نشرت صحيفة "
دير شبيغل" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن
الانتخابات النيابية المزمع تنظيمها في
الكويت، تناولت فيه العلاقة المتوترة بين الأمير ونواب الشعب المنتخبين، والخلافات التي دفعت بالشيخ صباح الأحمد الصباح لحل البرلمان في عدة مناسبات.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
البرلمان الكويتي يعد فخر الأمة، ودائما ما تفتخر العائلة الحاكمة في كل مناسبة بأن بلدها شهد انعقاد أول مجلس وطني منتخب من قبل الشعب في سنة 1963، أي بعد الاستقلال مباشرة، لتكون الكويت أول دولة خليجية بمؤسسات ديمقراطية.
وذكرت الصحيفة أنه على الورق، يتمتع نواب الشعب الكويتي بصلاحيات واسعة تفوق معظم المشرعين في دول الشرق الأوسط، حيث يخول لهم الدستور عزل وزراء الحكومة بتصويت حجب الثقة، ويمكن لهم بأغلبية الثلثين تعطيل قرارات الأمير، كما يحق لهم التدخل في عملية تعيين ولي العهد.
واستدركت الصحيفة أن هذا فقط على المستوى النظري، إذ أن تجربة التشارك في الحكم في الكويت تعيش أزمة متواصلة، وسيتوجه حوالي 480 ألف ناخب يوم السبت لانتخاب برلمان جديد، وهي الانتخابات السابعة في فترة لا تتجاوز عشر سنوات. فمنذ اعتلاء الأمير الشيخ الصباح العرش في سنة 2006، قام بحل مجلس الأمة في سبع مناسبات، لأنه اعتبر أحيانا أن النواب "أصبحوا يمثلون تهديدا للمصالح العليا للوطن"، وفي أحيان أخرى اتهمهم بخرق الدستور. وفي هذه المرة علل قراره بوجود "تحديات يواجهها الأمن القومي".
واعتبرت الصحيفة أن السبب الحقيقي لهذه القرارات يبقى أكثر عمقا، وهو أن النواب أرادوا استدعاء الوزراء للاستجواب تحت قمة المجلس، في حين أن المناصب الحساسة في الحكومة يشغلها أعضاء من العائلة الحاكمة، ولذلك اعتبر الأمير أنه من غير المقبول أن يقف أقاربه أمام نواب الشعب لتبرير قراراتهم والإجابة عن الأسئلة، وقرر حل مجلس الأمة قبل اكتمال مدته النيابية، والدعوة لانتخابات مبكرة في سبع مناسبات خلال العشرية الأخيرة.
وبحسب الصحيفة، فإن هذا معناه أن النواب المنتخبين أصبحوا مطالبين بالتنازل عن الصلاحيات والحقوق التي كفلها لهم الدستور، كشرط ليسمح لهم الأمير بممارسة مهامهم دون تعطيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكويتيين سيتوجهون هذه المرة لمكاتب الاقتراع، في وقت تواجه فيه البلاد صعوبات اقتصادية كبيرة، حيث تعاني الموازنة الكويتية من تراجع عائداتها من المحروقات بعد انهيار أسعار النفط، خاصة وأنها جنت، في سنة 2013، أكثر من 108 مليارات دولار من تصدير النفط والغاز، ولكن تقديراتها في هذه السنة تشير إلى أن المبلغ سينخفض إلى حدود 45 مليار دولار.
ولمجابهة هذا التراجع، قرر الأمير إقرار إصلاحات اقتصادية صارمة، حيث تم فرض ضريبة على القيمة المضافة وأخرى على الشركات، كما تقرر خفض الإنفاق الحكومي. وقد شعر المواطنون بتأثير هذه الإجراءات التقشفية وخاصة زيادة أسعار المحروقات، حيث ارتفعت بنسبة تفوق 80 بالمائة منذ أيلول/ سبتمبر الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن نواب الشعب يعارضون هذه الإجراءات، ويطالبون عوضا عنها بفرض إجراءات على الوافدين، البالغ عددهم حوالي 3 ملايين عامل أجنبي في الكويت. وخلال الحملة الانتخابية، طالب عدد من الشخصيات البارزة بإلغاء حق الأجانب في العلاج في المستشفيات العمومية، إلا أن ذلك يبدو صعبا في ظل المنافسة الكبيرة التي تخوضها دول مجاورة مثل قطر والإمارات لاستقطاب أفضل الأدمغة والكفاءات، وهو ما أدى لمغادرة الكثيرين للكويت بحثا عن مرتبات ونمط عيش أفضل في هذه البلدان.
وقالت الصحيفة إن الكويت، رغم ما قد توحي به ناطحات السحاب المنتشرة في العاصمة من حداثة، لا تزال مجتمعا تحكمه التقاليد القبلية بعد 50 سنة على استقلالها. وتعتبر قبيلتا العازمي والمطيري الأكبر في البلاد، بتعداد يناهز 40 و45 ألف شخص، وهو ما يجعل هذه الانتماءات تؤثر بشكل كبير على خيارات الناخبين. وقد أصدر زعماء القبائل تعليمات بالتصويت فقط لأبناء هذه القبائل، أو المرشحين الذين حصلوا على دعمها بشكل رسمي.
وحول حضور المرأة، ذكرت الصحيفة أن 287 مرشحا يتنافسون على 50 مقعدا في هذه الانتخابات، من بينهم 14 امرأة فقط. ومنذ سنة 2005، صدر قرار بتمكين النساء في الكويت، اللاتي تمثلن أكثر من نصف الناخبين في البلاد، من الحق في التصويت والترشح للانتخابات. لكن في المحطات الانتخابية السبعة التي تلت هذا القرار، نجحت ثلاث نساء فقط في دخول مجلس الأمة. أما في المجلس الذي تم حله مؤخرا، فقد كانت هناك نائبة واحدة.
وعزت الصحيفة ذلك إلى الطبيعة المحافظة للمجتمع الكويتي، والتحالفات القبلية بين السياسيين، حيث أن هذه الظروف ستمنع النساء من التواجد بأعداد تذكر في المجلس المقبل.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الانتخابات ستكون ذات أهمية خاصة، لأن الأمير الشيخ الصباح بلغ من العمر 87 سنة ويعاني من مشاكل صحية، وعلى الرغم من أنه من المؤكد أن البرلمان لن يقرر من سيكون ولي العهد، حيث أن الأمير نواف هو المرشح الأبرز لقيادة البلاد، إلا أنه في حال توليه السلطة، سيكون من حق مجلس الأمة اختيار ولي العهد الذي سيخلفه. وهو قرار ربما يتخذه مجلس الأمة خلال فترته النيابية التي تدوم أربع سنوات، إذا لم يقم الأمير مجددا بحله والدعوة لانتخابات مبكرة.