تشهد
تونس جدلا واسعا بسبب
حزب التحرير الذي يتجه القضاء لحظره، وسط تباين في الآراء والمواقف التي يدعم بعضها بقاءه حفاظاً على الحريات العامة، بينما يدعم البعض الآخر حظره على اعتبار أنه لا يعترف بالنظام ولا بالدستور في البلاد ويطالب بإقامة دولة الخلافة الإسلامية.
ونشرت وكالة الأنباء الفرنسية ووكالة الأنباء الألمانية الأربعاء الماضي خبر إحالة ملف حزب التحرير للقضاء العسكري تمهيداً لاتخاذ قرار بشأن حظره أو بقائه، وذلك على الرغم من أن الحزب حاصل على ترخيص رسمي من السلطات التونسية منذ العام 2012.
ورغم أن حل الحزب كان مُنتظرا بالنّظر للإجراءات القضائية التي انطلقت فيها الحكومة ضدّه؛ أثار الحديث عن إحالة القضية للقضاء العسكري، جدلا كبيرا في الأوساط الحقوقية والسياسية في تونس.
وكان وزير العدل التونسي قد طالب النيابة العمومية بفتح تحقيق ضد الحزب على خلفيّة إصداره بيانا وُصف بالخطير صدر يوم 30 آب/ أغسطس 2016 إثر تمزيق رجال الشرطة للافتة تعلو مقر الحزب في محافظة أريانة، حيث توعد الحزب في بيانه الحكومة التونسية باقتراب ساعة حسابها و"أسيادها الإنجليز"، وجاء فيه "أن دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي لاحت بشائرها قد يكون لها طلقاء كطلقاء مكة، ولكن هناك رؤوسًا وأياديَ ستقطع ولو تعلقت بأستار الكعبة".
الوزير لا ينفي ولا يُؤكّد
وقال مهدي بن غربية، الوزير المُكلّف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمُجتمع المدني وحقوق الإنسان، في تصريح لإذاعة شمس، إنه لا يُؤكّد ولا ينفي تغيير مساري التقاضي بين الحكومة وحزب التحرير من القضاء المدني للقضاء العسكري، مُؤكّدا أن كلا السلطتين القضائيتين لهما كل الحق في حل الحزب ومحاكمة منتسبيه ممن تجاوزوا القانون.
واعتبر بن غربية أن حزب التحرير لا يُمكن أن يكون حزبا سياسيا يشارك في الحياة الوطنية، وأن كل الأحزاب السياسية ينبغي لها احترام دستور 2014، مُؤكّدا أن الحكومة ملتزمة بتطبيق القانون الذي لا يسمح لها بحل أي حزب وأن مهمة الحكومة تقف عند تحريك الدّعوة القضائية ضد المُخالفين.
وأضاف: "حزب يعتقد أننا مازلنا نعيش مؤامرة وكل الدولة مرتبطة بالعمالة الإنجليزية ويختزل التاريخ في قناعاته سنة 1920، هو حزب خارج التاريخ".
المرزوقي يُحذّر
من جهته، دعا الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، في تدوينة على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، القوى الديمقراطية إلى التصدّي لأي مس بحق الرأي والتنظم مهما كانت التجاوزات المرتكبة، مُطالبا بإحالة التجاوزات إلى قضاء مدني مستقلّ قولا وفعلا والتخلص نهائيا من فكرة إقحام المؤسسة العسكرية في الخلافات والتجاوزات السياسية، وفق تعبيره.
وتابع: "لا شيء جمعني أو سيجمعني يوما بحزب التحرير: لا المشروع، لا الأفكار، لا سلّم القيم ولا التصريحات غير المسؤولة الأخيرة. لكن ما يتردّد عن محاولة حلّه وحديث البعض وإنكار البعض الآخر عن إحالة ملفّه على القضاء العسكري يشعل الأضواء الحمراء داخل وعيي لأنه يذكرني ببداية التسعينيات"، في إشارة لهجمة نظام بن علي على حركة النهضة والتي وُظّف فيها القضاء العسكري.
حركة النّهضة: لا تعليق
وقال نائب رئيس حركة النهضة ورئيس كتلتها البرلمانية، نور الدين البحيري، إن ملف حزب التحرير موجود حاليا لدى القضاء، وإنه احتراما لهذه السلطة وحتى لا يُقال فيما بعد إن حركة النهضة أثرت على قرار القضاء، يرفض الإفصاح عن رأيه حول هذا الموضوع.
وأشار البحيري إلى أن النهضة ضد التعدي على الدستور وأن الدّولة يجب أن تُطبّق القانون ضد كل من يرتكب تجاوزا أو جريمة، مُضيفا: "القضاء لديه دراية بالقوانين فلنتركه يقوم بمهمته".
وتابع: "كل حزب يهدد بقطع الأيادي والألسن وبخرق الدستور هو حزب خارج عن إطار الدستور ويهدد بارتكاب جرائم ذات طابع إرهابي لأنها تمس بالأمن العام وبوجود الدولة".
استمرار الصّراع القضائي
يُذكر أن الصّراع بين حزب التّحرير والحكومة التونسية كان قد بدأ يوم 3 حزيران/ يونيو الماضي بمنعه من عقد مُؤتمره رغم نجاحه في استصدار حكم قضائي من القضاء الإداري يقضي ببطلان إجراءات المنع التي أقدمت عليها الحكومة.
ونجح حزب التحرير أيضا في استصدار حكم قضائي، يوم 29 آب/ أغسطس، ينقض حكما آخر يقضي بتجميد نشاط الحزب لمدّة شهر كان قد صدر يوم 15 من الشهر ذاته، وهي المُحاولة الفاشلة الثانية للحكومة بعد مُحاولة سنة 2014 لتجميد نشاطه.
ويرى مُراقبون أن انتصار حزب التحرير قضائيا في أكثر من مناسبة على الحكومة قد يكون وراء تحريك إمكانية اللجوء للقضاء العسكري.
وحصل حزب التحرير على ترخيص لنشاطه سنة 2012، وأثار كثيرا من الجدل منذ حصوله على الترخيص بسبب عدم اعترافه بالدّستور وبالدّيمقراطية.