نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمحرر الشؤون الدفاعية كيم سينغوبتا، يقول فيه إن عميل المخابرات البريطاني السابق
كريستوفر ستيل، شعر بالإحباط من بطء مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" في التحرك في الملف الذي أعده عن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن مسؤولين في مجال الأمن قولهم، إن ستيل عمل في نهاية مهمته دون أجر، بعد شعوره بالرعب مما اكتشفه عن ترامب، وشعر أن الأمر يتعلق بالأمن القومي للبلدين، بريطانيا والولايات المتحدة.
ويقول سينغوبتا إن "ستيل كان قلقا مما اكتشفه عن ترامب، ولهذا قرر تقديم المعلومات لكل من (أم آي6) و(أف بي آي) ومع ذلك، فإن مصادر أمنية تقول إن ستيل أصيب بالإحباط؛ بسبب فشل (أف بي آي) في اتخاذ تحركات حول المعلومات التي قدمت إليه منه ومن آخرين، وأصبح يعتقد أن هناك محاولة للتستر على المعلومات، وأن (عصابة) داخل (أف بي آي) منعت إجراء تحقيق مفصل مع ترامب، وركزت بدلا من ذلك على التحقيق في بريد هيلاري كلينتون الإلكتروني".
وتلفت الصحيفة إلى أنه يعتقد أن زميلا لستيل في واشنطن، يدعى غلين سيمبسون، وهو صحافي سابق في "وول ستريت جورنال"، ومؤسس شركة "فوجين جي بي أس"، شعر في الأمر ذاته، وواصل التحقيق في قضية ترامب، دون الحصول على أجر.
ويكشف التقرير عن أن معارضين لترامب في الحزب الجمهوري طلبوا خدمات شركة "فيوجين"؛ للبحث في ماضيه التجاري، وذلك في أيلول/ سبتمبر 2015، وبدأ ستيل في حزيران/ يونيو 2016، بالعمل مع الفريق، وكان لا يزال عميلا سريا يحظى بالاحترام في عالم الاستخبارات، وفي تموز/ يوليو نال ترامب ترشيح الحزب الجمهوري، ليكون مرشحه للرئاسة الأمريكية، وتوقف الجمهوريون المعادون له عن التحقيق، مستدركا بأن "فوجين" وستيل وجدا زبائن جددا من الديمقراطيين.
ويورد الكاتب أن ستيل كتب في الشهر ذاته، أي في تموز/ يوليو، تقريرا وصل إلى "أف بي آي"، وجاء فيه أن فريق ترامب وافق على حرف الانتباه عن تدخل موسكو في أوكرانيا، وبعد أربعة أيام أعلن ترامب أنه لن يعترض على ضم
روسيا لشبه جزيرة القرم، مشيرا إلى أنه بعد ذلك بشهر طلبت حملته من لجنة مبادئ الحزب أن تحذف تعهدا بتقديم الدعم العسكري لحكومة أوكرانيا ضد الانفصاليين شرقي البلاد.
وتقول الصحيفة إن "ستيل اعتقد أن حملة ترامب قررت المضي في هذا الطريق؛ لاعتقادها أن الروس يقومون بالقرصنة على الحزب الديمقراطي، ولم يتم الكشف عن أدلة تتعلق بهذا للرأي العام، لكن ترامب طلب من الروس القرصنة على بريد كلينتون، وذلك في اليوم ذاته الذي تحدث فيه ترامب عن القرم".
وينوه التقرير إلى أن المخابرات البريطانية "أم آي6" بدأت بتلقي معلومات من ستيل في نهاية تموز/ يوليو وبداية آب/ أغسطس، وبحلول أيلول/ سبتمبر زادت المعلومات التي وصلت إلى "أف بي آي"، وأصبح ملفا ضخما، حيث أعد ستيل تقاريره على شكل وثائق مررت إلى "أف بي آي" من خلال أشخاص يعرفهم هناك، لافتا إلى أنه لم يحصل تقدم في التحقيق في نشاطات ترامب وعلاقته مع روسيا، بقدر ما كرس المحققون في المكتب جهودهم على التحقيق في رسائل كلينتون الإلكترونية.
