سجل نشاط صفقات الاندماج والاستحواذ في
الشرق الأوسط ارتفاعا بنسبة 149% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، لتصل إلى 20.5 مليار دولار، وشكّلت عمليات الاستحواذ في الخارج المنفذة من قبل جهات
قطرية 41% من إجمالي صفقات الاندماج والاستحواذ الصادرة في منطقة الشرق الأوسط. أما صفقات الاستحواذ التي قامت بها شركات سعودية وإماراتية فشكلت على التوالي 34% و11% من الإجمالي.
وشهدت صفقات الاندماج والاستحواذ الواردة تراجعا بنسبة 53% لتصل إلى 2.2 مليار دولار أمريكي وذلك بحسب تقرير حديث حول الاستثمار المصرفي في منطقة الشرق الأوسط.
وذكر التقرير أن قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ المعلنة في الشرق الأوسط بلغت 37.4 مليار دولار أمريكي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي؛ أي أكثر بنسبة 19% عن الفترة نفسها من العام الماضي، كما أن قيمة الصفقات في المنطقة تعدّ الأعلى المسجلة في تسعة أشهر منذ 2010.
ونوّه التقرير إلى أن القطاع المالي تصدّر قائمة القطاعات الأكثر نشاطا في الشرق الأوسط، ليستحوذ على 45% من صفقات الاندماج والاستحواذ في المنطقة، تلاه قطاعا التكنولوجيا والعقارات.
وتوقّع خبراء اقتصاديون أن يشهد عام 2017 الإعلان عن عدد كبير من صفقات الاندماج والاستحواذ في بعض القطاعات العاملة في منطقة
الخليج وخاصة قطر، لمواجهة التحديات التي تسبّب بها انخفاض أسعار النفط بأكثر من النصف، وسيكون للبنوك والمصارف دورٌ كبيرٌ في ذلك، نظرا لما تتمتع به من سيولة كبيرة.
ورجّحوا أن يشهد عام 2017، أكبر عمليات دمج للسوق القطري منذ عام 2010، حيث من المقرّر دمج 5 شركات مُنفصلة في شركتين فقط، وذلك في حال تكلّلت عملية الدمج بالنجاح.
وشهدت الأيام القليلة الماضية إعلان شركات كبرى وبنوك بالسوق القطري عن نيّتها الاندماج مع بعضها لتكوين كيانات كبيرة، حيث أعلنت قطر للبترول مؤخرا عن خطة لضمّ أنشطة شركتي قطر غاز وراس غاز للتشغيل تحت مظلّة كيان واحد اسمه "قطر غاز"، ومن المقرّر أن تكتمل عملية الاندماج بين الشركتين خلال 12 شهرا، وستواصل الشركتان العمل بشكل مُستقلّ حتى الانتهاء من عملية التكامل.
وأعلن كلّ من مصرف الريان وبنك بروة وبنك قطر الدولي عن نيّتهم بشأن احتمال دمج أعمالهم لتثمر عن تكوين كيان بنكي قوي يعمل بكفاءة أعلى ولديه من السيولة والملاءة المالية ما يمكّنه من المُساهمة بقوّة في الاقتصاد الوطنيّ، من خلال تمويل المشروعات التنمويّة التي تساعد على تحقيق رؤية قطر 2030. ومن التوقّع الانتهاء من عملية الدمج سواء بالنجاح أم بالرفض خلال الشهور المقبلة.
ويفتح الإعلان عن استئناف عمليات الدمج مرة أخرى بالسوق القطري الباب لتوقّعات جدّية لمزيد من الاندماجات بين البنوك والشركات الساعية إلى التوسّع في الأسواق الخارجية، رغم الصعوبات التي قد تواجه بعض الشركات في استكمال عمليات الدمج، خاصّة أن أخر مُحاولة لدمج بنوك في قطر كانت بين بنكَي الخليجي وقطر الدولي في يونيو 2011 ولم تكلل بالنجاح بعد أكثر من عام من المُباحثات.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور ناصر آل شافي إن دمج البنوك أو الشركات ظاهرة عالميّة لاسيما في الدول المُتقدمة، مشيرا إلى أنه لن يستطيع الصمود في السوق المصرفيّة السنوات المُقبلة إلا البنوك القوية.
وأوضح أن عملية الدمج يجب أن تبنى على أسس علمية متأنية لكل من الشركتين ومدى ملاءمة عملية الاندماج لهما، وأن تكون الشركتان متحدتين في الهدف والوسيلة، والغاية من الاندماج تكون واحدة حتى يكتب لها مزيد من الاستمرارية، لافتا إلى ضرورة ألا يكون الدمج مجرد تقليد فقط.
وأضاف أن عمليات الاندماج التي تم الإعلان عنها مؤخرا في قطر ذات صنفين؛ أحدها متعلق بتكوين كيان عالمي وخفض الإنفاق كما في حالة قطر غاز وراس غاز، والآخر متعلق باستراتيجيات وخطط البنوك التي أعلنت عن عزمها الاندماج.
ولفت إلى أن من مزايا عمليات دمج البنوك الثلاثة أن تحفز باقي البنوك على تبني استراتيجيات وخطط تشغيلية جديدة للمحافظة على التنافسية بينها وبين الكيان الجديد.
وتوقّع أن تسهم خطوة اندماج الشركات والبنوك القطرية في سير عدد من الشركات على نفس الدرب، خاصة الشركات العائلية التي يجب أن تقوي مراكزها المالية في ظلّ الظروف والتحديات الاقتصادية بالمنطقة والعالم.