يلتقي أعضاء المجلس الأعلى للدولة، صلاح ميتو ومحمد التومي ومرعي رحيل، الجمعة، بوزير الخارجية
المصري، سامح شكري، وصهر الرئيس السيسي، قائد أركان القوات المسلحة، الفريق محمود حجازي.
وجاء هذا اللقاء بدعوة رسمية من الخارجية المصرية، في أول لقاء زيارة رسمية للقاهرة، لأعضاء من المجلس الأعلى للدولة، أحد أجسام اتفاق الصخيرات السياسي، الذي عقد أولى اجتماعاته في العاصمة الليبية طرابلس في الخامس والعشرين من نيسان/ أبريل من العام الماضي.
واعترضت الخارجية المصرية على الوفد الذي يمثل المجلس الأعلى للدولة في
ليبيا، كون الشخصيات الممثلة للمجلس ليست من العيار الثقيل في الملف الليبي، وليست معروفة. مطالبة بوفد جديد أكثر عددا، وأن يكون من الشخصيات المعروفة داخليا وإقليميا.
ورفضت رئاسة المجلس الأعلى للدولة المكونة من رئيسه عبد الرحمن السويحلي، والنائب الأول محمد معزب، ونائب الرئيس الثاني صالح المخزوم، الاعتراض المصري، مصرة على هيئة الوفد وعدده.
وبحسب مصادر من المجلس الأعلى للدولة أفادت لصحيفة "
عربي 21" بأن مصر تهدف بزيارة وفد المجلس للقاهرة، واجتماعه بمسؤولين من وزن وزير الخارجية سامح شكري، ورئيس أركان القوات المسلحة محمود حجازي، أن تبعث برسالة بأن مصر هي الأقدر على جمع كل الفرقاء الليبيين، وليس فقط ممثلي عملية الكرامة ومجلس النواب في شرق ليبيا.
وقالت المصادر إن القاهرة منزعجة من تنامي الدور
الجزائري والتونسي المتصاعد في هذه الفترة، والذي له حساباته الأمنية والاقتصادية والسياسية المختلفة عن حسابات سياسات مصر الداعمة لانقلاب اللواء المتقاعد خليفة
حفتر، الذي أعلنه في شباط/ فبراير 2014، أعقبه دخول مسلحين تابعين له إلى بنغازي (شرق ليبيا) في 16 أيار/ مايو، بدعوى محاربة الإرهاب.
هل تغيرت سياسة مصر الخارجية؟
ويأتي التحول الجديد في السياسية الخارجية المصرية، عقب تراجع الدور الأوروبي والبريطاني والأمريكي الداعم لاتفاق الصخيرات، ولحكومة الوفاق كممثل شرعي وحيد لليبيا. بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، واحتمال وصول اليمين الأوروبي المتطرف إلى حكم فرنسا في نيسان/ أبريل القادم، وحكم إيطاليا هذا العام.
وتنحاز القاهرة إلى معسكر شرق ليبيا، الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بهدف إنشاء نظام عسكري، شبيه بنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وصل للسلطة عقب انقلاب قاده على الرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013.
تونس والجزائر على الخط
اضطرت الجزائر ودفعت معها تونس لتعبئة الفراغ الذي خلفته أوروبا وأمريكا جراء احتمال تغير اهتمامات واستراتيجيات تلك البلدان، وذلك بالتواصل مع كافة الأطراف الليبية، ودعوتها للتفاوض حول المسائل الخلافية.
فدعت الجزائر اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى زيارتها، طالبة منه المساهمة في استقرار غرب وجنوب ليبيا، وذلك بالامتناع عن شن مواليه حروب فيهما، مما يعرض استقرار دول جوار ليبيا العربية والأفريقية لهزات، في ظل رخاوة الأوضاع الأمنية في ليبيا وتونس، ونشاط الجماعات المتشددة.
وزار رئيس
حكومة الوفاق الوطني فائز السراج الجزائر مرتين في غضون شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، في محاولة جسر الهوة وتقليل المسائل الخلافية مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ومجلس النواب الذراع السياسي لحفتر.
تونس هي الأخرى، استقبلت رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بدعوة رسمية، سواء بدفع جزائري أو ذاتي، حيث أنها تسعى إلى الظهور بشكل متواصل مع كافة أطراف الأزمة الليبية، بسبب ارتداد أي فوضى عسكرية أو أمنية في غرب ليبيا على حدودها، وهي التي تخشى عودة مواطنيها من بؤر التوتر، وأهمها ليبيا، لعجزها عن محاكمتهم أو مراقبتهم.
خطوط البرلمان وحفتر الحمراء
من جانبهما، يحاول اللواء المتقاعد خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح عدم الاندفاع في رفض أي مبادرة تحتوي الأزمة الليبية تأتي من دولتي تونس والجزائر، رغم أنهما غير داعمتين لعملية الكرامة، ورافضتين لعسكرة نظام الحكم في ليبيا.
إلا أنهما، أي حفتر وعقيلة، يؤكدان دوما، مع طرح أي مبادرة، رفض الاعتراف بمجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني بشكله الحالي، ويدعوان إلى إعادة تشكيله من رئيس ونائبين، بهدف إخراج أي تمثيل لتيار الإسلام السياسي من تشكيلة حكومة الوفاق. وهو ما يتطابق مع الرؤية المصرية الإماراتية، التي ترفض الاعتراف بالإسلام السياسي كجزء من أي تحول في السلطة.
وتسعى مصر والإمارات إلى تأكيد دور محوري للواء المتقاعد خليفة حفتر، داخل مربع السلطة العليا في ليبيا. ولذا يطالب رئيس البرلمان عقيلة صالح وخليفة حفتر، بإلغاء المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات السياسي، التي رهنت التعيين في المناصب العليا، العسكرية والمدنية، بإجماع مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني، وهو ما يعني أن حفتر لن يكون جزءا من أي مشهد أمني أو عسكري رسمي في ليبيا.
ولتحقيق هذه الأهداف، وهي إخلاء مجلس رئاسة حكومة الوفاق من تيار الإسلام السياسي، وإدخال اللواء المتقاعد خليفة حفتر في منظومة السلطة واتخاذ القرار، يؤكدان، أي حفتر وعقيلة، وكذلك مصر والإمارات، على ضرورة العودة إلى مسودة اتفاق الصخيرات السياسي الرابعة، الموقعة في حزيران/ يونيو عام 2015، والتي نصت على مجلس رئاسي يتكون من رئيس ونائبين، وخلت من أي عوائق أمام اللواء المتقاعد خليفة حفتر.