ويذكر سينغوبتا أن "المحققين في مكتب نيويورك بدوا كأنهم يخوضون حربا حقيقية ضد كلينتون، وهذا متصل بعلاقة العمل الطويلة بين بعضهم وعمدة المدينة السابق رودي جولياني، الذي كان عضوا في فريق ترامب، ومع اقتراب موعد الانتخابات، فجر مدير المكتب جيمس كومي قنبلة على شكل رسالة لأعضاء الكونغرس، بأن كلينتون ستواجه تحقيقا في الرسائل الإلكترونية، وكان جولياني أطلق تصريحات قبل يومين من إعلان كومي عن (مفاجأة أو اثنتين ستسمعونهما في الأيام المقبلة، ولدينا بعض الأمور التي ستقلب الوضع رأسا على عقب)".
وتبين الصحيفة أنه بعد رسالة كومي، قال جولياني إن عملاء حاليين وسابقين في "أف بي آي" قالوا له: "هناك ما يشبه الثورة داخل (أف بي آي)، وذلك فيما يخص القرار الأول، بعدم توجيه تهم لكلينتون، وأن كومي تعرض للضغط من مسؤولين في المكتب للإعلان عن تحقيق جديد، منوهة إلى أنه عندما طلب الديمقراطيون التحقيق في الطريقة التي حصل فيها جولياني على هذه المعلومات، قإنهم لم يتلقوا أي إجابات.
ويفيد التقرير بأن ستيل المحبط في تشرين الأول/ أكتوبر تحدث أثناء رحلة له إلى نيويورك مع محرر "موذر جونز" ديفيد كورن، وعبر عن اهتمام سرعان ما خفت، مشيرا إلى أنه بعد فوز ترامب المفاجئ في تشرين الثاني/ نوفمبر، لم يعد الديمقراطيون بحاجة لخدمات ستيل وسيمبسون، إلا أنهما قررا المواصلة على أمل حصول تحقيق موسع في دور الروس في الانتخابات، ما سيسمح بظهور جزء من المواد التي اكتشفاها.
ويشير الكاتب إلى أن رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس السيناتور جون ماكين، الذي سمع بقلق بالغ عن دور الكرملين في عمليات القرصنة، التقى مع السفير البريطاني السابق في موسكو، الذي قضى 10 أعوام في روسيا، ولديه معرفة في الشؤون الروسية، سير أندرو وود، وكان ذلك في مؤتمر أمني في هاليفاكس في كندا، حيث أكد سير أندرو للسيناتور ماكين أنه لم يقرأ الملف، ولكنه أثنى على مهنية ونزاهة ستيل، وبعد ذلك أرسل ماكين مبعوثا إلى لندن، حصل على نسخة من التقرير من شخص يعرف ستيل، وسلم ماكين التقرير شخصيا لكومي.
وتذكر الصحيفة أن قادة الأجهزة الأمنية الأمريكية قدموا ملخصا ملحقا في تقرير عن القرصنة الروسية على الانتخابات الأمريكية لكل من الرئيس باراك أوباما وترامب، وظل الأخير صامتا عليه حتى نشر هذا الأسبوع، ومن ثم انفجر غاضبا متهما الاستخبارات بنشره، وأنها تتصرف مثل ألمانيا النازية.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن ستيل اختفى الآن؛ حيث يتعرض للشجب من بعض المحافظين، الذين اتهموه بالتعطيل على جهود حكومة تيريزا ماي، في إقامة علاقة مثمرة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، فيما قال آخرون إنه كان جزءا من الحملة المضادة للبريكيست، وإنه كان اشتراكيا أثناء دراسته الجامعية.