنها تشمل زيارة مقر الجامعة العربية، ولقاء مع أمينها العام أحمد أبو الغيط، وكذلك لقاء مع الجالية اللبنانية بالقاهرة.
وتعقب زيارة عون للقاهرة، زيارة إلى الأردن، تلبية لدعوة من العاهل الأردني.