علقت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها على مجريات معركة
حلب، بالقول إنها تعبير عن فشل الغرب.
وتبدأ الصحيفة افتتاحيتها، التي ترجمتها "
عربي21" بالقول: "آباء متعبون يحملون على أذرعتهم أطفالهم الخائفين، والشباب الصغار يدفعون الرجال الكبار في العمر بعربات بدائية أو على كراسي متحركة، وتقوم العائلات بجر حقائبها المتخمة".
وتبين الافتتاحية أن "هذه مشاهد من موجة الهجرة الجديدة من حلب الشرقية، فمع دخول قوات الحكومة إلى آخر معقل للمعارضة في المدينة، بمساعدة من المليشيات الشيعية من العراق وإيران وحزب الله، فقد تم اعتقال المئات من الرجال الذين اختفوا، وتخشى عائلاتهم ومنظمات حقوق الإنسان من أنهم قتلوا، أو أنهم كانوا ضحايا لشبكة
الأسد من السجون ومراكز التعذيب التي قتل فيها الآلاف".
وتشير الصحيفة إلى أن "الهجمة الشرسة التي يقوم بها النظام السوري والروس جارية منذ أسابيع، لكنها أصبحت اليوم أكثر كثافة، حيث تتقدم نحو ما يمكن القول إنها نهاية اللعبة، التي تقوم على استراتيجية القصف العشوائي والإرهاب والتدمير، فقد حذرت الأمم المتحدة من تحول المدينة الثانية في
سوريا إلى مقبرة جماعية ضخمة جراء هذه الاستراتيجية، وكان الجيش التابع للنظام قد وزع الملصقات التي تدعو المواطنين إلى الفرار أو مواجهة خطر الإبادة".
وتجد الافتتاحية أن "حلب، التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون لنظام الأسد، مكتوب عليها الدمار والهزيمة الشاملة، وتظهر الرسائل التي وضعها السكان على مواقع التواصل الاجتماعي المناشدات الأخيرة، وتعبر عن فقدان الأمل، ووصف ممثل للأمم المتحدة الوضع بأنه (سقوط في الجحيم)، وكان مسؤول في وزارة الخارجية قال إنه لا يمكن فعل الكثير، فقد دعت الدول الغربية إلى انعقاد جلسة طارئة في مجلس الأمن".
وتستدرك الصحيفة بأنه "بعيدا عن كلمات الشجب والتحذير من الكارثة الإنسانية، وما تحدثت عنه فرنسا (من مجازر كبيرة قد تحدث)، فإن عجز مؤسسات الأمم المتحدة بدا واضحا، وفي لندن، وأثناء جلسة مساءلة رئيس الوزراء في البرلمان، جلب النائب أنغاس روبرتسون الأزمة السورية للنقاش، ومرة أخرى تجنب نواب حزب العمال السؤال".
وتلفت الافتتاحية إلى الآلة الدعائية الروسية، التي كانت ناشطة للعمل مع النظام السوري، وحاولت تأطير الأحداث في لغة "التحرير" لسكان وصفتهم بأنهم رهائن للإرهاب "الإسلامي".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "هذا كلام غير صحيح، كما أنه مثير للسخرية، فـ(الإرهابيون) هي صفة ألصقت بمعارضة الأسد منذ بداية ثورة الشوارع السورية ضد الديكتاتورية عام 2011، وهي ثورة تحولت إلى حرب أهلية، بعدما قررت حكومة دمشق نشر القوة العسكرية ضد شعبها، التي اشتملت على الصواريخ والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية".
وتنوه الافتتاحية إلى أن "نظام الأسد كان في صيف عام 2015 يعاني من أزمة خطيرة وإمكانية الإطاحة به، وعندها قامت
روسيا بشن تدخل عسكري، في وقت قدمت فيه تصريحات كلامية حول الالتزام بالعملية السياسية، وهدفت روسيا من التدخل العسكري إلى تغيير دينامية الحرب، وإنقاذ حليف محاصر، ومن خلال ترسانتها العسكرية في سوريا وأنظمة الدفاع الصاروخية (أس- 400) القوية، فقد استفادت روسيا من التردد الغربي، والخوف من التورط في الحرب السورية، في وقت أكدت فيه واشنطن بوضوح أن أولوياتها هي محاربة
تنظيم الدولة، وليس إنهاء الجرائم التي تقوم بارتكابها قوات الأسد".
وتبين الصحيفة أن "روسيا لم تغض الطرف عن هذه المذابح، بل ساعدت فيها، ويقول المسؤولون في موسكو الآن إنه سيتم حل الأزمة في حلب مع نهاية العام، وهذا يعني تعرض ما يقدر عددهم بـ250 ألف نسمة، ممن بقوا في حلب الشرقية، إما للتشريد أو الاعتقال أو القتل".
وترى الافتتاحية أن "مصير حلب، التي يسيطر عليها المعارضون لنظام الأسد، يعبر عن فشل ذريع لسياسات الغرب المتناقضة والمتدرجة، ويعد إهانة للأمم المتحدة، وسقوط حلب سيكون نصرا لا نظير له للاستراتيجية الروسية، وستنضم حلب إلى القائمة سيئة السمعة من المدن التي أصبحت مرتبطة بالجرائم الجماعية، التي ارتكبت أمام نظر العالم وتحت سمعه: سبرينتشا وغروزني وحتى غرنيكا، ومرة أخرى (لن يحدث هذا) وقد حدث مرة أخرى".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إنه "من الصعب فهم تداعيات الحرب في حلب على التشدد وميزان القوى في المنطقة، لكنها بالتأكيد ليست جيدة".