للمرة الأولى منذ قيام الثورة الليبية في شباط/ فبراير 2011؛ زار
اللواء المتقاعد خليفة حفتر الجزائر، الأحد، والتقى وزير الشؤون المغاربية والأفريقية والعربية، عبدالقادر مساهل، لـ"بحث آخر التطورات السياسية والأمنية في
ليبيا، ووسائل تشجيع العودة السريعة للاستقرار في هذا البلد" بحسب الإذاعة الجزائرية الرسمية.
وفي أواخر الشهر الماضي؛ قام رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح بزيارة للجزائر، بحث خلالها الوضع في ليبيا، وطرح ملف إمكانية مساعدة الجزائر في قرار مجلس الأمن حول حظر التسليح في ليبيا، والذي قوبل بالرفض من قبل الجزائر.
وأثارت هذه الزيارات والتحركات الدولية والإقليمية لحفتر وتياره الانقلابي؛ تساؤلات حول الأهداف الدافعة لها، وماهية الدعم الذي يمكن أن تقدمه الجزائر لحفتر ومشروعه، وهي التي رفضت مرارا مساندته على غرار دولتي
مصر والإمارات، بحسب مراقبين.
اجتماع القاهرة
وكشف عضو مجلس النواب الليبي، عبدالسلام نصية، أن "الزيارة هدفها إيجاد مخرج لحل القضية الليبية، في ظل تفاقم الأزمة السياسية وانسداد الأفق السياسي، وتأتي بعد صدور إعلان القاهرة الاثنين الماضي، والذي كان بمثابة انفراج في الأزمة، وكسر للجمود".
وقال نصية لـ"
عربي21" إن من المتوقع أن تلعب الجزائر دورا في حل الزمة الليبية، كونها دولة مؤثرة في شمال أفريقيا، ويهمها استقرار ليبيا، "فالقضية الليبية سياسية اجتماعية عسكرية، ولا يمكن فصل هذه القضايا عن بعضها".
من جهته؛ قال مدير مركز بيان للدراسات السياسية الليبي، نزار كريكش، إن "سر زيارة حفتر للجزائر يكمن في رفض هذه الأخيرة بقوة وجود أية قوى دولية بالقرب من حدوها، وأي صراع في الغرب الليبي، خوفا من مطالبة الأمازيع بالاستقلال، وانتشار الجماعات المتطرفة في المنطقة".
وأوضح كريكش لـ"
عربي21" أن "ورقة النفط حاضرة أيضا، كون الجزائر قادرة على التأثير في روسيا التي تريد أن تكسب حصة من شركات الطاقة الجزائرية لتضمن الصدارة في تصدير الغاز لأوروبا"، مشيرا إلى أن حفتر يسعى إلى كسب الروس كداعم قوي له.
اقتحام طرابلس
أما الصحفي الليبي محمد عاشور العرفي؛ فرأى أن "علاقة حفتر بالجزائر أصبحت ملحة لعدة أسباب، منها قوة ووزن الجزائر في دول المغرب العربي، والتفاهم حول حرب حفتر المزعومة في الغرب الليبي، بالإضافة إلى وجود نسبة كبيرة من أتباع النظام السابق المتحالفين مع حفتر في الجزائر".
لكن الطبيب بالسرية الطبية لقوات "البنيان المرصوص" محمد الطويل؛ قال لـ"
عربي21" إن "موقف الجزائر كان دائما محايدا، على عكس مصر التي دعمت حفتر على حساب الثورة الليبية"، مؤكدا أن "سر زيارة حفتر للجزائر يتمحور حول تقديم نفسه كحاكم ليبيا الجديد، ولتقديم وعود للجزائر بنصيبها في الكعكة الليبية في حال ساعدته على اقتحام
طرابلس، أو غضت الطرف عن ذلك".
دور غامض
من جانبه؛ قال رئيس مؤسسة التضامن لحقوق الإنسان الليبية، جمعة العمامي، إن "دور الجزائر في الأزمة الليبية يسوده الغموض".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "المحرك الرئيس لحفتر باتجاه الجزائر هو الجانب الأمني، نظرا للحدود الممتدة بين الدولتين"، مشيرا إلى أن "هذه الزيارة لا تخرج عن الإطار الدولي الداعم للحوار السياسي، وخاصة أن هناك حديثا عن زيارة مماثلة لرئيس حكومة الوفاق فائز السراج".
واستدرك العمامي: "لكن في الوقت نفسه؛ فإن التطورات الأخيرة في الجنوب الليبي، وتسليم قاعدة تهمنت الجوية لقوات مساندة لحفتر؛ قد يؤدي إلى اتفاق معين بين حفتر والجزائر على حماية الحدود".
ورأت الناشطة السياسية المقربة من حكومة الوفاق، ميرفت السويحلي، أن "عقيلة صالح وخليفة حفتر يرفضان التوافق والتعايش السلمي مع باقي الليبيين"، وأن "عندهما استعداد لبيع الليبيين بكل الطرق للسيطرة على البلاد، كما فعل بشار الأسد مع الشعب السورى".
وأضافت لـ"عربي21" أن "حفتر الطامح لحكم البلاد يبحث عن داعم له بكل الوسائل، وفي كل الأماكن، شرقا وغربا وجنوبا، ولكن كبرى دول العالم ملتزمة بالاتفاق السياسي، وداعمة له"، مؤكدة أنه "لن ينجح الجنرال في استقطاب دول غير مصر والإمارات المساندتين له أصلا".