اتهم الإعلامي
المصري، إبراهيم عيسى، حكومة رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي بالكذب، والفشل، والتدليس، في دفاعها أمام المحكمة الإدارية العليا، الأحد، عن سعودية جزيرتي "تيران وصنافير"، داعيا السيسي إلى تنظيم استفتاء حولهما، على شاكلة الاستفتاء الإنجليزي حول الاستمرار ضمن إطار الاتحاد الأوروبي.
وشنت جريدة "المقال" التي يرأس عيسى تحريرها، حملة عنيفة على الحكومة المصرية، الاثنين، قائلة إنها حكومة كذابة لأن محاميها ادعى أمام المحكمة أن مصر تحتل تيران وصنافير، وفاشلة لأنها قدمت للمحكمة قصاصات وعبارات من كتب، ومحضرا لحكومة عاطف صدقي عام 1990، ومدلسة، لأنها اعتمدت على طبخة قانونية بائسة وضغوط وإغراءات ما قبل المعاش، وفق الصحيفة.
وشددت الكاتبة المتخصصة في الشؤون القضائية، رنا ممدوح، في مقالها بالجريدة، على أن "تيران وصنافير مصرية برغم كيد الحكومة وألاعيبها"، مثنية على تمكن المحامين (ضمن هيئة الدفاع عن مصرية الجزيرتين) من إجبار المحكمة على تأجيل حسم طعن الحكومة إلى ما بعد 30 حزيران/ يونيو الجاري.
ووصف الكاتب الصحفي أحمد رمضان الديباوي، في مقاله بـ"المقال"، محامي الحكومة بأنهم "محامو آل سعود في حكومة شريف إسماعيل"، بحسب تعبيره.
وشدد الكاتب حسام مؤنس، في الجريدة نفسها، على أن "الشعب يرى أنه صاحب الأرض وحكومته ترى أنها حكومة احتلال"، مشيرا إلى أن المستندات المقدمة من الحكومة لم تشهد تقديم جديد عما نشرته وأعلنته من قبل.
الشعب الإنجليزي أبهر العالم.. لكنه لا يبهر السيسي
أما إبراهيم عيسى فكتب مقالا بعنوان: "الشعب الإنجليزي أبهر العالم.. لكنه لا يبهر حكامنا طبعا"، وجه فيه دعوة مبطنة إلى السيسي، من أجل تنظيم استفتاء شعبي حول مصير الجزيرتين، اقتداء بالاستفتاء الإنجليزي.
وقال عيسى: الشعب البريطاني يستحق هذه الديمقراطية جدا وفعلا، إذ يجري استفتاء ينتهي بنتيجة بعد معركة تطحن العظام سياسيا، ويقبلها الجميع ويحترمها المختلفون معها، ولا أحد اتهم أحدا بمحاولة تفكيك إنجلترا، ولا أحد زعل من الشعب المنقسم نصفين تقريبا، وليس ممكنا جمعه في قبضة واحدة، ولا اتهم بعضه بعضا بالعمالة والخيانة، بل خلاف سياسي عميق ورهيب تتم إدارته بمنتهى الرقي والاحترام، على حد وصفه.
ويذكر أن إبراهيم عيسى لم يقف هذا الموقف مع نظام حكم الرئيس محمد مرسي، وظل يكيل الاتهامات الكاذبة إليه، بأنه أثار الاستقطاب بين المصريين، وبأنه يقود البلاد إلى حرب أهلية.
وفي مقاله الجديد أضاف عيسى: "طبعا.. ليس في إنجلترا من يقدس الرئيس ويؤلهه ويعتبر الكلمة التي تخرج من فمه آية من آيات الله لابد من نفاذها، وإلا سقطت هيبة الدولة".
وأشار (في انتقاد مبطن لنظام حكم السيسي) إلى أن "هيبة الدولة عند البعض في مصر تسقط لو أن إرادة الشعب هي التي تحققت وخالفت كلمة الرئيس، بينما هيبة الدولة لا تسقط وتنداس بالأرجل مع مهزلة استمرار امتحانات الثانوية برغم استمرار تسريب الأسئلة، وكأن هيبة الدولة لا تهان وتنهار عندما تعلن وزارة الداخلية كل يوم عن شاب أو عن موظف هو المسؤول عن تسريب الأسئلة، وتحتفل بانتصارها الزائف، ثم تتسرب الأسئلة في اليوم التالي على حفلة التفاهة التي تنعقد ابتهاجا بالقبض على المسربين"، على حد تعبيره.
وتابع عيسى: "كأن هيبة الدولة لا تتمرمغ في التراب عندما يتم التحايل على الأحكام القضائية، والإصرار على تسليم أرض مصرية بحكم الدستور والقضاء إلى دولة أخرى".
والأمر هكذا، لجأ عيسى للإسقاط على الواقع المصري فقال: "الشعب الإنجليزي يستحق هذه الديمقراطية، لأنه لا ينتج مسؤولين جهلة سياسيا، إمعات ينفذون التعليمات، هم قطيع كل حاكم، وخدم كل قصر، ولأنه يملك أحزابا حقيقية، وليست أحزابا مملوكة كالشركات لمراهقين من رجال الأعمال أو مصنوعة في الأجهزة الأمنية أو تمت تربيتها في جنينة الدولة كالحيوانات الأليفة، أو أحزابا ورقية كارتونية تجتمع في غرف تمتلئ بدخان مدخني السجائر العصبيين والخلافات الصغيرة التافهة"، على حد وصفه.
وأردف (مواصلا إسقاطه) أن الشعب الإنجليزي يستحق هذه الديمقراطية لأنه لم يسمح لأحد بأن يقنعه بأنه ليس مستعدا للديمقراطية، أو غير مؤهل لها، بل كما يقنع حكام البلد الشعب المصري بذلك، ويبغبغ إعلام وساسة بهذه الصوصوة الاستبدادية منذ يوليو عام 1952 حتى يومنا هذا، وفق قوله.
وعودة إلى مصر، قال عيسى إن العالم كله كان قد اقتنع بـ"أننا شعب لا يؤمن بالديمقراطية بل شعب نرضى بالعبودية للحكام والتقديس للرؤساء والأبدية لهم على الحكم، ومن فرط مرور السنين ومصر تحت حكم الاستبداد دون أن يرف جفن للشعب بل وهو راض قانع مقتنع، أدرك العالم الغربي أن هذا الشعب عبودي النزعة، ولا أمل أبدا في أن يقوم وينهض ويسعى لحريته، فلما فعلها المصريون اتخض وفوجئ بل وذهل الخواجات، ولم يصدقوا، وكالوا المديح للمصريين في ما يشبه الاعتذار عن رأيهم العنصري السابق الذي تعايشوا معه سنين طويلة بأن المصريين كالعرب لا شأن لهم بالديمقراطية، وأنهم شعوب راضية بالذل".
وهنا اختتم عيسى مقاله بالقول: "طبعا تخلى العالم عن هذا الانبهار بعدها، حيث رأى الارتباك والعشوائية والعبث والإرهاب والسواد والمجلس العسكري والإخوان ولعب العيال، بل خصوصا عندما يرانا الآن نعود إلى ما يؤكد عنده الفكرة العنصرية، التي يروجها حكامنا بمنتهى الحماس والتصميم والعلانية للأسف، أننا شعب ما لوش (ليس له) في الديمقراطية ، وشعب بتاع: بالروح بالدم يا ريس".