قبل حوالي ثلاثة أشهر، أي في شهر أبريل الماضي، أوردت وكالة الأسوشيتد برس خبراً مفاده أنّ الادّعاء الألماني قام بتوجيه تهم بالتجسس لإيرانييّن كانا ينتميان سابقا إلى المعارضة الايرانية في الخارج، لكنّهما تحوّلا فيما بعد للعمل لصالح الاستخبارات الإيرانيّة للتجسس على بعض أعضاء ما يعرف باسم "مجاهدي خلق" في ألمانيا وفي أوروبا.
وقبل يومين، قامت السلطات الألمانية أيضاً باعتقال جاسوس باكستاني الجنسية يعمل لصالح الاستخبارات
الإيرانية، وقال مكتب المدّعي العام الألماني بأنّ المتّهم المعروف باسم سيدّ مصطفى ح. ويبلغ من العمر 31 عاماً قد تم إلقاء القبض عليه في 5/ 7 وذلك بتهمة التواصل مع وحدة استخباراتية إيرانية.
وبالتزامن مع هذا الخبر، نشرت وسائل الإعلام خلاصة عن ما ورد في التقرير السنوي للاستخبارات الألمانيّة حول إيران، حيث أشار التقرير الى أنّ إيران لا تزال تواصل جهودها السريّة للحصول على التكنولوجيا والمعدّات النووية بطريقة غير مشروعة عبر الشركات الألمانيّة، كما لفت التقرير إلى أنّه واستناداً إلى المعلومات المتوافرة، فمن السليم الاعتقاد بأنّ إيران ستواصل على الأرجح محاولاتها في ألمانيا للحصول على ما تريده باستخدام أساليب سريّة.
كما حدد التقرير وفقا لما أوردته وسائل الإعلام وجود حوالي ألف عنصر في ألمانيا مرتبط بالجموعات الإرهابية المدعومة من قبل إيران من بينهم 950 محسوبون على
حزب الله. وقد أكّدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلاصة التقرير أمام مجلس النواب مضيفةً أنّ إيران خرقت القواعد عبر تطوير برنامجها الصاروخي بلا هوادة بما يتعارض مع أحكام مجلس الأمن ذات الصلة بالموضوع، وأنّ منظومة الصواريخ المضادة التابعة للناتو بما في ذلك الدرع الصاروخي في رومانيا وفي بولندا هو رد على برنامج إيران الصاروخي.
هذه المعطيات المتعلقة بالجهود الإيرانية التخريبية حول العالم تؤكّد مجدداً أنّ نظام الملالي غير قابل للإصلاح، وأنّ طريقة التعامل معه لا تكون بمزيد من الانفتاح عليه والتراخي أمامه، لأنّ مثل هذا الأمر سيضخّم من سلوكه السلبي ويعطيه المزيد من الثقة بالنفس، وإنما بتحصين الذات والعمل على ردعه ونقل المعركة إلى ملعبه لرفع التكاليف بشكل كبير.
صحيح أنّ بعض الدول الإقليمية قامت مؤخراً ببعض الخطوات التي تساعد على جعل خسائر إيران المباشرة بمثابة استنزاف موجّه، لكن لم تتحقق حتى الآن العناصر الثلاثة المذكورة أعلاه بشكل متكامل، وبالتالي فإن الخطر الايراني لم يعد محصوراً بمنطقة الخليج العربي أو بالمنطقة العربية وإنّما تعدّاه إلى أبعد من ذلك ليصل إلى الدول الأوروبية نفسها التي سبق لبعضها أن ساعد نظام الملالي بطريقة غير مباشرة في تطوير برنامجه النووي أو في خرق العقوبات التي كانت مفروضة عليه أو على مد نفوذه الإقليمي.
واذا ما أضفنا ما تحدّثنا عنه أعلاه الى حقيقة أنّ إيران لا تزال الدولة الأكثر دعماً للإرهاب في العالم وفق تقرير وزارة الخارجيّة الأمريكيّة وأنّ الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إدارة أوباما مع الجانب الإيراني قد فاقم من خطورة النظام الإيراني، فهذا يعني أنّ الظروف التي من شأنها أن تدفع هذا النظام للتراجع عن سلوكه التخريبي وأسلوبه التدميري في المنطقة لم تتغيّر بعد، وبالتالي فليس علينا أن نتوقّع ما يخالف المتعارف عليه في ما يرتبط بطريقة تصرّفه بغض النظر عن الأشخاص والمسميات الموجودة في السلطة هناك.