مع تزايد عدد اللاجئين المهاجرين من مناطق النزاع، وأبرزها
سوريا، نحو القارة الأوروبية، أو إلى دول الجوار التي تعاني من مشاكل أمنية واقتصادية كبيرة، فإن الدول العربية الغنية تستنكف عن استقبالهم.
ورغم أن دول
الخليج العربي تحديدا، ضالعة سياسيا في الأزمة السورية بشكل أو بآخر، فإنها لا تستقبل على أراضيها أي لاجئين سوريين منذ اليوم الأول للثورة السورية.
وآخر مستقبلي اللاجئين كانت سويسرا التي أعلنت حكومتها استقبال ألفي سوري من الفئات الأكثر تضررا وفروا إلى بلدان مجاورة لكنهم لا يستطيعون البقاء فيها.
وبحسب أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يستقبل لبنان ما يقارب المليون لاجئ سوري، إلى جانب اللاجئين
الفلسطينيين الموجودين هناك أصلا، كما يستقبل الأردن رقما مشابها، إلى جانب اللاجئين الفلسطينيين.
أما ألمانيا فقد استقبلت مليون مهاجر، منهم 660 ألفا يملكون تصاريح إقامة، وعدد كبير منهم من السوريين الذي يصلون من تركيا عبر البحر الذي يموت كثيرون منهم غرقا في مياهه.
المفكر والمحلل السياسي الأردني، لبيب قمحاوي، رأى أن العالم بشكل عام بدأ يتقلص وينزوي على نفسه، وآخر مظاهر هذا الانزواء انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار إلى أن الحقبة الذهبية لحقوق الإنسان بدأت تزول لصالح المصالح الذاتية للشعوب.
وفي حديثه لـ"
عربي21"، قال قمحاوي إن الدول العربية فقدت الاهتمام بالعروبة وأصبحت أكثر اهتماما بالدولة القطرية المنغلقة والمتعصبة، على حساب الالتزام بالهوية العربية الجامعة.
ورأى أن هذه الدول التي ترفض استقبال اللاجئين، تتعامل مع الموضوع أمنيا وسياسيا، ولا تراعي بذلك الأخلاقيات والجوانب الإنسانية.
ولفت إلى أن العزوف عن استقبال اللاجئين، لا يمكن تعويضه بالمال، على شكل مساعدات تقدمها للاجئين في أماكن أخرى خارج حدودها.
من جانبها، ردت المملكة العربية السعودية على تقارير إعلامية اتهمتها بعدم استقبال لاجئين، بأنها استقبلت 2.5 مليون سوري غير أنها لا تعاملهم كلاجئين.
وأشار بيان لوزارة الخارجية السعودية، إلى أن المملكة "حرصت على عدم التعامل معهم كلاجئين، أو تضعهم في معسكرات
لجوء، حفاظا على كرامتهم وسلامتهم، ومنحتهم حرية الحركة التامة".
الباحثة والحقوقية أماني سنوار، أشارت إلى أن بعض دول الخليج استقبلت بعض السوريين بالفعل، لكن كأجانب ومقيمين وليس بصفة لاجئين، أي إنه يترتب عليهم الحصول على صفة الإقامة قانونيا.
وأشارت في حديث لـ"
عربي21"، إلى أنه غالبا ما تكون مسؤولية اللجوء على دول الجوار، والقوانين الدولية تلزم هذه الدول باستقبال اللاجئين.
وعن استنكاف بعض الدول العربية عن استقبالهم، خصوصا الخليجية منها، قالت السنوار إن هذه الدول لا يوجد لديها ثقافة التعامل مع اللاجئ، ولا شيء في قوانينها أو دساتيرها ينظم هذا الأمر.
وبحسب السنوار، فإن هذه الدول لم تستقبل في وقت من الأوقات أي مهاجرين منذ الهجرة الفلسطينية، وانتهاء باللجوء السوري.
وشددت الباحثة الحقوقية على أن هذه الدول عليها مسؤولية قانونية وأخلاقية تجاه اللاجئين السوريين، خصوصا أنها ضالعة في الأزمة ومتدخلة في مسار الثورة، ما يحملها بعض المسؤولية في تخفيف الضرر على مواطني سوريا.
وعند الدعم المالي للدول المستضيفة، قالت إن الدعم لا يكفي ولا يعفي هذه الدول من مسؤوليتها.
سياسيا، قالت سنوار إن بعض الدول تتخوف من الآراء السياسية التي يحملها اللاجئون معهم، لكنه من غير المنطق أن تحاكم الأعداد الكبيرة منهم بشكوك ونوايا مسبقة.
ولفتت إلى أن
أوروبا بدأت الآن العمل بنفس النهج، وتحاول التنصل من استقبال اللاجئين بعقد اتفاقات لدعمهم في أماكن، كالاتفاق الأوروبي التركي الأخير، أو دعم الأردن ولبنان من أجل إبقاء اللاجئين هناك.