نشرت صحيفة "لوفيغارو " الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن اختفاء العميل السري، كريستوفر ستيل، الذي عمل سابقا ضمن جهاز الاستخبارات البريطانية، والذي قُدم للعالم على أنه صاحب الملف المثير للجدل حول علاقة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب بموسكو.
وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن كريستوفر غادر منزله بمقاطعة سيري في وقت مبكر يوم الأربعاء، قبل ساعات من وصول صحيفة "وول ستريت جونال" للمنزل. وفي الأثناء، لم تستغرب الصحيفة غيابه، إذ أنه من الطبيعي أن يختفي بعد الزوبعة الاعلامية التي أحدثها الملف الذي كشفه.
ونقلت الصحيفة تصريحات شاهد عيان يسكن في قرية رانفولد، جنوب غرب لندن، الذي قال إن "ستيل لم يخبرنا عن وجهته أو عن تاريخ عودته". إلا أن عميل الاستخبارات أوصاه بإطعام قططه الثلاثة خلال غيابه.
وغادر كريستوف دون أن يترك وراءه أي أثر في محيطه في مؤسسته الاستشارية "أوربس بزنس إنتلجنس"، في حين اتخذ زميله، كريستوفر بروز، موقفا دفاعيا والتزم بالصمت.
وذكرت الصحيفة أن كريستوفر غادر
المخابرات الخارجية البريطانية "إم آي 6"، قبل 15 سنة، ليعمل لصالحه. وخلال السنة الماضية، قام ستيل بإعداد ملف مكون من 35 صفحة، تثبت تورط ترامب بعلاقة مشبوهة مع
روسيا. كما تحدث عن شريط فيديو يظهر فيه ترامب في أوضاع جنسية مع بائعات هوى، في أحد أجنحة فندق "ريتز كارلتون" بموسكو.
كما يكشف الملف السري عن المصالح المادية لروسيا التي تدفعها لتقرب من ترامب. ونقل ستيل عن مصادره أن روسيا "دعمت ترامب لفترة لا تقل عن خمس سنوات"، وبيّن أن هذه العملية السرية قادها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بنفسه، في واحدة من تقاليد الاتحاد السوفييتي.
وذكرت الصحيفة أن ترامب رفض هذه الاتهامات، واعتبرها تافهة ووصف ستيل بـ"الجاسوس الفاشل". وفي الوقت نفسه، ادعى ترامب أن جهات سياسية مشبوهة وظفت ستيل لصالحها، كما لم يتردد في إعلان متابعته القضائية لمن روج لهذه المعلومات.
وأشارت الصحيفة إلى أن عملية "فضح ترامب" كانت في البداية بدعم من جانب الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، وعن طريق المركز الأمريكي "فيوجن جي بي إس"، الذي استدعى كريستوفر ستيل للعمل معه. وفي أعقاب فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية واصل ستيل تسلم أتعابه، ولكن هذه المرة من قبل الحزب الديمقراطي. وقد أبرزت العملية الدور الهام للمسؤولين البريطانيين، ما تسبب في إحراج لندن.
وبيّنت الصحيفة أن السفير البريطاني السابق في موسكو، السير أندرو وود، قرر إبلاغ السيناتور الجمهوري الأمريكي جون ماكين، أبرز معارضي ترامب، إثر اطلاعه على الملف السري له. وخلال مؤتمر أمني عقد في كندا في تشرين الثاني/ نوفمبر، همس وود لماكين بأن علاقات المرشح الجمهوري بالكرملين "موضوع يستحق فتح تحقيقات". إثر ذلك، لم يتأخر ماكين في إخبار مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وحسب صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، فقد اتصل مكتب التحقيقات الفيدرالي بكريستوفر ستيل، وطلب هذا الأخير من شخصيات عالية المستوى في لندن الإذن له بمقابلة عملاء "إف بي آي". وامتدت اللقاءات بينهم في الفترة الممتدة بين تموز/ يوليو وتشرين الأول/ أكتوبر 2016.
وأوردت الصحيفة أن وزارة الخارجية البريطانية، التي تُشرف مباشرة على مكتب الاستخبارات "إم آي 6"، قد رفضت الإدلاء بأي تعليق، بينما اكتفى المتحدث باسم رئاسة الوزراء، بالتذكير بأن كريستوفر ستيل "لا يعمل" مع الحكومة البريطانية.
في المقابل، لم يتقبل الكرملين هذا التصريح، فاتهم لندن بالنفاق، معتبرا أن كريستوفر لم يتوقف عن العمل لصالح الاستخبارات البريطانية مطلقا.
وفي هذا السياق، نشر سفير روسيا في لندن تغريدة على تويتر؛وجه من خلالها العديد من الاتهامات للندن، وقال: "بالنسبة لملف كريستوفر ستيل، لا يتحول عملاء "إم آي 6" أبدا إلى عملاء سابقين، وهم يعملون على تشويه روسيا والرئيس الأمريكي".
وقالت الصحيفة إن موضوع ملف ترامب زاد من تعقيدات الوضع بالنسبة لحكومة تيريزا ماي.
وفي هذا الصدد، قالت رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، كريسبين بلانت، إنه "في حال كانت علاقة لندن بموسكو في أدنى مستوياتها، فإنها لن تتمكن من توطيد علاقاتها مع دونالد ترامب، خاصة وأنها تأمل في إحياء "العلاقة الخاصة" عبر الأطلسي، في وقت تنسحب فيه المملكة من الاتحاد الأوروبي".
واعتبرت الصحيفة أن الملف الشخصي للعميل السابق؛ مثير للجدل. فقد عاش في موسكو حتى سنة 1990، ثم عاد هذا العميل الذي يتحدث اللغة الروسية بطلاقة، والمتابع الشديد للوضع في الاتحاد السوفييتي، إلى لندن. وأصبح بعد ذلك المسؤول عن متابعة ملف "التائب" ألكساندر ليتفينينكو، العميل السري سابقا في الاستخبارات الروسية الذي فضح الجهاز فيما بعد، ليقوم عملاء موسكو بتسميمه في سنة 2006 في لندن. وقد كان ستيل أول من وجه التهمة للكرملين، وهذا ما أكده القضاء البريطاني بعد مضي حوالي 10 سنوات.
وأوضحت الصحيفة أن الملف الذي كشفه كريستوفر ستيل تنقصه الحجج والبراهين، في حين كانت أغلب مصادره مجهولة. وفي هذا السياق، قال الدبلوماسي، أندرو وود: "لا أعتقد أنه قدم معلومات من عنده، ولكن لا يمكن الجزم بأن كل ما ورد في التقرير صحيح ولا يقبل النقد".