يعيش العرب
السنة في
العراق أسوأ حالات التمزق والتشتت بعد فقدانهم العديد من مناطق تواجدهم وتعرض أعداد كبيرة منهم للقتل والتهجير القسري بدوافع طائفية وسط فشلهم في تحقيق أي مكسب يحفظ حقوقهم من خلال العملية السياسية الجارية منذ الاحتلال الأمريكي وحتى اليوم.
وتعرضت المحافظات السنية العراقية لهجمات شرسة من قبل المليشيات الشيعية المدعومة من إيران وعلى الرغم من أن الذريعة دائما كانت تنظيم القاعدة في العراق والذي تحول لاحقا لتنظيم الدولة إلا أن هذه المليشيات لم تكتف بإخراج التنظيم بل كانت تعمد إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للمدن بإحلال مكون طائفي آخر محل السنة.
وفي ظل الهجوم على
الموصل ومشاركة الحشد الشعبي الذي يشرف عليه الحرس الثوري الإيراني بذريعة طرد تنظيم الدولة تثار تساؤلات حول خيارات العرب السنة في ظل تهديدهم بأكبر تجمع سكاني لهم في الموصل وما ينبغي عليهم فعله للخروج من حالة التمزق والاستنزاف؟.
الخبير في العلاقات الدولية والباحث العراقي الدكتور عمر عبدالستار قال إن السنة الآن يمرون بأسوأ مرحلة تهدد وجودهم كمكون من مكونات الشعب العراقي.
وقال عبدالستار لـ"عربي21" إنه "لا مستقبل للعراق بلا سنة وإذا وصلنا إلى هذه المرحلة عبر احتلال الموصل من قبل المليشيات الشيعية فإن كردستان سيتم محاصرتها وتركيا لن تجد لها منفذا على العراق وسيخسر الجميع والرابح الوحيد إيران".
وأوضح أن العرب السنة وقعوا ضحية تجارب فاشلة في العملية السياسية التي جرت تحت سقف السياسة الإيرانية وكانت خسائرهم متتالية.
وأشار إلى أن أحد أكبر أخطاء السنة في العراق هو التركيز على بغداد وفكرة العاصمة المركزية مشددا على ضرورة التركيز على المحافظات السنية وتحييد الاهتمام ببغداد حاليا من أجل محافظاتهم ومدنهم.
ورأى أن فكرة الدولة المركزية في العراق انتهت ولذلك ينبغي الاهتمام بالمحافظات وبالتعاون مع الدول الإقليمية واستلهام تجرية كردستان التي أنشأت إقليما وقامت بتوحيد أجزائه بعد معاناة سنوات طويلة.
وشبه عبدالستار حال العرب السنة الآن بحال
الأكراد بعد خروج العراق من الحرب مع الكويت عام 1991 إذ استطاعوا بعدها الحصول على إدارة للإقليم وتشكيل برلمان ولملموا صفوفهم بعد تعرضهم لضربات قاسية من النظام العراقي السابق في حلبجة حين قصفوا بالسلاح الكيماوي وتم إبادة المئات منهم.
ولفت إلى أن أحداث عام 2014 دفعت السنة بشكل كبير إلى كردستان التي وجدوا فيها ملجأ بعد الهجوم على مناطقهم واحتضان الإقليم لهم عامل مهم ينبغي أن يبنوا عليه توجهاتهم المستقبلية.
وقال إن فكرة الإقليم السني والتركيز على المحافظات السنية نينوى والأنبار وصلاح الدين يجب أن تكون حاضرة في ذهن القيادات السنية إذ إن الاستمرار وفق المعادلة القديمة للشراكة السياسية في العراق أمر ثبت فشله وإيران لا تريد سوى "عراق موحد" تحت سيطرتها بالكامل وليس تحت سيطرة أبنائه من كافة المكونات.
وشدد على أن أربيل الآن عامل مهم بالنسبة لسنة العراق وهي الاستثناء الوحيد في حالة الدمار التي أصابت العراق ووجودها بالإضافة إلى الدعم التركي شكل عامل توازن وضغط على بغداد.
وقال عبدالستار إن فشل مساعي بغداد في تقسيم إقليم كردستان وإفشال تجربته بالإضافة لنتيجة المعركة المقبلة في حال لم تسقط الموصل بيد المليشيات الشيعية سيدفع الأمور باتجاه إنشاء إقليم سني وربما تشهد السنوات القادمة تكوّن هذا الإقليم بشكل شبيه بإقليم كردستان.
وعلى صعيد دعم تشكيل الإقليم قال عبدالستار إن تركيا والسعودية والأكراد يجب أن يلعبوا دورا في دعم القيادات السنية لتشكيل هذا الإقليم عبر مؤتمر دولي.
لكن عبدالستار حذر من نشوب بعض المشكلات مع الأكراد في حال نشأ الإقليم السني بسبب التداخل في مناطق النفوذ والتواجد العرقي.
وشدد على أن هذه الإشكالات غالبا سيتم تجاوزها سريعا ولن تتطور الخلافات لتصل إلى شكل العلاقة التي ظهرت مع العرب
الشيعة بعد سقوط بغداد بفعل الدعم والتحريض الإيراني.